أزمة الفأر
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]طلال محمد نور عطار[/COLOR][/ALIGN]
تأملت ما كتبته الأخت \”هالة الدوسري\” في جريدة الحياة بالعدد: (16626) على الصفحة (12) تحت نفس عنوان هذا المقال ، ومصدر تأملي الخلط العجيب الذي وقعت فيه الكاتبة ذاتها دون ان تدري ان الدفاع المسميت عن الغرب من البعض بهذه النظرة تنم عن ان هناك خللا في الخلفية الدينية والثقافية، قال تعالى في محكم التنزيل\” لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم\” الآية (120) من سورة البقرة.
فالتباهي بالغرب ووسائل اعلامه المختلفة وسلوكياته، ومراعاة مشاعره واحاسيسه لا يتفق اطلاقاً مع التندر بحكم الشريعة الاسلامية في الفأر كحيوان ضار يجب التخلص منه وقتله بحجة انتزاع رضا الغرب الذي يقم وزناً لميكي ماوس وجيري! على الرغم من ان الشخصيات الكرتونية الشهيرة في الغرب التي يفترض ان تختار حيوانات اليفة ومأنوسة، وليس حيوان ضار كالفأر الذي ثبت طبيا نقله لمرض الطاعون – ليس له علاقة البتة بالفأر الحقيقي الضار للانسان والوسط الذي يعيش فيه.
ونوهت الكاتبة – هداها الله – إلى مشهدين يستعين بهما بعض المثقفين المتأثرين بالغرب وقيمه وأخلاقه للحد من فضح ا ساليبه في التضليل وتشويه صورة الانسان المسلم في قيمه واخلاقه، واتخاذ سلوكيات الأقلية معياراً يعمم على الجميع كان المجتمع الغربي كله ملائكي وليس من البشر!
المشهد الأول: سخرية واستنكار \”الاعلام\” الغربي لحكم الشرع الاسلامي في \”الفأر\” ومضاره، وما يلحق من أذى بالانسان في أي مكان في العالم في حين قدمه الغرب كشخصية كرتونية محببة لمشاهديه من الجنسين من الذكور والاناث!!.
اهمس في اذن الكاتبة أن \”الغرب\” ووسائل اعلامه المختلفة قد اساءوا – ولا يزالون- يسيئون إلى رسول الاسلام عليه افضل الصلوات وأتم التسليم الذي صوروه زوراً وبهتاناً في رسوم كاريكاتورية.
واذكر الكاتبة ان من انتج المصادمات والفتن والارهاب الغرب ذاته، فمقولة \”صدام الحضارات\”، واحتلال العراق كبلد عربي، وافغانستان كبلد مسلم، وبقاء \”اسرائيل\” ككيان استعماري محتل لأراض الغير في وسط يلفظه بالكامل لانه لا يملك الارض ولا المكان ولا يزالوان يواصلون دعم هذا الكيان كأنهم يريدون تغيير مفاهيم الشعوب التي رسخت في التاريخ – قديمة وحديثة – ان سلطة \”الاحتلال\” مهما طال بها الزمن ستزول ان آجلاً أو عاجلاً ، كما زالت من قبل دولة استعمارية كبرى كانت تعبث بثرواتها ومواردها في المنطقة ذاتها.
واما المشهد الثاني التي اعدتها الكاتبة من المفارقات أن تأتي أزمة الفأر بينما يتبارى \”العالم\” تقصد بالطبع العالم الغربي باعلان اسماء وجنسيات الفائزين بجوائز \”نوبل\” في مجالات العلوم والطب والهندسة والادب والسياسة ممن اثروا الحياة الانسانية على كل الاصعدة بينما نخرج نحن بمزيد من \”المصادمات\” مع العالم، ونصد خطاباً – في رأيها – لا ينتج سوى المزيد من الفرقة والفتن!!
أود أن أهمس للمرة الثانية في أذن الكاتبة ان جائزة نوبل تحتضن كل من يجيد فن التسويق للقيم الغربية واخلاقياتها، وهناك مثالب عديدة ذكرها اغلب من حصل عليها في الغرب خاصة في اختيار شخصياتها في كل عام.!!
ولم اعد استغرب عن اسباب تركيز الكاتبة على الخطاب الديني دون ان تركز على الجانب الصحي أو الثقافي أو الاعلامي الذي يفترض أن ينصب مدار المقال كله.
كما انني لم اعد استغرب تماما ان الاسباب التي جعلتها لا تشير إلى مخاطر الانحراف الاخلاقي والسلوكي في الغرب في حين تتحامل على حكم شرعي يظهر مضار حيوان ضار ثبت طبيا بمخاطره على الانسان في أي مكان في العالم!!
التصنيف: