•أبو أحمد الجداوي
رغم أنني تربيت ونشأت على الشعر القديم المقفى الموزون وعلى الأدب العربي لكتاب من أمثال ابن عبد ربه، الاصفهاني، الجاحظ، العقاد الطنطاوي، المنفلوطي،الكيلاني، عبدالحليم عبدالله، يوسف إدريس والسباعي وغيرهم ولم أكن أسيغ شعراً غير موزون أو أدباً باللهجات الدارجة.
لكن ذلك القنديل الجداوي المرح استطاع أن يخرجني من عزلتي فأحببت بل عشقت شعره. لم أكن أشتري الجريدة وقد كانت تكلفني من القروش أربعاً ثم أصبحت بستة قروش. لم أكن أشتريها إلا لقراءة شعر أديبنا الجداوي أحمد صالح قنديل.
كانت قناديله تلامس واقعنا وتصف الداء والدواء. وكم كانت فرحتي حين أصدر كتابه “أبو عرام والبشكة” فكنت من أوائل المشترين رغم صغر سني ولا زلت أحتفظ بنسخة ذلك الكتاب رغم مرور أكثر من خمس و أربعين عاماً على صدوره. وهذا الكتاب يحوي سرداً ممتعاً باسلوب فكاهي لشخصيات جداوية ومكية ومدنية ظريفة كانت ولا زالت في تراثنا كما أنه يورد بعض حكايا العالم السفلي الطريفة.
اليوم إخترت لكم من هذا الكتاب جانباً من سيرة “هول الليل”. والسيرة هي لطائفة من الجن العابث الذي يقيم في الخلاء ويعمل على تضليل المسافرين ليلاً والتلاعب بهم وبث الرعب في قلوبهم. وكم تاهت قوافل و أفراد في البر والبحر بسبب هول الليل هذا.
وعندما إشتد أذاه، إجتمع بعض العمد ورؤساء البشك ومنهم درويش رقام، سليمان ابو داود، درويش كيال، حامد عزاية والاصفهاني وبن زقر والعجلان والعتيبي والسندي وتباحثوا في كيفية تفادي أذاه حين يخرجون هم وأفراد بشكتهم للسمرة خارج السور
إنتهى ذلك الإجتماع بالعديد من التوصيات التي لم تردع هول الليل إنما خففت من أثره عليهم لتستمر سمراتهم خارج السور.
رحم الله الجميع.