واشنطن ــ البلاد
تعد العلاقات التجارية بين المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية، ركنا أساسيًا في العلاقات بين البلدين، سيما وأن هذه العلاقة ليست وليدة اللحظة، إنما نتيجة رباط عميق امتد لعقود، وسعياً من المملكة لتحقيق رؤية 2030، أعدت برنامجا للشراكة مع أهم القوى الاقتصادية في العالم. وعلى رأسها الولايات المتحدة ، تهدف إلى إطلاق قدرات عدد من القطاعات الواعدة في المملكة، وتعظيم الفرص في القطاعات الرائدة.
ويشرف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، خلال زيارته إلى الولايات المتحدة، على توقيع العديد من اتفاقيات التعاون الاقتصادية والشراكة الاستراتيجية بين السعودية، والولايات المتحدة الأميركية.
وقد تم تحديد الأولويات الاقتصادية للقطاع الحكومي، والقطاع الخاص في الشراكة مع الولايات المتحدة، ومواءمتها في برنامج اقتصادي قابل للمتابعة والقياس، وتم التفاهم بشأنه مع الإدارة الأميركية؛ للتأكد من سرعة الإنجاز، وتقديم التسهيلات اللازمة لتحقيقه.
ويصل عدد الوظائف المتوقع توليدها في البلدين أكثر من 750 ألف وظيفة، وباستثمار يتجاوز 400 مليار دولار في الجانبين، فيما وصلت نسبة الإنجاز في مذكرات التفاهم بين البلدين إلى 35%.
وتتوزع خريطة الشراكات السعودية الأميركية في قطاعات مهمة، عملت “البلاد” على رصدها في هذه السطور:
– يستحوذ قطاع الاستثمار على نصيب الأسد باستثمارات تصل إلى 160 مليار دولار.
– قطاع الدفاع ، يأتي ثانيا بشراكات تقدر بنحو 128 مليار دولار (غالبية العقود تتضمن توطين الصناعة الدفاعية داخل المملكة، بحيث يتوجب على الشركات الحاصلة على العقود نقل جزء من المعرفة وتقنيات التصنيع إلى داخل السعودية).
قطاع الاستثمار:
وانطلاقا من أهمية هذا القطاع في دفع العلاقة بين البلدين، وقع الجانبان السعودي والأمريكي مذكرة لتأسيس صندوق استثماري في التقنية، بين صندوق الاستثمارات العامة، مع softbank. يصل حجم مساهمة صندوق الاستثمارات العامة فيه الى 45 مليار دولار، من أصل 100 مليار مستهدفة (50 مليار دولار منها مستهدف استثمارها في الولايات المتحدة الامريكية) مما يعزز استثمارات الصندوق في قطاعات جديدة ذات عوائد مرتفعة إضافة الى تعظيم أصول الصندوق ، وبناء شراكات استراتيجية مع الشركات الواعدة.
الى جانب تأسيس صندوق استثماري في التقنية، وقع البلدان مذكرة لتأسيس صندوق للاستثمار في البنية التحتية الأمريكية من قبل صندوق الاستثمارات العامة وعدد من كبريات صناديق الاستثمار العالمية، باستثمار مشترك يصل إلى 60 مليار دولار، ويساهم في تحقيق استراتيجية الصندوق بتنويع الاستثمارات المجدية وتحقيق العوائد.
قطاع الدفاع:
شملت مباحثات الجانبين حول قطاع الدفاع التوقيع على مذكرة نوايا، تضمنت قائمة بالأنظمة الدفاعية التي ترغب المملكة بالاستحواذ عليها خلال العشر السنوات القادمة؛ بما يتواءم مع متطلبات برنامج تطوير وزارة الدفاع السعودية، وتعزيز قدراتها.
تقدر قيمة المتطلبات بـ110 مليارات دولار (ما يقارب 10 مليار دولار سنويا ضمن الميزانية السنوية لوزارة الدفاع السعودية).
هذا بخلاف التوقيع على 6 مذكرات تفاهم بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وشركة تقنية للطيران، وعدد من كبريات الشركات الأمريكية مثل بوينج, لوكييد مارتن، وجينرال داينامكس) في مجالات بناء القدرات المحلية، وتطوير أنظمة الطائرات والسفن الحربية والمركبات وتجميع وتصنيع طائرات البلاك هوك، بنسبة محتوى محلي لا تقل عن 50% في كل منها.
البتروكيماويات :
بدوره نال قطاع البتروكيماويات جزءا وافرا من مذكرات التفاهم بين الجانبين؛ إذ تم توقيع مذكرتي تفاهم بين الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وبرنامج التجمعات الصناعية مع شركة Dow لدراسة تأسيس صناعة السيليكون ولاستثمار شركة Dow بشكل مباشر في تصنيع أسيد البولاريك في المملكة.
إضافة إلى توقيع مذكرة بين شركة سابك وشركة Exxon لتأسيس مصنع مشترك لإنتاج الإيثيلين باستخدام النفط الصخري في الولايات المتحدة؛ ما يعزز استراتيجية سابك، وتوسعها الخارجي باستثمار 50 – 50 مع شركة Exxon
النفط والغاز:
نظراً لأهميته المستقبلية، وقع الجانبان السعودي والأمريكي 8 مذكرات تفاهم بين شركة أرامكو السعودية، وعدد من الشركات الأمريكية (منها Halliburton وSchlunberger ) كجزء من برنامج “اكتفاء” لزيادة نسبة المحتوى المحلي في أعمال الشركة وتوطين سلسلة إمداد الطاقة في المملكة خلال الخمس سنوات القادمة.
علاوة على توقيع مذكرتي تفاهم بين شركة أرامكو السعودية وكل من شركة jacobs وEmerson لتعزيز قدرات الشركة في ادارة المشاريع والاستفادة من تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في رفع كفاءة أعمالها ونتائجها.
فيما تم التوقيع علي 4 مذكرات تفاهم بين شركة ارامكو وعدد من الشركات الأمريكية في مجالات تصنيع المنصات الأرضية البترولية ورفع مستوى الحفر الأرضي وتعزيز الخدمات اللوجستية وتصميم المنصات البحرية.
قطاع الطيران :
وبشأن قطاع الطيران وقع الجانبان مذكرة بين شركة الخطوط السعودية الخليجية وشركة Boeung لشراء 16 طائرة ذات حجم كبير، بقيمة تتراوح بين 2 و5 مليارات دولار، لتعزيز تنافسية قطاع الطيران السعودي، وتحقيق الأهداف ذات العلاقة بتعزيز دور المملكة كمحور لوجستي عالمي.
قطاع الطاقة :
وفى قطاع الطاقة وقعت وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية مذكرة تفاهم مع شركة GE لرفع كفاءة محطات الطاقة والشبكة الكهربائية بالإضافة لاقتراح طرق التمويل لهذا الاستثمار التي تصل قيمته إلى ما 12 مليار دولار بما يعزز من كفاءة انتاج الطاقة في المملكة ويرفع حجم الاستثمار فيها.
قطاع التقنية :
يمثل قطاع التقنية أهمية استثنائية للمملكة، لجهة اعتماد رؤية 2030 بشكل كبير، وقد شملت الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين السعودي والأميركي في قطاع التقنية توقيع مذكرتي تفاهم بين الحكومة السعودية، وشركة مايكروسوفت؛ للمساهمة في تحقيق التحول الرقمي للمملكة من خلال نقل المعرفة والاستحواذ على أنظمة ذات العلاقة بالذكاء الاصطناعي.
كما تم توقيع 4 مذكرات تفاهم بين عدد من الشركات السعودية، من بينها أرامكو، والشركة السعودية للكهرباء وشركة صافنات، وذلك مع عدد من الشركات الأميركية لبناء أنظمة البيانات المتقدمة وتحقيق الاستغلال الأمثل لتقنيات الجيل الرابع في مجالات عمل هذه الشركات لرفع كفاءة العمل وتطوير الأعمال.
وشملت الاتفاقيات التي وقعتها أرامكو، واحدة مع Honeywell لاستغلال خدمات الشركة في الثورة الصناعية الرابعة لخلق 400 وظيفة بحلول 2020، واتفاقية مع جنرال إليكتريك لدعم التحويل الرقمي لعمليات أرامكو في الثورة الصناعية الرابعة، والتي توفر 4 مليارات دولار، وستخلق 750 وظيفة بحلول 2020.
ووقعت معادن اتفاقية معALCOA لتوسيع قدرة إستخراج المعادن في مدينة رأس الخير الصناعية، باستثمار 500 مليون دولار لخلق 500 وظيفة بحلول 2020. وأبرمت شركة معادن السعودية مع شركة Mosaic اتفاقية لعمل دراسة جدوى مشروع فوسفات3 بقيمة 4.5 مليار دولار، ويتوقع من المشروع خلق 1000 وظيفة بحلول 2020.
واتفقت شركتا SAFANAD و INDUSTRY CAPITALعلى إنشاء قاعدة بيانات ضخمة بقيمة متوقعة مليار دولار في سوق البيانات، بجانب اتفاقية أخرى بين الشركة السعودية للكهرباء، وشركة سيسكو لتقديم الاستشارات في الاستهلاك والبحث والتطوير بقيمة 100 مليون دولار.
الصحة :
كبقة القطاعات الحيوية وقعت وزارة الصحة 3 مذكرات تفاهم مع Metdroni وGEلإدارة مراكز السمنة والسكر من النوع الأول ومراكز القلب وإدارة مركز التصوير الاشعاعي وتطوير خدمات سحابية لـ 224 مستشفى لوزارة الصحة إضافة الى تطوير قدرات المملكة في مجال الأدوية البيولوجية وتأتي المذكرات لمواجهة التحديات الصحية الأكثر انتشارا في المملكة . وبناء البنية التحتية التقنية اللازمة في هذا القطاع تمهيداً لتخصيصه.
فيما وقعت شركة العليان مذكرة تفاهم مع شركة select ME لتشغيل وإدارة مستشفيات النقاهة والمراكز الصحية في المملكة والشرق الأوسط بقيمة تصل الى 370 مليون دولار، وتولد 500 فرصة عمل في هذا القطاع.
قطاع التعدين :
وقعت شركة معادن 3 مذكرات مع Alocaو Fluor و Mosaic لتوسيع قدرة استخراج المعادن في مدينة رأس الخبر الصناعية ودراسة جدوى تأسيس مشروع فوسفات 3 وتقديم الخدمات الهندسية لاطلاق قدرات قطاع التعدين باستثمار يتجاوز 5 مليارات دولار في المملكة.
قطاع التصنيع :
وقعت عدد من شركات القطاع الخاص السعودي، مذكرات مع شركات صناعية أمريكية، تشمل استثمارات في بناء مصانع في المملكة لتصنيع التوربينات والخلايا الشمسية ومعدات توزيع الطاقة باستثمار يصل إلى نحو 400 ملين دولار لتعزيز القطاع الصناعي في المملكة؛ وفق شراكات استراتيجية.
وباكتمال الإشارة الى مذكرات التفاهم والعقود الموقعة في مختلف القطاعات سالفة الذكر، يبقى أن نشير إلى تأكيد المراقبين أن تلك الاتفاقيات، سيما التجارية منها ستفتح آفاقاً أرحب من العمل والتعاون المشترك بين البلدين، وستحفز القطاع الخاص لكلا البلدين نحو تحقيق المزيد من الشراكات الاقتصادية والتجارية وبالتالي توفير الآلاف من الوظائف للباحثين عن عمل، منوهين الى اتفاقية التجارة الحرة المبرمة بين البلدين قبل نحو 10 سنوات، والتي ساهمت – بحسب المراقبين- في تأسيس أرضية صلبة للتعاون الاقتصادي؛ إذ تعتبر محطة هامة حققت مردوداً بلغ 1.4 مليار دولار حتى عام 2017، مما يؤكد أن التعاون بين البلدين الصديقين خاصة في المجال الاقتصادي يشهد ازدهاراً كبيراً.