يمثل الرئيس المقتول علي عبدالله صالح حالة خاصة في اليمن ففي موته وفي حياته يستمر في مراوغاته، فهو يقلب الموازين بسرعة دون تردد، فانقلابه على الشرعية وفتحه المسار للحوثي لاحتلال اليمن، وتقلباته في خطاباته حتى آخر لحظة من عمره باتت سمة في شخصيته،

وبعد أن رأى العالم أنه يتجه نحو عروبته ويسعى لإصلاح ما أفسده قلب الطاولة بمقتله، وجعل اليمن يعيش في حالة غير طبيعية، وفي ثورة حقيقية، معظمها حانقاً على ما حدث، والتاريخ سيحمله الكثير مما حدث في اليمن.

إن احتجاز واختطاف ومن ثم قتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، ليس مجرد جريمة حرب لدى الشعب العربي اليمني، بل هو جريمة كبرى لا يطفئ نارها سوى الانتقام من قتلته.
وإن خلو الساحة من صالح يعني محاولة الحوثي التفرد بصنعاء، وهو الخط الذي ترسمه الميليشيا سعياً وراء السيطرة عليها، والتي كان يقف في وجهها حليفها الذي مهد لها احتلال اليمن قبل ثلاث سنوات، ولكن الأفعى حتى وإن ملمسها ناعما إلا إنها عند تقلبها يكون في نابها العطب..

وهذا ما حدث للحليف حين حاول الخروج من حلفه معهم، فما كان منهم إلا أن يقتلوه، لأنه لا يتفق مع أجندتهم المرسومة من طهران.

ولا ننسى أن أسلوب مقتل علي صالح في الوقت الذي أراد فيه أن يكفر عن خطأه بتحالفه مع الحوثي ضد شعبه، يشابه أسلوب مقتل رفيق الحريري في لبنان عندما بدأ عملية إصلاح شاملة في لبنان، ومن ذلك أراد تحجيم حزب الله وسحب سلاحه ولكنه اغتيل نهاراً جهاراً. مع فارق أن صالح لم يكن يسعى إلا إلى لعب ورقة ضد الشعب اليمني بعد أن رفضه في ثورته عليه، وبعد أن توج رئيساً جديداً لليمن جراء هذه الثورة ، ولكن هذه الورقة هي التي أحرقته وأخرجته من الدنيا كلها وليس من صنعاء فقط.

ولعل مقتله أخرج اليمنيين، الذين يرون أن ميليشيا الحوثي تعمل لمصلحتهم، من غفوتهم أو غفلتهم التي عاشوها طوال ثلاث سنوات. ولعله درساً لهم ليوضح العدو من الصديق، وستكون المواجهة بين أنصار علي صالح والشعب اليمني وبين الحوثي، وخصوصاً بعد التشفي الذي أظهره عبدالملك الحوثي على الملأ. وسيواجه اليمن صعوبات جمة حتى عودة الشرعية بالكامل لتعيد التوازن لليمن.. ومن ثم البدء في انتخابات لاختيار رئيس له.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *