بقلم/ولد الهُمامي
لي صديق أعرفه منذ الطفولة وأعرف قدراته وإمكاناته. باختصار يجهل أحكام الهمزة ولا ضير في ذلك طالما المرء يقف عند حدوده. تفرقنا كما تفرق معظم زملاء الدراسة في هذه الدنيا الواسعة ولم نعد نلتقي إلا في المناسبات أو عبر الهاتف من وقت لآخر.
ثم التقينا مجدداً قبل عام أو يزيد ولكن كان اللقاء عبر أحد المجموعات في برنامج الواتس آب وكانت المفاجئة. لم أعد أعرف صديقي، لقد أصبح عالماً موسوعياً بل مرجعاً وبحراً للعلوم.
هذا الصديق أصبح يتقمص عدة شخصيات على مدار اليوم والليلة فيبدأ صباحاً ليكون موظف استقبال فينثر الورود والتحايا مع أجمل الابتسامات. ثم ينتقل لدور الأم أو الجدة الحنون فيتلو علينا الدعوات والوِرْدَ تلو الورد ويقوم بتحصين أعضاء الفريق من همزات الشياطين وقد يبعث إلينا مشكوراً ببعض التسجيلات الصوتية من القرآن الكريم.
حين يبدأ الدوام يتنقل صاحبي هذا من مهنة لأخرى فقد يبدأ نهاره معالجاً نفسياً أو مستشاراً مالياً ثم يصبح طبيباً وبعدها بدقائق يكون بائعاً متجولاً أو ميكانيكي سيارات وخبير علاقات دولية أيضاً لم لا؟.
أصبح صديقي في كل يوم يؤدي دور مونولوجست ورياضي وناقد سينمائي وسيناريست ومخرج بعدها جناح ايسر وراس حربة وحارس مرمى وصانع ألعاب سلة الأحلام ومدرب سباحة توقيعية وبعد المباراة محلل رياضي وهو في نفس الوقت ليبرالي علماني راديكالي ديموقراطي ومتطرف أيضاً والأعجب أنه يصبح أحياناً شيطاناً وداعية في نفس الوقت.
وصلتني مؤخراً رسالة من صاحبي (ابو العُرِّيف) عبر مجموعة الواتس فعاتبته على ما جاء فيها من أخطاء. وجاءني منه رد باهت ساذج و أبله ” كما وصلني”.
حينها زالت حيرة قلبي مع أبو العريف ولم أعد أداري أو أخبي وعندما أقبل الليل أخذت أشدو.
يا هدى الحيران في ليل الضنى
قد غدوت الآن أدري من أنا وأين أنا