متابعات

رقية ..قهرت الظلام ونالت تقدير الجامعة والمجتمع

جدة – مهند قحطان

تألقت الشابة السعودية رقية عجاج في حفل تخرجها وحصولها على شهادة الماجستير، لتغير وبقوة بعض الافكار ونظرة المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث حظيت بتصفيق حار اثناء صعودها على المسرح من قبل الجمهور لاستلام شهادتها ليس تعاطفا بل كان فخرا بها وبإنجازاتها التي حققتها مسيرتها العلمية. فما هي قصة الطموح والارادة والنبوغ في حياة طالبة العلم الباحثة رقية.

البلاد رصدت اهم محطاتها في الحوار التالي:
تقول في البداية: درست المرحلة الابتدائية و المتوسطة و الثانوية في مدارس عامة في منطقة صفوة في المملكة، وقد عانيت بشكل كبير لعدم توفر أي اقسام خاصة او خدمات للمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة كوني أعاني من التهاب الشبكية الصباغي، وهذا المرض يجعل النظر يقل ويضعف مع الأيام والتقدم بالسن.

• صعوبات ..ولكن
واجهت عجاج صعوبات كثيرة في المدارس من ناحية المدرسات و من ناحية التعامل مع الطلاب الاخرين و في التكيف بشكل عام وفي بعض المدرسات تساعدني بتكبير الخط في الاختبار فقط .
تقول: البعض كانوا مشككين بي، لكوني كفيفة فقررت التحدي بالارادة لأغير نظرة المجتمع للمكفوفين بشكل خاص ولذوي الإعاقة بشكل عام . وحقيقة في حالتي كنت دائما اعذر الطلاب و لكن لا اعذر المعلمات لأن بعضهن يتعاملون مه ذوي الاعاقة كشخص غير مرغوب فيه في الفصل ، ولم اكن اعرف كيف اوقظ الضمير ولا كنت اشكو الى اهلي من اهمال بعض المعلمات ، بل كنت دائما اصمت لأن لدي هدفا ويكبر اكثر و اكثر في نفسي ، وكلما واجهت صعوبة اشعر أنها تقويني وداخلي اصرار على انجاز شيء يغير نظرة المجتمع تجاه المكفوفين.
لقد كنت الطالبة الوحيدة الكفيفية في القاعات الدراسية من الابتدائي و المتوسط و الثانوي ، لذك كان الجميع في المدرسة يعرفونني ، وعندما تخرجت من الثانوي تقدمت الى جامعة الملك عبدالعزيز وتم قبولي عام ٢٠٠٨ و درست اول سنه و بعدها تأسس تخصص اعلام ، فدمت اوراقي وتم قبولي فكنت أول طالبه كفيفه تدرس الاعلام في جامعة الملك عبدالعزيز.

* سألتها عن سبب اختيارها لدراسة الاعلام فقالت: اخترت تخصص الاعلام أملا في ان اكون صوتا قريبا للمكفوفين الى المجتمع ، وكنت استمع بشكل دائم الى شكاوى الطلاب المكفوفين في الجامعة عن الصعوبات والتحديات التي يواجهونها وطريقة التدريس التي لا تناسب احتياجاتهم داخل القاعة الدراسية ، فكنت اشعر انني المسؤولة ويجب علي توعية الجميع وتصحيح طريقة تعامل المدرسين للطلاب المبصرين و المكفوفين و لذوي الإعاقة بشكل عام .
تضيف: بدأت مشواري بعمل مقابلات شخصية مع مكفوفين ناجحين مثل محمد بلو و حسني بوقس و غيرهم من المكفوفين والاستماع إلى قصصهم و تجاربهم و صعوباتهم اللي واجهوها في الحياة ، وهذا اعطاني دافعا قوىا لأن استمر في هذا المجال التوعوي لذوي الاحتياجات الخاصة ، وعمل حملات توعوية داخل الجامعة، وبالفعل تم انجاز حملة مع مركز ذوي الاحتياجات الخاصة التابعة للجامعة ، وحملات تقنية تهدف الى التوعية ما بين الطلاب المكفوفين والغير المكفوفين وأيضا المعلمين . هذه الحملة فكرتها توعية المكفوفين نفسهم بالتقنية المتوفرة حاليا لتخدمهم ليكونوا اكثر استقلاليه و يعتمدون على انفسهم كالناطق ، وبعض الأجهزة الاخرى المتعلقة بالمكفوفين ، وتأكيد أن المكفوف قادر على الاعتماد على نفسه وله أساليب معينه تستطيع للتعامل معه و، هذه الحملة كانت بدايتي لنشر التوعية الميدانية وشكرني عددا كبيرا من الطلاب والمدرسين . أيضا عملت حلقه بالمشاركة مع الأستاذ حسني بوقس و عبد العزيز الزهراني، سلطنا من خلالها الضوء على المشاكل والصعوبات اللي تواجه المكفوفين.

