أديب النفس وأديب الدّرس .. ( عاصم حمدان )

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الرحمن بن محمد الأنصاري[/COLOR][/ALIGN]

سبق للأديب الأستاذ عبد المقصود خوجه، صاحب منتدى \”الاثنينية\” الشهير، أن تفضّل فأهداني منذ بضع سنوات إصدارات \” الإثنينية \” والمتضمنة \” الأعمال الكاملة \” لبعض الأدباء، وكان سبيلي مع تلك المكتبة ـ بما تعنيه الكلمة من معنى ـ تجزئتها أجزاءً بحسب المؤلف، فاخصص لكل مؤلف وقتا لقراءة إنتاجه، ووجدتُ ذلك أفضل وسيلة تمكنني من الاستفادة القصوى من تلك المكتبة الغنية التي أهدانيها أبو محمد سعيد الشيخ عبد المقصود خوجه . ومنذ أيام مضت، جاء الدور على \” الأعمال الكاملة \” لأديب طيبة الدكتور عاصم حمدان الأمر الذي أتاح لي عن قرب الاتصال بفكره وأدبه .. والحديث عن الأخ الدكتور عاصم حمدان ذو شجون وما سبق توطئة لما أريد أن أُحييّ به ما يبذله من الجهود المشكورة، بثا للمعرفة ونشراً للفضائل .. فمعرفتي به ممتدة لما ينوف عن الأربعين عاما ( ولعلّ في ذلك الكشف لمستور عُمْرينا نسأل الله حسن الخاتمة ).. ولعلّي أتجرأ، فأزعمُ أنّ النشأة الكريمة للأخ عاصم على الفضائل والمثل العليا في أكناف طيبة الطيبة، لم تُتح له وقتاً لأية صبوة قد يصبو مثلها لِداته وأقرانه، فقد كانت \” الصُّفّة \” أو ما يُعرف الآن ب \” دكّة الأغوات \” خلف القبر النبوي الشريف، هو المكان المفضل لجلوس الأخ عاصم، ومن الطريف أنني إلى وقت قريب كنتُ كلما مررت، بتلك البقعة الطاهرة، أتلفتُ وأقول لعلّ الأخ عاصم حمدان جالس فيها.. ومن وجهة نظري فإنّ منهج الأخ عاصم حمدان يمثّل بصدق وواقعية، أخلاق وسلوكيات أبناء طيبة الطيبة، من حيث البر، واللطف، ولين الجانب، والتودد إلى الناس، فالأخ عاصم قد أتاه الله نصيبا وافراً من تلك الأخلاق ، وإن أنسى لا أنسى اتصالاته الهاتفية التي لا تنقطع مع أديب طيبة وشاعرها الأستاذ عبد السلام هاشم حافظ رحمه الله، وبحكم كونه والد زوجتي وجد أبنائي كثيرا ما أجالسه، فيصادف ذلك اتصال هاتفي يتضمن سؤالاً عن صحته وأحواله، وأية خدمات يحتاجها يمكن للمتصل أن يقوم بها .. فإذا انتهت المكالمة، التفتَ إليّ الأستاذ عبد السلام قائلا وبامتنان : \” هذا عاصم حمدان، جزاه الله خيرا متصلا كعادته كل أسبوع \” .. وغني عن القول أنّ ذلك الاتصال والسؤال من الأخ عاصم لا يخصّ الأستاذ عبد السلام حافظ وحده، بل هو لكل معارفه وأساتذته، ومن يبرهم بره لأبيه رحمه الله، الذي هو نموذجٌ مُضيء لبر الأبناء بالآباء .
وقبل سنوات مضت نزغ الشيطان بيني وبين أخي عاصم حمدان، فوقع بيننا ما نتجت عنه جفوة، لم أسمح لها من جانبي، أن تُزيل من نفسي تقديري واحترامي له، أو تجعلني أنسى أو أتناسى فضله .. ولا أُبرئُ نفسي في تحمل جانب من وزر تلك الجفوة، ولكني أذكر هنا ما جرى بحذافيره للحقيقة و للتاريخ، فالحقيقة هي التي ينبغي لها أن تسود، سواء أ كانت لنا أو علينا، وحياتنا اليوم بكل تفاصيلها حلوها ومرها، هي في الغد القريب : تاريخٌ .. إن لم نكتبه نحن بما نعلم، كتبه غيرُنا بما لا يعلم الكثير من تفصيلاته ..فما حدث بيني وبين أخي الدكتور عاصم حمدان، وكدّر صفو ما كان بيننا من المودة .. هو : أنني مع ما سبق من معرفتي الطويلة بالأخ عاصم، إلا إنني لم أكن ملابسًا ومخالطا له، ملابسةً مخالطة أعلمُ منها ما يتصف به من الضيق الشديد بالنقد وتبرمه منه..
فقد كنتُ أكتبُ عمودا شبه يومي في جريدة المدينة بعنوان ( من الجعبة ) وكانت مواضيعه كمواضيع أي عمود صحفي، تحرص على أن تتناول الأمور اليومية القريبة والتي تجري في المجتمع، بما في ذلك بعض ما يكتبه الزملاء الآخرون في الصحف، وكان للأخ عاصم عمود أسبوعي في نفس الجريدة ولا يزال، وله فيه أسلوبٌ عبَّرتُ عن عدم استحساني له وهو أنه إذا كتب عن شخصية من الشخصيات التي يكتب عنها، حشد كل الأسماء التي بذاكرته، وأتى بأمور ( هي من وجهة نظري ) خارجة عن الموضوع .. وكان بإمكانه لو أراد، وبكل روح رياضية كما يقولون، أن يردّ هو عليّ في عموده، ويُفنّد رأي ويُبيّن وجهة نظره في أسلوبه ذلك الذي قلتُ إنه لم يرق لي .. ولكنه لم يفعل، فما فعله هو: أنه اهتبل مناسبة عزائنا لأستاذنا محمد صلاح الدين الدندراوي حفظه الله، في السيدة الكريمة والدته رحمها الله، فوجدها مناسبة مواتية لتصفية الحسابات مع الضعيف في جمع مشهود .. ذلك هو كل ما جرى ولا أُبرىء نفسي في حمل جانب من وزره وتبعاته، وقد مُحيت الآن بفضل الله وتوفيقه، كلّ آثاره السيئة من نفسي، وبقي فيها الرسوخ والثبات لفضائل أخينا الدكتور عاصم حمدان المتجددة، حفظه الله ومتعه بالصحة وطول العمر .
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *