تقرير- محمود العوضي
يقع الكثيرون، فى خطأ تاريخى كبير، بالتحدث عن أن أسطورة كرة القدم الهولندية يوهان كرويف تأهل مع منتخب هولندا لنهائى كأس العالم مرتين متتاليتين 1974، و1978 وأنه خسر النهائيين ضد ألمانيا والأرجنتين على الترتيب، ولكن الحقيقة أن كرويف لم يلعب أساسا مونديال1978 بالأرجنتين .
كرويف الذى قاد منتخب بلاده للمباراة النهائية بكأس العالم 1974 في ألمانيا الغربية، وأمتع العالم بمهاراته وتعاطف معه الكثيرون عندما خسر بالمباراة النهائية أمام ألمانيا الغربية 1–2. وكانت هذه المباراة الوحيدة التي خسر فيها في هذه البطولة، ووقف الجمهور الألمانى وصفقوا له وتمنوا أن يفوز بالكأس القادمة ولكن حدثت بعض الأشياء التى لايمكن محوها من تاريخ كرة القدم.
لنعود بعجلة التاريخ لماقبل كأس العالم 1978 الذى كان من أكثر الكؤوس إثارة للجدل فى قصصه وتاريخه السياسى قبل الكروى، وقد خرجت بعض الوثائق السرية من الولايات المتحدة الأمريكية، بأن هناك لقاء تم بين وزير الخارجية الأمريكى حينها هنرى كيسينجر، مع العميل الأرجنتينى لأمريكا جوزيتى يوم السادس من يونيو 1976،ـيؤكد فيها كسينجر أن أمريكا ستدعم فوز الأرجنتين بالمونديال، أى قبل المونديال بعامين كاملين.
الصحافة الهولندية أكدت أن أمريكا استخدمت مخابراتها؛ من أجل الضغط على معظم الفرق القوية لغياب أبرز النجوم عنها، لتمهيد الطريق للأرجنتين للفوز باللقب وقد غاب عن هولندا كل من كرويف، وهانجيم ورود جيلز وجونى دوسبابا، ومن ألمانيا كل من بيكينباور، وجيرد مولر، وبرايتنر، ونتزر.
الوثائق الأمريكية تؤكد أنه فى فترة السبعينيات، كان المجلس العسكري الأرجنتيني لسنوات يحاول تعزيز قوته الذاتية بمساعدة أمريكية، وكان هنرى كيسينجر يرتبط بعلاقات ود مع الديكتاتور الأرجنتينى خورخى رافايلا فيديلا ، وأنه اتفق معه على أن يساعده فى فوز الأرجنتين باللقب؛ كى يتمكن أكثر من السيطرة على البلاد .
بعض الكتاب الوثائقيين أكدوا أن الأرجنتين كانت تحتاج للفوز على منتخب بيرو القوى جدا حينها، بأربعة أهداف نظيفة للوصول لنهائى المونديال ضد هولندا، وإقصاء البرازيل من المهمة، وتشير بعض الروايات إلى أن كيسينحر دخل غرفة خلع ملابس منتخب بيرو، وقام بعرض هزيمة بيرو بنتيجة كبيرة كى لايتدخل الجيش الأرجنتينى ضدهم، فاستجاب لاعبو بيرو الذين اعترفوا بعد ذلك بأن المباراة لم تكن نظيفة.
نعود لكرويف نفسه الذى لعب مع منتخب بلاده في تصفيات كأس العالم المؤهلة لمونديال 1978، وفي المباراة الأخيرة الفاصلة ضد بلجيكا، لعب كرويف، وفازت هولندا (2 – 0 ). سجلهما كرويف وتأهلت هولندا لمونديال الأرجنتين، ولكن المدهش بعد نهاية المباراة، أن كرويف صرح للصحفيين : ( إنه لن يشارك في مونديال 1978 )، وحاول الصحفيون في هولندا معرفة سبب هذا القرار المفاجئ، لكنه التزم الصمت، وبعدها قامت ملكة هولندا بمحاولة إقناعه شخصيا، ولكنه رفض وحتى يتخلص من هذه الضغوط أعلن اعتزاله الكرة نهائيا، وبعد نهاية المونديال عاد عن قرار الاعتزال. المهم هنا أن منتحب هولندا سافر للأرجنتين، و قبل المباراة النهائية كان رصيد هولندا 14 هدفا، أما الارجنتين قبل بيرو كان رصيدها 6 أهداف فقط، من 5 مباريات لتسجل فى مباراة بيرو فقط نصف دستة أهداف ، علما أن منتخب بيرو كان قويا في تلك البطولة، وتعادل مع هولندا في الدور الأول ( 0 – 0 )، وتصدر مجموعته وجاءت هولندا في المركز الثاني؛ رغم قوة هجوم هولندا الذي سجل 15 هدفا فى المونديال.
وقد شهد النهائى أخطاء تحكيمية كبيرة، جعلت الهولنديين يؤكدون أن هناك مؤامرة ضدهم لعدم تحقيق الانتصار، وإهداء البطولة للأرجنتين بأي طريقة.
ومع وفاة كرويف، عاد السؤال لماذا لم يسافر كرويف لمونديال بيونيس آيريس ؟ هل لأنه رفض الإنقلاب العسكرى تم على يد الجنرال الأرجنتينى فيديلا فى عام 1976؟ ولكن هو نفسه انضم لبرشلونة، وهو يعلم مدى قسوة نظام فرانكو الديكتاتورى فى أسبانيا، وقد أشار كرويف نفسه، فى حوار تلفزيونى أنه تلقى أكثر من تهديد بالخطف إذا ذهب إلى الأرجنتين، بل إنه هو وعائلته تعرضوا لمحاولة اختطاف فاشلة في برشلونة؛ ما أدى لاعتزاله دولياً مؤكداً، أن اللعب في كأس العالم يتطلب التركيز 200% وأن هناك لحظات ترى أن في الحياة أمورا أكثر قيمة، وبالتالى فإن غياب كرويف كان سياسيا بنسبة كبيرة، ومن المؤكد أن الهولنديين لايزالون يفتشون حول عدم ذهاب كرويف وزملائه للأرجنتين؛ لأنهم يعتقدون أن كرويف وحده كان قادرا على أن يحقق المجد الغائب عن الطواحين الهولندية.