بيروت ــ وكالات
يستعد اللبنانيون لرسم مستقبل بلادهم السياسي بتوجههم اليوم “الأحد”، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلسهم النيابي، في مشهد وصفه المراقبون بالمعركة لتحرير القرار اللبناني من نفوذ إيران.
وبات لطهران نفوذ متنامٍ في بيروت بفعل ارتهان القرار اللبناني بسلاح مليشيا حزب الله المشاركة في الحكومة بثلث معطل.
ويعتقد طيف واسع من المراقبين أن نتائج الانتخابات النيابية قد تترك سلاح الحزب الموالي لإيران بلا “غطاء” مع تراجع تمثيله في السلطة.
ويجرب اللبنانيون للمرة الأولى نظام القائمة النسبية المغلقة لانتخاب نواب البرلمان عبر 15 دائرة انتخابية تتنافس فيها 77 لائحة، موزعة على لوائح للموالاة وأخرى للمعارضة، وفق قانون انتخابات جديد.
ووفق النظام الجديد بات لكل صوت في الانتخابات ثقل كبير، فكل قائمة ستمثل في البرلمان بحسب نسبة الأصوات التي سحصلت عليها في الاقتراع، بحيث تحصل الكتلة الحائزة على 20% من الأصوات على 20% من المقاعد النيابية.. وإلى جانب الاقتراع على القوائم المتنافسة (في الدوائر الكبرى وعددها 15)، يختار الناخب اللبناني على مستوى الدوائر الأصغر (الأقضية) صوتا تفضيليا يمنحه لأحد المرشحين على القائمة.
وبحسب القانون الجديد يحظى المرشح الحائز على أعلى أصوات تفضيلية، بأحقية التمثيل عن القائمة بحسب النسبة التي تحصل عليها في الانتخابات.. كما يفرض القانون الجديد خلط الصيغ التحالفية التقليدية في لبنان، فبعض القوى المتحالفة سياسيا تجد نفسها متخاصمة في الانتخابات وستواجه بعضها في لوائح متنافسة، كما هو الحال بين التيار الوطني الحر (القريب من رئيس الجمهورية ميشال عون) وبين مليشيا حزب الله، أو بين تيار المستقبل (التابع لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري) وحزب القوات اللبنانية.. كما أن بعض القوى السياسية المتخاصمة في السياسة تجد نفسها متحالفة في الانتخابات.
ثم إن القانون الجديد للعملية الانتخابية أضاف الكثير من التعقيدات انعكست على شكل التحالفات، التي انقلبت رأسا على عقب، كما هو حال التيار الوطني الحر الذي وصل به الأمر إلى حد التحالف مع الجماعة الإسلامية في دائرة “صيدا – جزين”، علما بأن الطرفين لطالما كانا وما زالا على خصومة سياسية كبيرة.. وسيكون حلفهما في “صيدا -جزين” بمواجهة حلف آخر يعد حزب الله جزءا أساسيا منه.
وتعيد المعركة الانتخابية إحياء المحاور السياسية في لبنان، وفي هذا السياق يبرز موقف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، الذي رفع سقف خطابه ضد مليشيا حزب الله، معتبرا أن التصويت للحزب ومرشحيه يمثّل تأييدا لعودة الوصاية السورية إلى لبنان، مدللا على ذلك ببعض الأسماء التي اعتمدها الحزب ضمن قوائمه الانتخابية.
وأكد مصدر سياسي في تيار المستقبل أن المعركة الانتخابية هي بالأساس ضد حزب الله ، وضد الهيمنة الإيرانية على لبنان.. وهذا ما تتلاقى معه لوائح عديدة معارضة للحزب داخل بيئته الحاضنة، في البقاع وفي الجنوب.
وتشكلت لوائح متعددة لمواجهة سطوة حزب الله.. ومن بين هذه اللوائح لائحة “شبعنا حكي”، التي تأمل من الناخبين في اتخاذ خيارات جديدة تتمثل في الحرص على مصالحهم المعيشية، بخلاف جرهم من قبل مليشيا حزب الله إلى الصراعات الإقليمية والتدخل في شؤون الدول العربية، على حساب الاهتمام بإنماء مناطقهم.
فيما كانت مليشيا حزب الله تطمح من خلال القانون الجديد إلى تحقيق خروقات في صفوف القوى السياسية الأخرى، إلا أنها تستفيق على واقع تجد فيه نفسها مطوقة، وغير قادرة على إيصال حلفائها إلى البرلمان.
وتواجه المليشيا الموالية لإيران في دوائرها قوائم حلفاء لها، كلائحة التيار الوطني الحر والحزب الديمقراطي في دائرة الجنوب الثالثة، بالإضافة إلى المواجهة بين قائمة حزب الله وبين التيار الوطني الحر في دائرة كسروان جبيل، الأمر الذي أدّى الى استنفار في هذه المنطقة التي يعتبر أهاليها أن مليشيا حزب الله تريد اقتحام المنطقة عبر مرشحين مؤيدين لها.
من جانبه ، أكد قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، وقوف الجيش على مسافة واحدة من كل المرشحين للانتخابات، لافتا إلى أن ما يهم المؤسسة العسكرية حفظ الأمن والاستقرار قبل العملية الانتخابية وخلالها
وكانت الانتخابات النيابية قد انطلقت للجاليات اللبنانية في الخارج في 27 أبريل الماضي، ومن المقرر أن يقترع الداخل اليوم 6 مايو الجاري، بعد غياب 9 سنوات، إثر تمديد ولاية البرلمان 3 مرات.. كما كانت الخلافات حول قانون الانتخابات السبب الرئيسي وراء تأجيل الانتخابات البرلمانية ثلاث مرات منذ عام 2009.