نتحدث عن المشكلات ولا نباشر حلها

• عبدالله فراج الشريف

منذ قرأت تصريحات وزير الاسكان، ونحن نخوض في حديث عن معضلة تعاني منها بلادنا أمداً طويلاً وسمعنا من التنظيرات لحلها ما لو جمعناه في كتاب لبلغ عدداً كبيراً من المجلدات قد نعجز على الاطلاع عليه كله.. ففي زمن بعيد في نهاية الستينات الميلادية.. حينما تخرجت في الجامعة ولدينا في الاسكان مشكلة نحاول حلها فجعل مواطنينا لا يمتلكون المنازل التي يقيمون فيها، وهي عقارات تملكها فئة قليلة من الناس لها القدرة على امتلاكها، وكانت حينها الايجارات في مقدور متوسطي الدخل ومحدوديه تحملها، فطالب ملاك العقارات برفعها، فلما سمح لهم برفعها اخذت في التزايد حتى لم تجعل لهم القدرة على الادخار بعد ان ارتفعت ارتفاعاً باهظاً، ولم يستطيعوا شراء الاراضي لبناء مساكن لهم حينما ارتفعت اثمارها ارتفاعا لا علاقة له بالقوانين الاقتصادية واصبح امتلاك ارض حلماً يكاد ان يستحيل تحقيقه.. فتزايدت اعداد العاجزين عن امتلاك المنازل، وجاء مشروع الصندوق العقاري الذي لم يستطع ان يحل المشكلة، وربط المساكن المبنية عن طريقه بقرض يمتد خمسة وعشرين عاما، مما اشعر الساكن انه يدفع ايجارا لا ثمناً لمسكن يمتلكه، ولما انشأت وزارة الاسكان ظن الكثيرون انها قد تضع من الخطط الممكنة التطبيق ما يحل هذه المعضلة التي تطاول عليها الزمن ولكنها لم تأت بجديد غير التصريحات المتلاحقة والتنظيرات المتتابعة، والتي لا اثر لها ابدا في حل المشكلة، واليوم يشتغل الجميع بتصريحات اقدم عليها وزير الاسكان يؤلها المتأولون ويسخر منها البعض، ويدافع عنها البعض الآخر، والمشكلة تراوح مكانها لا حل لها الا بالاستفادة من جهود لدول بذلت اقصى طاقاتها في ان ينعم كل مواطنيها بسكن مريح يملكه، ويأمنون على اسرهم فيه، بما يبذل من جهد ومال هو في حدود قدرته، ويشمله دخله، ومن هذه الدول دول نامية اذ لم نقل انها فقيرة فهي لا تمتلك من الامكانات المادية ما نتملكه، ومع ذلك استطاعت حل مشكلة الاسكان او كادت ولا اظن الا ان لدينا مبدعين يمتلكون المعرفة والخبرة لو اتيح لهم ان يعملوا على حل المعضلة لاستطاعوا وفق دراسات مقننة وخطط علمية معتبرة، المساهمة في حلها بأسرع مما حلت به في تلك الدول، فالقوس اذا لم تعط لباريها، حطمها الهاوي الذي لا يعلم عن بريها شيئا، اننا في امس الحاجة لمثل هؤلاء، والى ادارة ناجحة تسيطر على الوضع لمصلحة الوطن واهله، فمن لا يملك منزله لا يشعر ان يعيش في وطنه، فقد تطاول الزمن بكثير من مشكلاتنا دون حل، ونحتاج ان نشعر بهذا ونعترف به، فهو اول الطريق للوصول الى الحلول، وان نبحث عمن يقوم بالعمل على حلها، ونحن على ثقة من قدرته على ذلك، ولنا معايير حقيقية لاختياره لامتلاكه المعرفة والخبرة والقدرة على الابداع، وان ندعمه ادارياً وتمويلياً مما يجعله قادراً على تحقيق الانجاز في اقل مدة ممكنة.
ونحن ان لم نفعل ذلك فانا نطيل من هذه المشكلة دون جدوى، فالمعضلات لا تحل بالتنظيرات ولا بالتصريحات، وانما بالعمل الدؤوب ليل نهار وفق خطط موضوعة ودراسات علمية ميدانية موثوقة.
هذا هو ما يحل مشكلاتنا ان اردنا لها حلاً فعلياً ، ولعل من اخطر مشكلاتنا التي تحتاج الى حل سريع هي مشكلة الاسكان، فها هم مواطنون خدموا بلادهم مدة حياتهم، وبلغوا سن التقاعد ولم يمتلكوا منازل لاسرهم، بل غادر بعضهم الحياة ولا تزال اسرهم في عقارات مؤجرة، وكانت امالهم عريضة في ان يمتلكوا منازل لاسرهم يأمنون بها عليهم بعد وفاتهم، فلم يقدر الله لهم ذلك، لان دخولهم لم تحقق لهم ذلك.
فهلا بذلنا من الجهد وما يجنب مواطنينا مثل هذا هو ما نرجوه والله ولي التوفيق.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *