دولية

نائب يكشف أسرار وفاة المتظاهرين .. رغم مزاعم النظام بانتحارهم .. نائب إيراني يفضح تسميم سجناء المظاهرات

طهران ــ وكالات

في الوقت الذي يكتنف الغموض أسباب وفاة عدد من المتظاهرين الإيرانيين كانوا محتجزين في السجون، كشف نائب إيراني أن سلطات السجون كانت لا تتورع عن تعذيبهم، وأجبرت البعض على تناول أقراص أمرَضَتْهُم قبل وفاتهم.

وقال النائب الإيراني، محمود الصادقي، إن أحد المتظاهرين الإيرانيين الذين توفوا أثناء احتجازهم أجبر على تعاطي حبوب جعلته مريضًا، كما ذكرت أسرته، حسب صحيفة “الجارديان” البريطانية.

ولا يُعرف سوى القليل عن الظروف التي أدت إلى مقتل 5 متظاهرين على الأقل داخل سجون نظام الملالي في إيران بعد حملة اعتقالات جماعية خلال أكبر احتجاجات تشهدها إيران منذ ما يقرب من عقد من الزمان.

ولقي نحو 50 شخصا مصرعهم في اشتباكات خلال الاضطرابات التي بدأت في 28 ديسمبر الماضي؛ احتجاجا على المظالم الاقتصادية، وانتشرت في جميع أنحاء البلاد وتمت مواجهتها بحملات قمعية.

ونقلت الصحيفة عن الصادقي، الذي وصفته بـ”النائب الجريء”، قوله إنه تم اعتقال حوالي 3700 شخص خلال الاحتجاجات.

واعتبرت أن سلسلة من التغريدات نشرها الصادقي، الذي كان يحقق في سلوك السلطات أثناء حملة القمع، منذ بداية الاضطرابات تمثل مصدرا نادرا للمعلومات من داخل البلاد.

وكتب الصادقي أنه “وفقا لأقارب أحد المعتقلين الذين ماتوا في السجن، فإنه قال لأسرته خلال محادثة هاتفية (قبل وفاته)، إن السلطات أجبرته وسجناء آخرين على تناول أقراص جعلتهم مرضى”.

ولم يكشف النائب الإيراني عن هوية السجين، ولكن تم التعرف على هوية 3 على الأقل من الذين لقوا مصرعهم في السجن.

وأوضحت الصحيفة أن سينا جانباري (23 عاما) توفى في سجن “إيفين” في طهران، وهو السجن السيئ السمعة والأكثر شهرة في البلاد، وزعمت السلطات أنه انتحر.

وقال أقارب سارو جهرماني، وهو سجين آخر توفى أثناء احتجازه، إنهم تسملوا جثته بعد 11 يوما من اختفائه خلال احتجاجات مناهضة للحكومة في مدينة ساننداج الغربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن إيران لديها تاريخ حافل من اللجوء إلى الاعترافات القسرية، وهو نمط مألوف يستخدم ضد سجناء الرأي وشركائهم.

كما قالت والدة جهرماني إن جثة ابنها تحمل علامات تعذيب وضرب، وأن السلطات سمحت لها ووالده فقط بحضور جنازته.

وأثارت القضية اهتماما واسع النطاق بعد أن قالت بهارة رحناما، وهي ممثلة معروفة في إيران، على “تويتر” إن جهرماني كان عامل توصيل في مطعم تمتلكه، ووصفته بأنه شخص “هادئ وخجول وكثيرا ما يشعر بالقلق على والدته”.

أما السجين الثالث فاسمه محمد حيدري، 22 عاما، فقد توفى أثناء احتجازه في مركز للشرطة في مدينة أراك، وزعمت السلطات الإيرانية كذلك أنه انتحر.

وكان صادقي وأكثر من 40 نائبا إيرانيا كتبوا رسالة إلى رئيس البرلمان الإيراني يطالبون بإجراء تحقيق مستقل حول الوفيات المشبوهة.

وفى السياق قال نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية إيلان بيرمان : إن التظاهرات الأخيرة في إيران ربما تتلاشى، لكن البيت الأبيض يكثف ردوده تجاه طهران.

وأشار بيرمان، وهو خبير في الأمن الإقليمي للشرق الأوسط، خلال مقال له على شبكة “يو إس نيوز أند ورلد ريبورت” الأمريكية، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فتح جبهة جديدة ضد النظام الإيراني عبر فرض عقوبات جديدة متعلقة بحقوق الإنسان على عدد من الشخصيات والمؤسسات الرئيسية بالنظام.

وأضاف أن الأهداف تضمنت صادق لاريجاني، رئيس السلطة القضائية الذي أدرج بالقائمة السوداء؛ لإصداره أوامر بارتكاب سلسلة من الانتهاكات لحقوق الإنسان ضد أشخاص في إيران أو مواطنين إيرانيين أو مقيمين.

وأشار الخبير في الأمن الإقليمي إلى أن العقوبات أيضاً طالت مؤسسات مثل المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني الإيراني، ومليشيات الحرس الثوري، اللذين كانتا ضالعين في تقييد إمكانية الوصول إلى الإنترنت خلال التظاهرات الإيرانية.

وأكد بيرمان أن ما حدث من تصنيفات أمر عظيم؛ لثلاثة أسباب: الأول أنها تمثل وفاء الإدارة الأمريكية بوعودها، مشيراً إلى أنه خلال ذروة التظاهرات التي اجتاحت شوارع إيران، حذرت إدارة ترامب نظام الملالي من مواجهة “عواقب” حال محاولته إخماد التظاهرات، لكن رغم ذلك أطلق النظام حملة قمعية ممنهجة أسفرت عن سجن 4 آلاف إيراني تقريباً، ووقوع كثير من حوادث التعذيب والقتل خارج إطار القانون.

وأوضح نائب رئيس المجلس الأمريكي خلال مقاله، أن العقوبات الجديدة للإدارة الأمريكية تأتي عقاباً على مثل تلك الممارسات القمعية.

وقال الخبير في الأمن الإقليمي إن السبب الثاني يتمثل بالتطور الملحوظ في تفكير الإدارة الأمريكية، فحتى وقتنا هذا، أعطى البيت الأبيض اهتماماً قليلاً بمحنة الإيرانيين.

وأشار إلى أن الاستراتيجية الإيرانية “الشاملة” لإدارة ترامب ركزت تركيزاً كبيراً على التهديد الإقليمي والاستراتيجي الذي تشكله طهران، وليس على الممارسات القمعية الداخلية للنظام الإيراني، ‎لكن على النقيض من ذلك، تعكس الشريحة الأخيرة من العقوبات فهماً جديداً ومرحِّباً بالقدرة التحويلية “للقوى البشرية” في إيران والحاجة إلى دعم قوات المعارضة هناك.

وأوضح أن السبب الأخير يتمثل في أن التركيز الجديد للإدارة الأمريكية يعكس رغبة متزايدة في مثل هذا الضغط من جانب الشعب الأمريكي.

فيما قدّم نواب أمريكيون مشروع قانون ينص على تشديد الاتفاق النووي الموقع في العام 2015 مع إيران وعلى إعادة فرض عقوبات ضدها في حال عدم احترام طهران للمتطلبات الجديدة.

وقالت النائبة الجمهورية ليز تشيني في بيان، إن النص الذي تقدّم به زميلها الجمهوري بيتر روسكام “يشير بوضوح إلى ما يجب أن يتضمنه الاتفاق (النووي) الفعّال؛ من أجل منع إيران فعلا من الحصول على أسلحة نووية”.

وأوضحت تشيني أن أي اتفاق “يجب أن يسمح على الأقل بعمليات تفتيش، بما في ذلك للمنشآت العسكرية، في أي مكان وزمان، وفرض حظر على تخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية، وحظر على تطوير الصواريخ الباليستية”.

ونددت تشيني بالاتفاق النووي الحالي الذي فاوضت بشأنه على مدى أكثر من عامين إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والذي “منح النظام الإيراني رفعا للعقوبات مقابل وعود لا يمكن التحقق منها”، على حد وصفها.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في الآونة الأخيرة عن قراره بالبقاء في إطار الاتفاق النووي، غير أنه أعطى مهلة للأوروبيين؛ من أجل أن يساعدوه على تشديد بنود هذا الاتفاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *