متابعات

زواج القاصرات..مواطنون ومأذونو أنكحة بين القبول والرفض .. الشرع لا يمنع .. الطب النفسي : ظلم .. ووزارة العدل تلتزم الصمت

جدَة ـ ليلى باعطية

الزواج شراكة ورباط مقدس يحتاج وعياً وإدراكاً ونضوجاً ، بكل ما فيه من مواقف وظروف ومستجدات ، خاصة عندما يرزق الزوجان بأطفال فتتزايد الأعباء والمسؤوليات ، مما يعيد طرح القضية الجديدة القديمة” زواج الفتيات مبكراً ، في ظل كشف إحصائيَّة صدرت العام الماضي عن الهيئة العامَّة للإحصاء أن أكثر من 200 ألف فتاة في مختلف مناطق المملكة تزوجن في عمر الـ 15 عاماً خلال العام نفسه.

سجلت منطقة مكَّة المكرَّمة أكثر حالات زواج الفتيات في سن الـ15 عاماً بـ58188 فتاة، تليها منطقة الرياض 54083 فتاة، و المنطقة الشرقيَّة في المرتبة الثالثة بـ46881 فتاة، بعدها منطقة عسير 20495 فتاة، فيما احتلت المدينة المنوَّرة المرتبة الخامسة بـ15896 فتاة، و كانت الحدود الشماليَّة الأقل بـ2666 حالة زواج، تليها منطقة الجوف، والباحة، ونجران. “البلاد” استطلعت آراء قرائها ، وسألت مأذوني أنكحة ومختصون بالطب النفسي والعلم الشرعي والقانون ومدير إعلام وزارة العدل حول تزويج الفتيات في عمر الـ 15، تباينت الآراء والمواقف ، فيما التزم ” مسؤول العدل ” الصمت .

– صاحبة تجربة : لن أنسى ما فعلته عائلتي
تقول المواطنة الخمسينية “أم محمد” بوجع: رغم مرور 45 عاماً على زواجي إلا أنني لا زلت أشعر بأنه وقع عليّ ظلمٌ كبير من أهلي، ولا أستطيع نسيان زواجهم لي وأنا بعمر الـ 11 عاماً، وتجتر ذكرياتها مضيفة : كنت حينها لا أزال ألعب في الشارع مع بنات جاراتنا ، ليأتي ذلك اليوم الغريب الذي تهمس فيه أمي بأذني : إنتبهي أن يراك “فلان ” في الشارع، وكنت كلما لمحته أهرب حتى لا يراني طاعةً لأمي، لأتفاجأ بعدها بأسبوعين يتم تحضيري “عروسةً” لهذا الرجل.

مؤيدون : أفضل بوجود الزوج المناسب
تؤيد المحامية مرام الحركان تزويج الفتاة في عمر الـ 15 عاماً ، في حال أتى الفتاة الزوج الذي لا يُرد، أو كانت بلا طموح ورغبت بالزواج من دون إجبار.

وأيضا الإعلامي علي فقندش من المؤيدين لزواج الفتاة في عمر الـ 15شريطة أن يأتي النصيب إليها طبيعياً، ويجد زواجها مبكراً أفضل من بلوغها الـ 25، وحينها سيبحث الأهل عن خاطبٍ لها ، وتضعف اشتراطات ضمان المستقبل الزوجي الأكثر أماناً.

معارضون :
أما لاعب الكرة “عابد حافظ” فإنه لا يؤيد الزواج في هذا العمر، لكون الفتاة في مرحلة طفولة وليس لديها الإدراك النفسي والصحي والاجتماعي بالمسؤوليَّة، ويحمّل الأهل مسؤوليَّة حدوثه.

وتوافق الرأي السابق “نوف الهندي” أقائلة : الزواج المبكر كان من الممكن أن ينجح سابقاً، لكن في الزمن الحالي الأمر مختلف ؛ لأنَّ ثقافة الفتاة حالياً بعيدة عن ثقافة الحياة الزوجيَّة وتحمل المسؤوليَّة.

مأذونو الأنكحة متجاوبون .. وآخرون رافضون بلا أسباب
” البلاد ” تواصلت مع عدد من مأذوني الأنكحة لاستطلاع آرائهم باختلاق كوننا “ولي أمر” فتاة في الـ 15 من عمرها ونريد منهم الحضور لعقد قرانها ، مأذون الأنكحة “ج- ل” بعدما استفسر عن منطقة التواجد وموافقة الولي أبدى تجاوبه وحدد 500 ريال مبلغاً لأتعابه، الشيخ “ص- ز” تجاوب أيضا وطلب إرسال الأوراق الخاصة بالعقد والكشف الطبي الأصلي وصورة من بطاقة الخاطب والمخطوبة ووالدها.
فيما أبدى عدد من مأذوني الأنكحة رفضهم التام لتزويج فتاة في هذه المرحلة العمريَّة، وعند سؤالهم عن الأسباب أشاروا أن وزارة العدل تمنع أي تصريح منهم.

وبحسب المحامي منصور الرفاعي : الشرع لا يمنع زواج الفتاة الصغيرة، ولا يوجد نص قانوني يمنع مأذوني الأنكحة من تزويج الفتاة، لكن يتحرز المأذون غالباً ويطلب منهم الذهاب للمحكمة حتى لا يتحمل المسؤولية.

متحدث وزارة العدل يلتزم الصمت
تواصلت “البلاد” مع مدير إعلام وزارة العدل ماجد الخميس لكشف صحة وجود نص قانوني يمنع مأذوني الأنكحة من عقد قران الفتيات الصغيرات، لكن لم يرد .

الطب النفسي : ظلم
تؤكد الاختصاصيَّة النفسيَّة، نوف زارع خطورة زواج الفتيات مبكراً ، وأنه ” ظلم ” ؛ كون هذه المرحلة العمرية ” من ١٢ إلى ١٨ سنة” يتم فيها تحديد الهوية، وفي حال لم يتحقق النمو النفسي والعاطفي صعب جداً أن تنتقل الفتاة للمرحلة اللاحقة ، وتضيف زارع أن الزواج بحد ذاته يشكل ضغطاً كبيراً بمسؤولياته، ونجاحه يعتمد على مدى النضج العاطفي وفهم ماهية الزواج، وفي عمر عمر الـ ١٥ سنة يكون المفهوم غير مكتمل ، ؛ مرجعة ذلك إلى أن الفص الجبهي للدماغ المسؤول عن اتخاذ القرار يكون حينها غير ناضج، لذلك يعد الزواج في هذا العمر “ظلم” .

واختتمت الاختصاصيَّة النفسيَّة مشددة : لا أنصح بالزواج خلال هذه المرحلة العمريَّة، وأنصح بإجراء كشف نفسي قبل الزواج، وتثقيف المجتمع ونشر الوعي من خلال الدورات التأهيلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *