طهران ــ وكالات
تفجر على نحو عاصف صراع الأجنحة والتيارات السياسية داخل بنية النظام الإيراني، على إثر الاحتجاجات الأخيرة التي ضربت عدة مدن في البلاد مؤخراً، من بينها العاصمتان السياسية طهران، والدينية قم، احتجاجًا على السياسات القمعية والظالمة التي يتبناها النظام الإيراني.
وفي الوقت الذي هاجم أحمد خاتمي، والمقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، دعوة الرئيس حسن روحاني لعقد استفتاء شعبي، بغية الخروج من الأزمة السياسية الراهنة على خلفية الاحتجاجات، وجّه الرئيس السابق أحمدي نجاد، أصابع الاتهام إلى السلطة القضائية بالضلوع في قتل المعتقلين بالسجون، واصفًا إياه بـ”ضد الشعب”، معتبراً أن الأمور ستتغير لصالح الشعب الإيراني قريبا.
واعتبر أحمد خاتمي، إمام الجمعة المؤقت في طهران وعضو مجلس خبراء القيادة، دعوة روحاني للخروج من المأزق السياسي الحالي عبر استفتاء شعبي، تهدف إلى اسقاط نظام “ولاية الفقيه”، وفتح المجال أمام تنصيب نظام علماني على حد قوله.
وفي إطار هجومه المتكرر على رئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني وأبنائه المتهمين بالفساد، اتهم الرئيس السابق أحمدي نجاد، السلطة القضائية بـ”الظلم”، وملاحقة المحتجين والتنكيل بهم في السجون، ثم الادعاء بانتحارهم أو إدمانهم لدى تسليمهم إلى ذويهم، وذلك على إثر منعه وصهره اسفنديار رحيم مشايي، من دخول جلسة استنئاف لمساعده الأسبق حميد بقايي، المتهم بقضايا فساد مالي.
ويرى مراقبون، أن الصراع داخل بنية نظام الملالي يتزايد على إثر الاحتجاجات الأخيرة، وسط تنافس شرس بين المؤسسات الإيرانية، إلى جانب التصادم بين تياري الأصوليين والإصلاحيين، في ظل سعي كل طرف منهما للعودة إلى مقعد السلطة من جديد، في حين تتحدث توقعات عن صراع أشد وطأة حال غياب المرشد الإيراني المريض بسرطان البروستاتا علي خامنئي عن المشهد السياسي.
بينما تستمر الاحتجاجات المتفرقة في أنحاء إيران ضد سياسات النظام التوسعية ودعمه المليشيات الطائفية في سوريا والعراق ولبنان واليمن على حساب الشعب الايراني وكان مجلس الشورى الإيراني قد أعلن موافقته لزيادة تكاليف المياه والكهرباء والغاز خلال موازنة العام الإيراني المقبل الذي يبدأ في 21 مارس المقبل وفقا للتقويم الفارسي.
ويأتي هذا القرار بعد جدل ومناقشات طويلة بهدف سد العجز في الموازنة حيث وافق البرلمان على رفع الأسعار وفقا للخطة السادسة في إيران، التي تنص على أنه يمكن أن تزيد تكاليف المياه والكهرباء بنسبة 20 إلى 30 في المئة سنويا.
وفى السياق استعرض باحثان في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى سبل لمواجهة “فيلق المرتزقة” وهو الاسم الذي يطلق على المليشيات التابعة لنظام الملالي في المنطقة، والتي أسهمت بدور كبير في زعزعة الاستقرار بالمنطقة.
وقالت حنين غدار، زميلة معهد واشنطن للدراسات، إن تلك المليشيات تسببت في اختلال التوازن السياسي والاجتماعي في عدد من البلدان في المنطقة، منها لبنان بوجود مليشيات حزب الله، الذي وضع بشكل مباشر تحت قيادة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى وجود مكثف لمليشيات لواء فاطيميون الأفغانية ولواء زينبيون الباكستانية في سوريا.
وأضافت غدار أن وجود تلك المليشيات أسهم في اختلال العملية السياسية للدول التي توجد فيها، إضافة إلى استخدامها كجسر بري يربط بين إيران وأجزاء من العراق وسوريا ولبنان؛ حيث يخدم 3 أغراض رئيسية هي: توفير وسائل قليلة التكلفة لنقل الأسلحة من إيران إلى حوض البحر المتوسط، وثانيها فتح خط إمداد بديل في حال قيام إسرائيل بقصف المطارات، وثالثها ترسيخ الهوية التشددية والطائفية المقاتلة في المنطقة.
وشددت غدار على أهمية دعم التيارات السياسية في الدول التي توجد بها تلك المليشيات لوقف سطوتهم على الحياة السياسية في تلك الدول، إضافة إلى ضرورة وضع الإدارة الأمريكية لخطوط حمراء فيما يخص سوريا ولبنان واليمن لمنع تغلغل تلك المليشيات في الحياة السياسة، وذلك عبر رفض التعامل مع ممثلي أو أحزاب تلك المليشيات كممثلين سياسيين لتلك الدول.
وفيما يخص الولايات المتحدة ومواجهتها مع تلك المليشيات، قال فليب سميث خبير المليشيات والباحث بجامعة مريلاند الأمريكية، إن الإدارة الأمريكية لابد لها من إعادة النظر في شبكة المليشيا التابعة لإيران؛ حيث لابد من رصد وإعادة تصنيف جميع الأطراف التي تتعاون مع نظام الملالي في طهران لوضع خريطة متكاملة للجماعات والتنظيمات التابعة للملالي، خصوصا المرتزقة منها.
وشدد سميث على أن غياب التدقيق العقائدي أدى لإضعاف فاعليتهم، إلا أن استعمالهم طائرات الاستطلاع بدون طيار يشكل تهديدات جديدة وخطيرة على الأمن في المنطقة.
وأشار سميث إلى أنه على واشنطن إدراك أن شبكة التحالفات الإقليمية الحالية التابعة لإيران مؤقتة، إضافة إلى أن الفهم الجيد للأيديولوجية الإيرانية سيسمح للمجتمع الدولي بمواجهة تلك المليشيات بشكل أفضل، إضافة إلى ضرورة العمل على كيفية استخدام شبكات التحالفات في المنطقة بشكل أفضل.