جدة- البلاد
ترتكز العلاقات السعودية الأمريكية على إرث قديم، وأسس راسخة، وصلات وثيقة، ورؤى متجددة، وتجمعهما مصالح إستراتيجية متعددة؛ منها تعزيز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والمحافظة على استقرار أسواق النفط، والعمل على استقرار الاقتصاد الدولي ومحاربة الإرهاب، وظلت العلاقات على متانتها وعمقها في إطار تحالف استراتيجي، رغم ما تشهده المنطقة من تقلبات وتحديات.
وتحرص المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين- حفظهما الله – على الدفع بعلاقات البلدين إلى آفاق أرحب، وبناء شراكات استراتيجية جديدة للقرن الحادي والعشرين؛ بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030.
لقد أكدت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للرياض، كأول محطة في زياراته الخارجية، بعد تقلده منصبه تقدير فخامته للعلاقات الراسخة، ومكانة المملكة القوية بين دول العالم، وأهميتها في قيادة العالم الإسلامي.
ففي أول زيارة خارجية له، وصل الرئيس الأمريكي في العشرين من مايو 2017م إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض، وكان في استقباله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وشهدت الزيارة ثلاثة مؤتمرات قمة تحت عنوان “العزم يجمعنا”، “سعودية أميركية”، و”خليجية أميركية” و”عربية إسلامية أميركية، بمشاركة قادة وممثلين عن 55 دولة إسلامية، وبرؤية واحدة، وهي: “سوياً نحقق النجاح” لتأكيد الالتزام المشترك نحو الأمن العالمي والشراكات الاقتصادية العميقة، والتعاون السياسي والثقافي البناء، تحت شعار” العزم يجمعنا، كما شهدت توقيع العديد من الاتفاقيات.
وتزداد العلاقات السعودية الأمريكية قوة ومتانة يوما بعد يوم؛ بما يخدم مصالح الشعبين في جميع المجالات في هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله- الذي ارتبط بعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة، فقد زارها في الحادي عشر من أبريل 2012م، حينما كان ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع، بدعوة من وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا ، والتقى خلالها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وبحث معه تعزيز العلاقات بين البلدين؛ خاصة في المجال العسكري والاستراتيجي المشترك. وفي 27 يناير من عام 2015م، قام الرئيس الأميركي باراك أوباما برفقة وفد رفيع المستوى بزيارة إلى المملكة ، ليقدم التعزية في وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله- وأجرى خلال الزيارة محادثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين، وتطورات الأحداث في المنطقة ، في حين كانت آخر زيارة للرئيس أوباما إلى المملكة في 20 ابريل 2016 م، والتقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـــ حفظه الله ــــ وحضر القمة التي عقدت بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفخامته .
وفي الثالث من سبتمبر 2015 م وصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ــــ حفظه الله ــــ إلى مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية ، تلبية لدعوة من فخامة الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، والتقى في مقر إقامته في واشنطن معالي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وفي اليوم التالي استقبل الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في البيت الأبيض خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ــــ حفظه الله ــــ وعقدا جلسة مباحثات استعرضا خلالها العلاقات المتينة بين البلدين .
وفي نفس اليوم، استقبل خادم الحرمين الشريفين ــــ حفظه الله ــــ في مقر إقامته بمدينة واشنطن فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق جورج دبليو بوش، وفخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق بيل كلينتون، كلاً على حدة، كما شرف في الخامس من سبتمبر في واشنطن حفل عشاء منتدى الاستثمار، الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي الأمريكي، وألقى – حفظه الله – كلمة خلال الحفل، أكد فيها متانة العلاقات السعودية الأمريكية، ووصفها بأنها علاقات تاريخية واستراتيجية، منذ أن أرسى أسسها جلالة المغفور له ـــ بإذن الله ـــ الملك عبدالعزيز، وفخامة الرئيس فرانكلين روزفلت .
وفي 24 أكتوبر 2015 م استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـــ حفظه الله ــــ في قصر العوجا بالدرعية معالي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والوفد المرافق له .
وفي 8 نوفمبر 2015 م استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – في مكتبه بقصر اليمامة معالي رئيس جهاز المراجعة المالية بالولايات المتحدة الأمريكية يوجين دودارو.
جهود سمو ولي العهد:
على صعيد آخر، شكل لقاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد (آنذاك) مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في أبريل 2017م نقطة تحول تاريخية في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية.
وقبيل زيارة سموه لأمريكا في مارس الحالي 2018 أكد سمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، أن العلاقات السعودية الأميركية تاريخية، وتعود لأكثر من 80 عاماً، واصفاً المملكة بأنها أقدم حليف للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط، وذلك ضمن الحوار المطول الذي أجراه سموه مؤخراً في الرياض مع مراسلة قناة (CBS) الأمريكية.
ويدرك الرئيس ترمب ما هو بديهي، أن المملكة هي البلد الأهم بين الدول العربية في الشرق الأوسط. ويُعزى ذلك جزئيًا إلى دورها ونفوذها الذي يؤثّر على الاقتصاد العالمي، وموقعها ووزنها السياسي والجغرافي والإسلامي غير أن عملية محاولة إبرام اتفاق مع إيران لم تساهم في الاستقرار الإقليمي. ففي الواقع، حصل عكس ذلك، لقد كانت الولايات المتحدة هي المصرة على إبرام الاتفاق أكثر من إيران. وقد دفع ذلك بطهران إلى الاعتقاد بأنها قادرة على تحدي حلفاء أمريكا في المنطقة من دون أن تترتب عليها عواقب كبيرة، أو حتى أنها ستفلت من العقاب.
وما يكتسي الأهمية ذاتها هو أنه في سعيها إلى إبرام الاتفاق مع إيران، مالت إدارة أوباما إلى التغاضي عن مخاوف حلفائها منذ زمن بعيد .
وقد بعث الرئيس ترمب برسالة واضحة مفادها، أنّ سياسته في الشرق الأوسط تقوم على إحياء التحالفات مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في المنطقة، والحدّ من خوض تجربة سنوات عهدي بوش وأوباما. بعبارة أخرى، إنها تتمحور حول التعامل مع العالم كما هو، والسعي فقط إلى جعله أفضل. إن العلاقات السعودية الأمريكية قوية وثابتة وقائمة على أسس صلبة، وستستمر على هذا النهج في تعزيز قوتها وصلابتها.
علاقات تاريخية متجددة:
يعود تاريخ العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة إلى العام 1931م، مع بداية ظهور بشائر إنتاج النفط في البلاد بشكل تجاري، ومنح حينها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – حق التنقيب عن النفط لشركة أمريكية، تبعها توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين عام 1933م دعمت هذا الجانب الاقتصادي المهم الذي أضحى قوة اقتصادية عالمية في هذا العصر.
ما قبل العلاقات الدبلوماسية:
انطلقت علاقة المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية من منظور السياسة الخارجية للملك عبدالعزيز – رحمه الله – القائمة على استقلالية القرار، والبحث عن العلاقة التي تحقق مصالح البلاد دون تعرضها لأي تأثيرات سلبية، والمبنية على تنويع الصلات الدبلوماسية مع جميع الدول؛ وفقاً للمبادئ التي تقوم عليها البلاد، ومنذ أن دخل الملك عبدالعزيز الرياض سنة 1319هـ – 1902م اضطر الى أن يكون على اتصال مع بعض الدول، التي كان لها سيطرة ونفوذا في المنطقة، ولها تأثير مباشر على برنامجه السياسي لبناء الدولة السعودية، ومن تلك الدول: بريطانيا، والدولة العثمانية، وروسيا، وعندما دخل الملك عبدالعزيز الحجاز سنة 1343هـ – 1924م بدأ في صياغة المرحلة الثانية والمهمة من مراحل السياسة الخارجية السعودية، فلقد أعدت الشعبة السياسية بإشراف مباشر من فؤاد حمزة، ويوسف ياسين مذكرة خاصة تتضمن معلومات عامة عن البلاد السعودية، تم إرسالها إلى عدد كبير من دول العالم للاعتراف بالدولة السعودية الجديدة، والدخول في علاقات دبلوماسية معها، وانطلاقاً من التنافس المحموم بين روسيا وبريطانيا في المنطقة، ولاقتناع الحكومة السوفياتية بأهمية الدولة السعودية الجديدة، أصبحت روسيا، أو الاتحاد السوفياتي أول دولة تعترف بالدولة السعودية.
وواصلت الدول الأوروبية وغيرها اعترافها بالدولة السعودية، التي حظيت باهتمام خاص لوجود معطيات الاستقرار والبناء فيها، ورغم محاولات الشعبة السياسية في الرياض الاتصال ببعض الدول إلا أن الاهتمام كان منصبا على دولة لها وزنها الدولي رغم بعدها الجغرافي، تلك هي الولايات المتحدة الأمريكية، ومن عوامل الجذب نحو أمريكا خلو تاريخها آنذاك من فصول استعمارية في المنطقة، مقارنة ببعض الدول الأوروبية مثل بريطانيا وفرنسا.
أصرت الرياض على الاتصال بواشنطن من خلال عدة محاولات وعبر عدد من القنوات الدبلوماسية من منطلق استراتيجية الملك عبدالعزيز، الرامية إلى تنويع العلاقات مع الدول، وعدم الاتكاء على دولة واحدة، أو الارتباط بها.
ولقد عزز هذه الاستراتيجية حكمة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – في التعامل مع الدول؛ وفقا للظروف والتزاما بالمبادئ، كما وفق الملك عبدالعزيز في سياسة الشفافية مع جميع الدول، وإحاطتها بتحركاته واتصالاته معها جميعا، معلنا وبوضوح عن متطلباته وأهدافه؛ لذا لم يكن الملك عبدالعزيز مرتبطا بدولة واحدة فقط، أو خاضعا لدولة معينة، بل استفاد من انفتاح العلاقات مع الجميع رغم تناقض بعض تلك العلاقات مع بعضها البعض من منظور تلك الدول.
الاعتراف الرسمي:
في عام 1940، اعترفت الولايات المتحدة رسميا بالمملكة العربية السعودية، وأقامت معها علاقات دبلوماسية كاملة، وافتتحت أول قنصلية أمريكية في الظهران في عام 1944م.
وعزز الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – بعد مرور 12عاما من تاريخ الاتفاقية المذكورة آنفا العلاقات الثنائية مع أمريكا بلقاء تاريخي جمعه بالرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت على متن الطراد الأمريكي (يو إس إس كونسي) في العام 1945م، ووصف هذا اللقاء التاريخي بنقطة التحول في انتقال علاقات المملكة، وأمريكا إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي في مختلف المجالات، لتعمل المملكة بعدها على تجسير هذه العلاقة، وغيرها من العلاقات الدولية في تلبية مصالحها الوطنية مع دول العالم بما فيها أمريكا، وخدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية. ووضع الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- سياسة حكيمة للمملكة، تعتمد على مبادئ الشريعة الإسلامية، التي تحترم حسن الجوار، وتعزيز علاقاتها بالأسرة الدولية دون الإخلال بثوابتها الدينية، والعمل على رفع مكانتها الإقليمية والدولية في مختلف المجالات بدون أن تتدخل في شؤون الغير، ورفض أي سياسة تتدخل في شؤونها الخاصة، ما جعلها تفرض احترامها على دول العالم، وتصبح عضوا فاعلا في مختلف المحافل والمنظمات الدولية.
وحظيت المملكة باهتمام عالمي عام واهتمام أمريكي خاص، نتيجة مكانتها السياسية والإسلامية، والاقتصادية على المستويين الإقليمي والدولي، وعدّت إحدى مرتكزات الأمن الاستراتيجي في المنطقة العربية، كما أن ثروتها النفطية زادت من دورها الدولي في إحداث توازن بالاقتصاد العالمي على مر السنين؛ نتيجة تحول النفط إلى سلعة عالمية، أثرت على اقتصاديات العديد من الدول المستهلكة له، فضلا عن أن إطلالتها على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي جعلها متميزة في موقعها الجغرافي في المنطقة.
وفي عام 1951، وبموجب اتفاقية دفاعية مشتركة وقعها البلدان، أسست الولايات المتحدة بعثة تدريب عسكرية دائمة في السعودية، و بعد سنتين من ذلك، توفي الملك عبدالعزيز، وخلفه ابنه الملك سعود- رحمهما الله.
وبانسحاب بريطانيا من منطقة الخليج في أواخر الستينيات، وأوائل السبعينيات، كانت الولايات المتحدة مترددة في تولي مسؤوليات أمنية إضافية في المنطقة، وسعت إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون إلى الاعتماد على قوى إقليمية لضمان المصالح الأمريكية في المنطقة.
وفي تلك الفترة، زادت قيمة الصفقات العسكرية الأمريكية إلى السعودية بشكل كبير (من 16 مليون دولار في عام 1970 الى 312 مليون دولار في عام 1972). وواصل الملك فيصل التعاون مع الولايات المتحدة، ووقعت واشنطن والرياض على اتفاقية موسعة للتعاون الاقتصادي والعسكري.
وفي عام 1975، وقع الجانبان على اتفاقات عسكرية، بلغت قيمتها ملياري دولار، تضمنت تزويد السعودية بـ 60 طائرة مقاتلة.
وفي عام 1988 أصدر الملك فهد بن عبدالعزيز- رحمه الله- مرسوما أسست بموجبه شركة النفط السعودية (أو أرامكو السعودية) التي حلت محل أرامكو. وبعد انتهاء الحرب الباردة في عام 1989، ازدهر التعاون بين البلدين، وتعززت العلاقة بين البلدين بشكل كبير عقب الاحتلال العراقي للكويت، وحرب الخليج التي تلته.
وفي أكتوبر 2010، أحاطت وزارة الخارجية الأمريكية الكونجرس علما بنيتها إبرام أكبر صفقة تسليح في تاريخ الولايات المتحدة مع السعودية، تبلغ قيمتها 60 مليار دولار. وفي مارس 2015، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أنه خول القوات الامريكية بتزويد السعوديين بدعم استخباري ولوجستي في العملية العسكرية في اليمن.
الزيارات المتبادلة:
يعود تاريخ لقاءات قيادات المملكة، والولايات المتحدة إلى عام 1943م، حينما لم يتمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – من زيارة الولايات المتحدة تلبية للدعوة الرسمية من الرئيس الأمريكي فرانكلين دي روزفلت ، فأناب نجليه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود وزير الخارجية ، وصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمهما الله- لبحث مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفي شهر يونيو من عام 1945م، زار الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، الولايات المتحدة الأمريكية في عهد والده الملك عبدالعزيز – تغمدهما الله بواسع رحمته – بوصفه ممثلا للملك عبدالعزيز، لحضور تأسيس منظمة الأمم المتحدة في مدينة سان فرنسيسكو، والتوقيع على اتفاقية انضمام المملكة إلى المنظمة، لتصبح الدولة الخامسة والأربعين المنضمة إليها.
وزار الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – الولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في 29 يناير عام 1957م، ليكون – رحمه الله – أول الملوك السعوديين الذين زاروا أمريكا.
وخلال شهر فبراير عام 1962م، زار الملك سعود بن عبدالعزيز – رحمه الله – الولايات المتحدة مرة ثانية، واجتمع مع الرئيس الأمريكي جون كيندي لتعزيز العلاقات الاقتصادية وتلبية حاجة المملكة الأمنية، وفي عام 1966م التقى الملك فيصل بالرئيس الأمريكي لندون جونسون، وبحث معه تأسيس شراكة سعودية أمريكية لعمل مشروعات التنمية في المملكة. وزار الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – أمريكا في شهر أكتوبر 1978م، وفي العام ذاته زار فخامة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الرياض، واجتمع مع الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – وبحثا إلى جانب العلاقات الثنائية، ما عرف بمشروع الرئيس كارتر لتحريك عملية السلام بين العرب واسرائيل.
وفي 1985م زار الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – الولايات المتحدة، والتقى الرئيس الأمريكي رونالد ريغان في واشنطن، في حين زار فخامة الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) المملكة ثلاث مرات، الأولى عام 1990م، تلتها زيارة عام 1991م، ثم عام 1992م، وفي كل هذه الزيارات كان الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – على رأس مستقبليه.
وفي 1994م زار فخامة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون المملكة، والتقى الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – في قاعدة حفر الباطن، وبحثا العلاقات بين البلدين.
وقابل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عام 1998م – حينما كان وليا للعهد- الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في زيارته لأمريكا، في إطار جولة عالمية شملت سبع دول، وسبق ذلك لقاءات بين كبار المسؤولين في البلدين، منها اجتماع الملك فهد والأمير عبدالله بنائب الرئيس الأمريكي آل غور، عندما زار المملكة، واجتماع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – عندما كان نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والمفتش العام بالرئيس كلينتون في البيت الأبيض.
وزار الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – أمريكا – حين كان ولياً للعهد – عدة مرات، في السابع عشر من شهر أكتوبر 1987م زار أمريكا ، والتقى الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، وفي عام 1998م قام بزيارة أخرى إلى واشنطن، ثم أتبعها بزيارة أخرى عام 2000م.
وقررت قيادتا البلدين بعد 11 سبتمبر 2001 العمل على تطوير العلاقات، وتوسيع التعاون ليشمل مجالات عديدة مثل الاقتصاد والطاقة والأمن والتعليم ومكافحة الإرهاب، وذلك بإنشاء آلية للحوار الاستراتيجي، وزيادة التنسيق والتشاور بين المسؤولين في البلدين حول القضايا التي تهمهما، وزيادة التبادل الثقافي، والعمل على تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين، ودعم التعاون التقني ونقل التكنولوجيا. .
وفي اجتماع قمة كروفورد عام 2005م تم الاتفاق على إنشاء الحوار الاستراتيجي بين البلدين، لتثبيت العلاقات على قواعد مؤسساتية، وفتح مجال أوسع للمسؤولين المعنيين في البلدين للتواصل المباشر مع بعضهم، واستطاع البلدان عبره تكثيف التواصل بين المسؤولين في مجالات مختلفة، الأمر الذي ساهم في معالجة أمور عديدة ، مثل العمل على تمديد فترة صلاحية التأشيرات للمواطنين السعوديين الذي انتهى بتوقيع مذكرة التفاهم بين البلدين عام 2008 ،والتي بموجبها يمنح كل بلد مواطني البلد الآخر تأشيرات متعددة السفرات تصل لمدة خمس سنوات وذلك للطلاب والسياح ورجال الأعمال، واستثناء المواطنين السعوديين من التفتيش الإضافي في المطارات الأمريكية، وتكثيف التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وتشجيع الاستثمار، وتسهيل تبادل الزيارات بين المسؤولين، ورجال الأعمال، وأعضاء الكونجرس، ومساعديهم، وأعضاء مجلس الشورى والأكاديميين.
كما زار الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – الولايات المتحدة عام 2005م – حينما كان وليا للعهد – ووقع اتفاقيات علمية مع فخامة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن.
وفي عام2008 م قام الرئيس الأمريكي جورج بوش بزيارتين للمملكة الأولى في شهر يناير، والثانية في شهر مايو من العام ذاته، التقى خلالهما الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وبحثا تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.
وفي الثالث عشر من شهر نوفمبر 2008م استقبل الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله- في مقر إقامته بمدينة نيويورك الرئيس الأمريكي جورج بوش أما في الخامس عشر من الشهر نفسه، شارك فقد الملك عبدالله بن عبدالعزيز في اجتماع قمة مجموعة العشرين الاقتصادية بواشنطن،.
وقام فخامة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بزيارة الى المملكة في شهر يونيو من عام 2009م، واشتملت المباحثات التي أجراها مع الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أزمة الشرق الأوسط، والعلاقات الثنائية بين المملكة، والولايات المتحدة وسبل تعزيزها.
زيارات الأمراء:
وشهدت الولايات المتحدة زيارات رسمية لعدد من أصحاب السمو الأمراء، منهم الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – الذي زارها عدّة مرات منها برفقة الأمير فيصل بن عبدالعزيز (الملك فيما بعد) – رحمه الله – عام 1945م وعام 1969م) حينما كان نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، كما زارها عام 1974م) وعام 1977م) حين كان ولياً للعهد.
وزار الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله- الولايات المتحدة الأمريكية عدة مرات من بينها في 29-9-1985م، بتكليف من الملك فهد – رحمه الله – لإلقاء كلمة المملكة في الأمم المتحدة، ثم قام بزيارة رسمية لنيويورك في الشهر نفسه، وقابل الرئيس الأمريكي ريجان.
وبعد هذه الرحلة قام سموه – رحمه الله – برحلة إلى أمريكا لحضور احتفالات الأمم المتحدة بعامها الخمسين، وفي شهر نوفمبر 1999م، زار سموه أمريكا مرة أخرى وقابل الرئيس الأمريكي بيل كلنتون. واستمر تبادل الزيارات وعقد اللقاءات بين قادة البلدين وكبار المسؤولين فيهما ، منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ مرورًا بعهود أبنائه الملك سعود بن عبدالعزيز والملك فيصل بن عبدالعزيز والملك خالد بن عبدالعزيز والملك فهد بن عبدالعزيز والملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ رحمهم الله ـ إلى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـــ حفظه الله ـ
التبادل التجاري:
كشفت وزارة التجارة والاستثمار، عن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين المملكة، والولايات المتحدة في عام 2016م إلى نحو 142 مليار ريال، تمثل قيمة الصادرات السعودية إلى أمريكا (65.6 مليار ريال)، وتمثل الواردات من أمريكا (75.8 مليار ريال). ويميل الميزان التجاري لصالح أمريكا بمقدار 10.1 مليارات ريال.
ووفقاً لتقرير صادر عن الوزارة، فإن أمريكا تحتل المرتبة الثانية بين أكبر 10 دول مستوردة من المملكة، والمرتبة الأولى بين أكبر 10 دول مصدرة إليها خلال عام 2016م.
وبحسب التقرير بلغ عدد المشروعات السعودية الأمريكية، والمختلطة العاملة في المملكة أكثر من (588) شركة، منها (123) شركة صناعية، و(436) شركة خدمية (غير صناعية)، واستحوذت الصناعات التحويلية، والتشييد، والخدمات الإدارية وخدمات الدعم، والمعلومات والاتصالات، على النصيب الأكبر من الأنشطة الاستثمارية الأمريكية في المملكة ، بواقع 373 مشروعا تشكل 63% من نسبة المشروعات.
وبلغ عدد فروع الشركات الأمريكية العاملة في المملكة 175 شركة، فيما بلغ عدد الشركات المختلطة بين شركاء سعوديين، وأمريكيين 436 شركة.
وفي إطار الشراكات والتعاون التجاري بين البلدين، وقعت المملكة في أواخر مايو 2016، مذكرة تفاهم مع شركة GE الأمريكية لاستثمارات مشتركة بقيمة 3 مليارات دولار في قطاعات استراتيجية؛ وفق رؤية المملكة 2030.
وفي مجال الطيران، تم الاتفاق في أواخر فبراير 2016م على تأسيس شركة سعودية بالشراكة بين شركة تقنية للطيران، وشركة سايكروسكي الأمريكية؛ لغرض تطوير وتصنيع وإنتاج الطائرة العمودية متعددة الأغراض نوع بلاك هوك في المملكة، كما شهد تأسيس شركة سعودية بين شركة تقنية الفضائية، وشركة ديجيتال جلوب الأمريكية لتصنيع وتسويق مجموعة من الأقمار الصناعية الصغيرة المخصصة للاستطلاع بالتصوير الفضائي، بجانب تأسيس شركة سعودية بين شركة تقنية للطاقة وشركة سورا الأمريكية لغرض تصنيع وتسويق مصابيح الإنارة المعتمدة على الصمام الثنائي الباعث للضوء (المعروف بـLLID). فيما أبرمت شركة “أتقن” السعودية اتفاقية شراكة مع “Do it Best” الأمريكية عملاق متاجر التجزئة المنزلية والعدد والأدوات ومستلزماتها.
وتضمنت الشراكات الاستراتيجية السعودية الأمريكية تأسيس شركة صدارة للكيميائيات، وهي شراكة بين شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية)، وشركة داو كيميكال الأمريكية برأسمال 20 مليار دولار، بالإضافة إلى بدء شركة Guardian الأمريكية بتصنيع وإنتاج الزجاج بالمملكة.