تحطيم حاجز العيب الاجتماعي

• عبد الناصر الكرت

سمعت عن أكاديمي قدير بجامعة أم القرى أراد أن يكسر حاجز العيب الاجتماعي لبعض الأعمال البسيطة من وجهة نظر بعض الناس ، وأن يشجع الشباب تحديدا لخوض غمار الأعمال بدلا من عيش البطالة بحجة عدم وجود الوظيفة .
فقام بشكل عملي بالعمل مساء في محل صغير لبيع الفول – وكان يطلب من طلابه بعض الأعمال ويطلب لقاءهم به في ذات المكان ، وتجري مناقشة بعض الموضوعات والشرح كلما فرغ من قيامه بغرف الفول ومناولة الزبائن . وقد أراد بهذا أن يعطيهم دروسا ذات قيمة وأهمية في الحياة بوجه عام .. ليغرس فيهم سلوكيات إيجابية نافعة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع ويحطم وهم العيب .
فلم يأنف وهو الأستاذ الجامعي الكبير أن يقف أمام جرة الفول ويقوم شخصيا بعملية البيع مرتديا بزة العمل بعيدا عن التنظير كما يفعله الآخرون بارتداء لبس معين في إحدى المناسبات ثم العودة لكامل الأناقة بعد دقائق من التصوير – ليبين لهم بقصد أن العمل شرف ولا يعيب الإنسان إطلاقا . وإنما العيب يكمن في البطالة مع قدرة الشخص على العمل ! وكأنه يعيد لهم درس الرسول عليه الصلاة والسلام عندما جاءه رجل شاكيا ضيق الحال ويطلب المساعدة ، فكانت التربية العملية بتقديم الفأس ليحتطب ويبيع ، الأمر الذي حقق له الاكتفاء وزيادة وأبعده عن ذُل السؤال !
وهنا يظهر أثر التعليم النافع الذي حرص عليه الأستاذ الجامعي اقتداءً بسيد البشرية عليه السلام .
وفِي تصورنا أن طلابه النابهين سيكونون على مستوى خلاق وهم يتمثلون بأستاذهم النبيل ، وسيقبلون على أي عمل بهمة عالية وفِي أي موقع من المواقع ، دون أن يحسبوا للنظرة الاجتماعية القاصرة التي تقلل من بعض الأعمال ، ولن يكونوا كغيرهم ممن يبقون في صفوف طويلة لانتظار الوظيفة الحكومية المريحة في ظنهم .
فالعمل عبادة حسب التوجيه الرباني الكريم ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) والعمل قيمة تضاف للفرد وتفيد الأسرة وتخدم المجتمع وترتقي بالأمة .
وهو بهذا التصرف الواعي يعطي معاني كثيرة للعلم والعمل الذي به تنهض الشعوب .فهو يحاور طلابه ويجيب على أسئلتهم واستفساراتهم ويوضح ما لَبس عليهم . ومع ذلك يبذل جهدا في عمله الاختياري الذي يقوم به ويقدم لهم دروسا حية في تطبيق معاني الجودة والأمانة والإخلاص وفِي فن التعامل مع الآخرين وكسب رضاهم بالأسلوب الراقي والطريقة المثلى ، ليؤكد بأن الإنسان ينال الاحترام بالعمل الذي يتكسب من خلاله ليسد حاجته وينفع أهله ويبني مستقبله ويساهم في خدمة وطنه.
فكم من الأشخاص كانت بداياتهم بسيطة ومتواضعة جدا ولعل رجل المال والأعمال الشيخ سليمان الراجحي يمثل شاهدا حيّا للعصامية ، بعد أن بدأ عاملا صغيرا وحمالا في السوق .. ليتحول بالعمل الجاد والصبر المتواصل إلى أحد أركان الاقتصاد السعودي ، استحق معه التقدير والاحترام والثناء من الجميع في الداخل والخارج.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *