غداً.. يوم آخر ..سعادة داخل خزانة
مع اقتراب نهاية شهر الخير، تأهبت لانتفاضة تنظيف وترتيب للمنزل كحال معظم البيوت في تلك الأيام الجميلة، ومن الطبيعي أن تكون غرف الأبناء أهم المواقع المستهدفة.. لما تحويه من خيرات وفيرة ملقاة على أرضية الغرفة، أو فوق الأسرة، أو وضعت “بقدرة قادرٍ” على سطح الخزانة، توجهت لغرفة بناتي وقد حلت ملامح غضب هجومي على وجهي استعدادا لما سأراه داخلها.
بدأ أعضاء الكتيبة في التحرك بخطط عشوائية إرضاءً للقائد الثائر أمامهم، وكالعادة تقع عيني دائماً على مواقع لا يراها الأخرون، فوجدت صندوقاً تراكمت فيه الأشياء بصورة فوضوضية وهممت أن أقلبه رأساً على عقب، ولم يوقفني عن فعلي هذا إلا صوت صراخ مرتفع من ابنتي الكبرى:
– لااااا ماما هذا في أشيائي من الروضة إلى اليوم لا ترميه..
تراجعت عن قراري بعد تردد ودون أن أظهر انهزامي قلت بملامح عدم الرضا
– طيب عيدي ترتيبه وتنظيمه
في إحدى الأرفف وجدت مجموعة من الصخورالعادية، لا تحمل أي شكل جمالي بل قد تكون جُمعت من الشارع المقابل لمنزلنا، فنظرت نظرة استنكار إلى ابنتي الصغرى وأنا أشير بيدي نحو الصخور
“وهذه ايش تطلع”
(أجابتني بصوت متهدج وقد تحول وجهها إلى مقطوعة من مأساة، محاولة منها أن ترقق قلبي، بعد أن تجمعت قطرات في عينيها، على الرغم من صوتي المنخفض لمعرفتي بحساسيتها المفرطة) هذه أحجار نادرة جمعناها أنا وصاحباتي في رحلة المدرسة.
نادرة…؟ ( قلتها في تعجب ساخر) طيب النادرة دي حتفضل هنا
( أشارت برأسها علامة نعم بهدوء وإصرار دون أن تتكلم )..
لم استطع مقاومة تلك النظرة منها، فتركت صخورها مكانها بعد أن نظفت ما تحتها من أوساخ.
أخذت المهمة وقت كبير على غير ما توقعت، وعدت لحجرتي بعدها منهكة لا أرغب في القيام بأي أمر آخر ولا حتى مجرد الحديث.. بقيت في حجرتي أنظر في السقف وأراجع أحداثي مع بنياتي، ثم ابتسمت ابتسامة فرح طفولي نظرت نحو خزانتي وتحولت ابتسامة الفرح لابتسامة مشاغبة، توجهت نحو الخزانة وأخرجت منها دفتر قديم متهالك وممزق من كل صوب،
ثم بدأت في فتح صفحاته تصحبني ابتسامة أو ضحكة وأحياناً دمعة، حتى الدمعة كانت تحمل معها سعادة داخلي لا تضاهيها أي سعادة، لم اتنبه للوقت إلا عندما سمعت نداءات أمي تقترب نحوي، احتضنت دفتري بقوة ونظرت نحوها فابتسمت وقالت:
ربي يديم هاذي الضحكة…
نظرت نحو دفتري في رضا، وكأني أقول لها هنا مصدر سعادتي..
* للتواصل على تويتر وفيس بوك
التصنيف: