توجت فرنسا بكأس العالم، لكن روسيا فازت بمكاسب اقتصادية وسياسية ورياضية، ربما لا تقل عن إنجاز “الديوك”، عبر تنظيم الحدث الكروي الأبرز بنجاح.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تظهر الأرقام أن نسبة السياح الأجانب القادمين إلى موسكو خلال فترة المونديال بلغ 3 ملايين، بزيادة قدرها 60 في المئة على الفترة ذاتها من العام الماضي.
وفق ما نقلت صحيفة “موسكو تايمز” الروسية الناطقة بالإنجليزية، نقلا عن مسؤولين. واستطاع المونديال جذب 700 ألف سائح أجنبي، مكثوا في 11 مدينة استضافت المباريات لتشجيع منتخباتهم. وأطلق موقع الحجوزات العالمي “Booking” تحذيرا قال فيه : إن 74 في المئة من العقارات في موسكو وسان بطرسبورغ كانت محجوزة في نهاية الأسبوع الأخير من المونديال، في إشارة تظهر حجم الرواج في هذا القطاع.
وأنفق الروس مبلغ 12 مليون دولار في الأسبوع الأول من المونديال لشراء مشروبات ووجبات خفيفة داخل الملاعب، وكانوا الأكثر إنفاقا من بقية المشجعين. وكانت المقاهي في المدن المضيفة تعج بالسياح والمشجعين، إلى درجة أن عرض المشروبات انخفض إلى مستويات قياسية، في إشارة تظهر رواجا كبيرا بسبب المونديال.
وذكرت منصة الإقراض الإلكترونية الروسية “Kviku” أن عدد زبائنها ارتفع بمقدار الربع، من أجل شراء تذاكر سفر وحجز إقامة في فنادق المدن المستضيفة.
وصعدت مبيعات أجهزة التلفزيون والهواتف الذكية بنسبة 20 بالمئة في مايو ويونيو، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وسياحيا، استطاعت روسيا جذب مزيد من مواطنيها الذين كان يرغبون في قضاء إجازاتهم في الخارج، إذ ارتفعت إلى 23 في المئة نسبة الذين بقوا في البلاد لقضاء الإجازة، بعد أن كانت 7 في المئة في 2016، وفق مركز استطلاعات الرأي الروسي” رومير”.
وهناك حاجة لبعض الوقت لدراسة التأثير الشامل لكأس العالم اقتصاديا، لكن هذه الأرقام تبدو مشجعة للغاية، وفق الصحيفة الروسية. وذكرت خدمة “موديز” للمستثمرين أن الأرباح الروسية ستكون “قصيرة الأمد”، مشيرة إلى مدة المونديال التي تبلغ شهرا واحدا، معتبرة أن الأرباح الحقيقية كانت من خلال الاستثمار في البنية التحتية خلال الأعوام 2013-2017. لكن يبدو أن بوتين يرغب في مدّ فترة المونديال، على الأقل سياحيا؛ إذ أمر الرئيس الروسي بالإبقاء على نظام السفر إلى روسيا دون تأشيرة مسبقة المتبع في المونديال، حتى نهاية العام.
المكاسب السياسية
قد تكون المكاسب السياسية الأهم والأجدى بالنسبة الرئيس الروسي بوتين، الذي يبدو أنه استطاع الحصول على الكثير. وقال المحلل السياسي ديمتري أوريشكين لوكالة “أسوشيتد برس” : إن بوتين أراد المونديال من أجل رفع شعبيته بين أفراد الشعب الروسي، الذي يعشق كرة القدم، كما أنه صرح أن المنشآت الخاصة بكأس العالم ستكون في خدمة الشعب بعد البطولة، في خطوة يود من خلالها كسب الرأي العام.
أما على الصعيد الخارجي، رأت مجلة “spectator” البريطانية أن بوتين وجد في المونديال فرصة لإظهار روسيا في حلة عظمى جديدة، وأنها لم تعد فقيرة، وليست بقايا إمبراطورية منهارة. وقد قال الرئيس الروسي مطلع هذا العام: إن صورة بلاده دوليا تعتمد على بطولة كأس العالم، وكيفية إدارة موسكو للحدث.
وحسب المجلة، فإن بوتين وجه ضربة قوية لخصومه، الذين حاولوا سحب حق تنظيم المونديال من روسيا، عقب ضمها لجزيرة القرم 2014.
مكاسب رياضية
ورياضيا، كان المونديال وسيلة جيدة لتحسين صورة الرياضيين الروس، الذين تلطخت سمعتهم بسبب فضائح المنشطات، خلال السنوات الأخيرة.
وحسب بيانات الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، فقد كان مونديال روسيا خاليا من المنشطات بعد أن أجرت 2700 فحص على اللاعبين، ومن ضمنهم الروس. وكانت روسيا تعرضت لفضيحة منشطات خلال الأعوام الأخيرة، كادت أن تؤدي إلى حرمانها من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو 2016.