** البعثة إلى أمريكا
* سألتها:وماذا عن العمل والوظيفة؟
اجابت: كنت اعتقد أن الشهادة الجامعية ستكون جواز مرور للوظيفة ، لكن بعد أن تخرجت لم احصل على وظيفة، واقدمت الى عدة صحف لكن ما أن يعلموا أني كفيفة كل شيء يتغير ، دائما يتم رفضي لأني كفيفة، وبعد ما شعرت ان موضوع الوظيفة سيأخذ وقتا قد يطول ، عندها قدمت على برنامج الملك عبدالله للابتعاث و حصلت على بعثة الدراسة في أمريكا ومازال هدفي الجميع عن طريقه التعامل مع المكفوفين، عندما وصلت لأمريكا و درست اللغة في تكساس طبعا ما كان عندي لغة ابدا و كان مستواي جدا ضعيف فبدأت في المستوى الأول، طبعا واجهتني العديد من الصعوبات أولا لأني ما عندي لغة ثانيا لأن المدرسين ما كانوا يعرفوا كيف يتعاملوا مع الطالب الكفيف اللي ما يتكلم إنجليزي فكانوا دائما يسألوني كيف نتعامل معك فكان الطلاب السعوديون الموجودون في تكساس متعاونين ويشرحوا لي الصور ويترجموا لي بعض الأشياء بحيث يساعدوني في القاعة الدراسية حتى وصلت المستوى الرابع، عندها انتقلت من تكساس الى مينيسوتا لأن مينيسوتا فيها اكبر مركز لذوي الاحتياجات الخاصة في الجامعة وخدماتهم افضل واكملت اللغة حتى تم قبولي في ماجستير تربيه خاصه ، واخترت التخصص لأحصل على معلومات اكثر عن ذوي الاعاقات المختلفة من مكفوفين الى صم الى اعاقه حركيه ، وحتى اتعامل مع هذه القضايا عن خبرة و علم.

* دعم الطالب الكفيف
وتضيف الأستاذة رقية: اثناء دراستي في التربية الخاصة علمت بتخصص ثاني يتعلق بالقيادة والتطوير للتعليم والتربية على المستوى الدولي ، وقد اعجبني هذا التخصص كون طبيعتي شخصيه قياديه واحب التطوير وتقدمت على ذاك التخصص وتم قبولي فصار عندي تخصصين دمجت التربية الخاصة مع القيادة و التطوير وبدأت مشواري في التطوير ونشر التوعية.
، وفي جامعة مينيسوتا يتوفر مرافقون لذوي الاحتياجات الخاصة بحيث يساعدونه في الأشياء التي لا يستطيع فعلها لوحده مثل البحث عن موضوع معين، وقد لاحظت أن اغلب المرافقين لا توجد لديهم خلفية عن كيفيه التعامل او كيفيه مساعده الطالب، فبدأت استحدث دورات معينه وكان اولها برنامج كامل للمرافقين في كيفيه القراءة الجهرية وكيفيه اخذ الملاحظات داخل القاعة الدراسية و كيفيه سؤال طالب ذوي الإعاقة نفسه عن احتياجاته الشخصية بحيث ان المرافق يخدم الطاب بطريقه تناسب الطالب وما يكون بينهم أي سوء فهم. وهذه الدورات اللي طورتها وتم تبنيها من قبل جامعة مينيسوتا من عام ٢٠١٦ الى الان هذا بالنسبة للمرافقين.

أيضا لاحظت أن بعض الدكاترة في الجامعة لا يوجد لديهم أي طالب كفيف من قبل فكنت انا دائما الطالب الكفيف الوحيد في القاعة الدراسية ، او اول طالب كفيف يمر عليهم وبعضهم لا يعلم كيف يخدم الطالب الكفيف ، فطورت برنامج كامل موجه فقط للاكاديميين داخل الجامعة في كيفية دعم الطالب الكفيف داخل القاعات الدراسية من ناحية شرح المادة من ناحية خلق جو تعاوني بين الطالب الكفيف و الطالب الاخر و تنبيه المعلم للصعوبات اللي قد تواجه الكفيف هذا البرنامج ، والى الان لم يتم تبني هذا البرنامج لكنني قد ارسلته الى العديد من المدرسيين كانوا يدرسون لي في السابق و الحمد لله نال اعجابهم، لكن عندما شعرت أن عليه اقبال من المدرسين بدأت انظر الى الجامعة ككل و الخدمات التي توفرها الجامعة للمكفوفين والصعوبات اللي قد تواجه الكفيف داخل الجامعة . مثلا عند ذهابي للكوفي شوب العاملين في الكوفي بعضهم لا يعرفون التعامل معي او مع الطلاب المكفوفين الاخرين وعندما كنت اطلب قهوة يسألون المرافق ماذا تريد وهذا ما كان يزعجني ، لذلك طورت ورشة عمل كاملة للعاملين في الجامعة في كيفية التعامل مع الطالب الكفيف او ذوي الاحتياجات الخاصة و فن التعامل معهم فكانت هذا اخر ورشه عمل طورتها في الجامعة و كان مشروع التخرج هو عباره عن بحث علمي مقارنة ما بين التربية الخاصة من بداية التربية الخاصة وحتى اليوم في كل من المملكة امريكا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *