عرض وتحليل/ حمد حميد الرشيدي
يقع الكتاب الصادر بطبعته الثانية, عام 1435 للهجرة عن (دار الكفاح ) للنشر والتوزيع بمدينة الدمام, لمؤلفه , الكاتب العربي السوداني المعروف , الأستاذ / جعفر عباس في 293صفحة من القطع الكبير. وهو عبارة عن مجموعة كبيرة من المقالات التي كتبها الأستاذ /جعفر عباس أو” أبو الجعافر” كما يطلق على نفسه هذه الكنية, بشكل (عمود صحفي) وتم نشرها على فترات زمنية مختلفة , محصورة فيما بين عام 1995 , وعام 2000 للميلاد, أي في حدود خمس سنوات , كما هو واضح من التواريخ التي يذيل بها الكاتب نهاية مقالاته .
وقد قام الناشر بجمع هذه المقالات وطباعتها ونشرها في هذا الكتاب , والتي سبق أن تم نشرها- كما ذكرت آنفا- في بعض الصحف والمجلات العربية , من أهمها: صحيفة الوطن , وصحيفة القدس العربي, ومجلتا: المشاهد والمجلة.
ويمتاز أسلوب جعفر عباس- ككاتب عمود صحفي – بالسخرية اللاذعة , كما عرف عنه, تلك السخرية ذات الحس الأدبي الرفيع , والعمق الثقافي, والمنحى الإنساني, الهادفة – في مجملها – إلى انتقاد سلوكيات المجتمع , وتصرفات عامة الناس, والتعريض بها , بغرض تقويمها, بعيدا عن التجريح الشخصي , والقدح الذاتي , أو تهميش الشخصية المنتقدة ,أو التقليل من شأنها, مهما كان جنسها وهويتها , ومكانتها في المجتمع , وموقعها منه.
وهذا بالتأكيد مما أكسب هذا الكاتب قبولا عاما لدى عامة القراء,الذين يتابعون ما يكتبه في أنحاء متفرقة من الوطن العربي, نظرا لخفة ظله, وسلاسة لغته ,وجمال أسلوبه وشفافيته, ولمزجه بكتاباته فيما بين النكتة والظرف والسخرية وخفة الروح, ولكونه أيضا من أولئك الكتاب العرب القلائل, الذين يخاطبون المجتمع العربي, وعقليته, وعاداته وتقاليده وثقافته وحضارته, ويناقشون بكتاباتهم بعضا من الأوضاع والجوانب الاجتماعية والسياسية والأمنية والاقتصادية, التي يمر بها هذا المجتمع, وهمومه وما يواجهه من مشاكل- أفرادا وجماعات- وعلى مدى تاريخه البعيد والقريب.
ولعل هذه الشمولية والدقة والموضوعية المتجردة التي اتسم بها أسلوب جعفر عباس, وبساطته وتلقائيته هي أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت منه كاتبا مقروءا – صحفيا – من قبل الملايين من القراء العرب, سواء كانوا داخل المنطقة العربية أو خارج حدودها, وذلك لتناوله للموضوعات التي تلامس مشاكلهم وتخاطب مشاعرهم وعقولهم, في أي شأن من شؤون الحياة.
وفي ختام حديثنا عن هذا الكتاب وصاحبه, فاني قد لا أجد ما يمكن أن أصفه به من وصف مناسب يليق به إلا ما أورده الناشر- كتصدير لهذا الكتاب وكاتبه – من مقالة مجتزأة بقلم الدكتور/ غازي القصيبي- رحمه الله- حول جعفر عباس – ككاتب – إذ يقول:
( بدأت أتابع الزاوية, وأصرخ كلما انتهيت من قراءتها” وجدته! وجدته!” . من وجدت؟ الكاتب الساخر الراقي, الذي كنت أبحث عنه (جعفر عباس)….ومنذ ذلك الوقت أصبحت مدمنا قراءته!…أيها الناس! كتابات جعفر عباس تصيب القارئ بالإدمان, وها أنذا أنذركم, فاقرأوا أو افرنقعوا..).