عقد معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير اليوم الثلاثاء بمقر وزارة الخارجية في الرياض.
مؤتمرا صحفيا مع معالي وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي جان مارك آيرولت.
رحب فيه بمعاليه في زيارته الأولى إلى المملكة العربية السعودية.
مؤكدا عمق العلاقات التي تربط البلدين الصديقين والتي تأسست عام 1926م، منوها بتطابق الرؤى بين البلدين تجاه العديد من القضايا.
كالأزمة في سوريا، والأزمة اليمنية، العراق، ولبنان وليبيا، وتدخلات إيران في شؤون دول المنطقة، وثمن معاليه دور فرنسا فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط.
وفي إجابة على أسئلة الصحفيين حول العلاقات السعودية – الأمريكية… أجاب معاليه:
بأن ” العلاقات السعودية-الأمريكية علاقة طويلة الأمد، وهي علاقة استراتيجية، ذات جوانب عدة.
فتربطنا علاقة قوية جداً منذ عقود في المجال الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي والعلاقات الاستثمارية والعلاقات بين الشعوب.
حيث يتواجد ما يعادل نصف المبتعثين والمبتعثات خارج المملكة – والذي بلغ 200 ألف مبتعث ومبتعثة – .
نصف هذ العدد يدرس في الولايات المتحدة، ولقد كانت تجربتهم هناك رائعة وإيجابية، حيث اكتسبوا مهارات ومعارف ينقلونها لبلدهم في سبيل تعزيز وتطوير بلادنا.
وأعتقد أن الشعب الأمريكي قد عبر عن صوته عندما انتخب السيد ترامب رئيساً له.
وعلينا أن نحترم إرادة الشعب الأمريكي، ونتطلع للعمل مع إدارة الرئيس ترامب لتعزيز العلاقات الثنائية.
والتعامل بإيجابية مع التحديات العديدة التي تواجهها منطقتنا، سواء كنا نتحدث عن سوريا، العراق اليمن ليبيا مكافحة الإرهاب والتعاطي مع القضايا المالية والطاقة.
ولقد كانت المواقف التي عبر عنها الرئيس ترامب مواقف نتفق معه عليها اتفاقاً تاماً.
فإعادة الحضور الأمريكي على مستوى العالم هو أمر نرحب به نحن وجميع الأمريكيين.
وذلك لأن غياب الحضور الأمريكي يخلق فراغاً، وإذا كان هناك فراغاً في النظام الدولي فهو مدعاة لأن تسعى قوى الشر لأن تملأه.
عندها سيتحتم علينا جميعاً تكثيف جهودنا لمواجهة قوى الشر هذه وسيكون علينا أن ندفع ثمن ذلك غالياً.
لذا فإن حضور الولايات المتحدة في المسرح العالمي لتلعب فيه دوراً إيجابياً هو أمر نرحب به جميعاً .
وأضاف معاليه “لقد صرح الرئيس ترامب بأن من أهدافه دحر داعش ونحن حالنا في ذلك حال جميع الدول المتحضرة في العالم ندعم هذا الهدف.
ونتطلع للعمل مع الإدارة الأمريكية لتحقيق هذا الهدف، وتحدث عن احتواء إيران والحد من قدرتها على التسبب بحدوث القلاقل.
والحرص على أن تلتزم إيران بكل ما ورد في الاتفاق النوي الذي وقعته، وهو يتطابق تماماً مع موقفنا.
ونحن على استعداد للعمل معه في هذا النطاق، كما عبر عن هدفه بإعادة بناء تحالفات تقليدية أو تحالفات مع حلفاء أمريكا التقليديين.
وهو أمر نحن كذلك نرحب به.
لذا نتطلع للعمل مع إدارة ترامب ونحن إيجابيين تجاه مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية .
ونتطلع- كما قلت—للعمل مع الإدارة الأمريكية.
فعندما ننظر للأفراد الذين عينهم الرئيس ترامب أو ر شحهم لمناصب رئيسة في إدارته، سواء كنا نتحدث عن الجنرال جيمس ماتيس لتولي منصب وزير الدفاع.
والجنرال كيلي وزيراً للأمن القومي، ودمايك بومبيو مديراً لوكالة الاستخبارات، وريكس تيلرسون وزيراً للخارجية، ويبلور روس وزيراً للتجارة.
وستيفن منوتشين وزير الخزانة، جميعهم أفراداً يتميزون بكفاءة عالية وخبرة واسعة ، يمتلكون رؤية واقعية وحكيمة تجاه العالم، ودور الولايات المتحدة فيه”.
وأردف معاليه بالقول :
” إننا متفائلون جداً بإدارة الرئيس ترامب ونتطلع للعمل الوثيق مع إدارة ترامب للتعاطي مع التحديات العديدة، ليس على مستوى منطقتنا فحسب، بل على مستوى العالم “.
وختم بالقول :”عندما أتحدث عن نظرتنا الإيجابية تجاه إدارة ترامب، هي لأننا كنا على تواصل مع إدارة ترامب من أجل التباحث في هذه القضايا.
فنستشعر بقوة هذه النظرة، فيما يتعلق بالتصريحات التي ذكرتموها حول الجنرال فلين.
فالجنرال فلين عرفناه منذ كان في منصبه في مديرية الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع والقيادة المركزية، وهو يتمتع بحس وطني عالي.
يهمه أمن الولايات المتحدة، وهو رجل يؤمن بالعمل الوثيق مع حلفاء أمريكا بما في ذلك الولايات المتحدة.
لذا فإنني أكرر القول بأنني شخصياً أتطلع للعمل مع السيد فلين ومع جميع زملائنا في الإدارة الأمريكية.
وليس لدي شك من أن قدرتنا للتغلب على التحديات ستتعزز إذا ما عملنا مع بعضنا البعض بشكل وثيق”.
وفيما يخص المفاوضات السورية بين المعارضة والنظام والموقف السعودي تجاه هذه المفاوضات، ووجود تنسيق سعودي تركي بهذا الخصوص قال معالي وزير الخارجية الاستاذ عادل الجبير :” موقف المملكة العربية السعودية داعم لأي جهود تؤدي إلى وقف إطلاق النار وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية في سوريا، والتنسيق بين المملكة وبين تركيا متين جداً وقائم
ونحن ندعم أي جهود تؤدي إلى إخراج سوريا من المأساة التي تعيشها الآن وأي جهود تؤدي إلى استئناف المفاوضات بناءً على إعلان جنيف1 وقرار مجلس الأمن 2254 الذي ينص على أن يكون هناك مجلس انتقالي للحكم؛ المباحثات التي في استانا الآن بين الأطراف المقاتلة في سوريا وبين النظام الهدف من وراءها وقف إطلاق النار وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية ومن ثم الانتقال إلى جنيف للمشاورات والتباحثات والمناقشات السياسية ” .
وفي رد لمعالي الوزير الجبير فيما يخص تصريحات للرئيس الإيراني تحدث فيها أن المشكلة مع المملكة تتمحور في مسألة تدخل المملكة في اليمن والبحرين قال :” فيما يتعلق بتدخل المملكة في البحرين , البحرين دولة حليفة وشقيقة للمملكة , وبالنسبة لليمن فتدخل المملكة جاء نتيجة طلب حكومة شرعية في اليمن ومنع مجموعة إنقلابية راديكالية موالية لإيران وحزب الله من السيطرة على اليمن , يكون بحوزتها طيران جوي حربي ويكون بحوزتها صواريخ بالستية تشكل خطرا على المملكة وعلى دول المنطقة , اعتقد أن المشاكل بين المملكة وإيران بدأت منذ الثورة الإيرانية ثورة الخميني في 79 عندما تبنت إيران سياسة طائفية وسعت إلى إحداث شق في العالم الإسلامي عندما تبنت إيران سياسة داعمة للإرهاب بتأسيسها لميليشيات حزب الله الإرهابي في لبنان، وعندما قامت إيران باقتحام سفارات واغتيال دبلوماسيين والقيام بعمليات إرهابية ليس فقط في المنطقة بل في أوروبا وفي أمريكا الجنوبية وغيرها من المناطق , هذا سبب المشاكل , إيران وما تقوم به في سوريا تعد جرائم حرب وما تقوم به في العراق عبر تدخل كبير جداً في شؤون دولة عربية عريقة عبر تهريب الأسلحة والذخائر وزرع خلايا إرهابية في دول المنطقة بما فيها المملكة العربية السعودية يعد مخالفا للأعراف وللأنظمة والقوانين الدولية , إيران تقوم بمد الحوثي بالسلاح وهناك عدد من السفن التي تم القبض عليها كان فيها ذخيرة وصواريخ موجهة للحوثيين، هناك عناصر من الحرس الثوري الإيراني في اليمن وفي العراق وفي سوريا , هذه المشاكل التي مع إيران؛ المملكة العربية السعودية لم تقم بأي عمل عدواني تجاه إيران لأن هذا ليس من أخلاقياتنا , المملكة العربية السعودية دائماً تحاول تمد يد الصداقة لكل دول الجوار، واتمنى أن تستطيع إيران أن تغير أسلوبها وأن تغير سياساتها لتتماشى مع الأعراف والأخلاق الدولية المبنية على عدم التدخل في شؤون الآخرين وعلى مبدأ حسن الجوار لنستطيع أن نبني أفضل العلاقات معها؛ في نهاية المطاف إيران دولة مجاورة دولة إسلامية في نهاية المطاف من الأفضل لنا ولهم التعايش فيما بيننا تعايش سلمي وأن لا يكون هناك اختلافات، المملكة العربية السعودية حاولت أن تبني علاقات مع إيران ولكن إيران تستمر في سياساتها العدوانية تجاه المملكة منذ ثورة الخميني ولم تتخلى عنها للأسف, وإذا إيران أرادت أن يكون لها أفضل العلاقات مع المملكة ودول المنطقة عليها أن تتبنى أسلوب وسياسات منطقية مبنية على عدم التدخل في شؤون الآخرين” .
من جانبه قدم وزير الخارجية الفرنسي شكره لمعالي الوزير الجبير على حفاوة الاستقبال، مؤكدا متانة العلاقات مع المملكة العربية السعودية ، وأنها علاقة استراتيجية.
وقال :” نحن مصممون على دحر الإرهاب وإحلال السلام في المنطقة وفي كل الدول، ونعرف أن بلدينا مهددان وأن البلدين ضحايا للإرهاب، وبالنسبة لنا الحرب على الإرهاب هي قبل كل شيء هي الحرب على داعش والقاعدة ، ولقد ذكرت بضرورة التعاون في الحرب على التطرف، وهذا ما تقوم به المملكة وما نقوم به نحن في مجتمعنا الفرنسي، ولكن علينا أن ننسق ذلك على وجه أفضل على الصعيد الدولي، وعلينا أن نقبض بذلك على الشبكات الإرهابية وهي موجودة وهي لم تختفي ، والعمل كذلك على تجفيف منابع الإرهاب في إطار التحالف الدولي، وننسق العمل برئاسة مشتركة مع المملكة العربية السعودية، وهذا الفريق يقوم بعمل ممتاز ، وهناك التقاء كبير في وجهات النظر وتطابق في وجهات النظر حول عدد كبير من المواضيع” .
وأكد الوزير الفرنسي أهمية تحرير الموصل وأنها معقل من معاقل داعش ومواصلة الحرب بعد ذلك للوصول إلى الرقة في سوريا ، مؤكدا الحاجة إلى حلول سياسية تشمل كل أطراف المجتمعات المعنية على تنوعها لإنهاء داعش.
وفيما يخص سوريا قال :” نحن نعرف الوضع المروع والمأساوي ومئات الآلآف من القتلى وملايين اللاجئين والنازحين والبلد المدمر، ونحن نبذل الجهد لكي نتوصل لوقف لاطلاق النار وقفاً دائماً ووصول المساعدات الإنسانية للسكان الذين يعانون ثم الوصول إلى حل سياسي ، وهنا لنا نفس النظرة وهي العمل على أساس إعلان جنيف 2012 والقرار 2254 من مجلس الأمن الذي يجب أن يكون أساس الانتقال السياسي ، ونحن نتمنى النجاح لاجتماع أستانا ولكن على الأقل بالنسبة لموضوع أولوي وهو الوقف الحقيقي للعمليات العسكرية “.
وأضاف :” لا أعلم إن كان سيتم التوصل إلى اتفاق، نحن نتمنى ذلك ولكننا نقول إن المفاوضات في جنيف يجب أن تتم بأسرع ما يمكن في إطار الأمم المتحدة وتحت رعايتها”.
وفيما يخص اليمن أكد دعم بلاده لجهود الأمم المتحدة وأنها توليها اهتماماً خاصاً من أجل حل سياسي ، مشيرا إلى أن السبيل الوحيد هو الهدنة والحوار السياسي بأسرع ما يمكن ، من دون نسيان الوضع الإنساني .
وفي الشأن الفلسطيني قال :” لقد شكرت المملكة العربية السعودية على مشاركتها في المؤتمر الأخير حول عملية السلام ، حيث سمح البيان الختامي بإعادة التأكيد على أهمية مبادرة السلام العربية التي اطلقتها المملكة عام 2002 التي لاتزال موضوع الساعة وهذه المبادرة تذكر بالموقف التقليدي للأسرة الدولية ، وأنه ما من حل للسلام دون إقامة دولة فلسطينية تعيش بسلام وأمان إلى جانب إسرائيل وهذا لن يحصل إلا عن طريق التفاوض بين الطرفين وبتنظيمنا لهذا المؤتمر في باريس أردنا أن نذكر بالضرورة والطابع الملح والطارئ لذلك وألا نقود أوروبا إلى العنف وضرورة استئناف المفاوضات على خطوط الـ 67 مع القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية ” .
وأشار إلى أن العلاقة مع المملكة لها بعد اقتصادي وهي علاقة متينة، عادا المملكة أول شريك اقتصادي لفرنسا في المنطقة، وفي الشهور العشرة الأولى من عام 2016 زادت صادرات بلاده بنسبة 20% عن سنة 2015 ، لافتا الانتباه إلى عقد شراء طائرات إيرباص.
وأعرب عن سعادته بمشاركة شركات فرنسية في مشروع مترو الرياض ، مبديا إعجابه بطموح المملكة في المجال التشييدات والبنى التحتية ، وقال :” نحن نضع عملنا بشكل كامل في إطار الاستراتيجية الرؤية 2030 التي أعلن عنها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ، حيث زرت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وتناولنا الابحاث والتكنولوجيا والشركات والاقتصاد المتنوع الذي تريد المملكة ان تطوره ، ورأيت إشارة عملية عن ما هي رؤية 2030″.
وأكد استعداد بلاده بالعمل أكثر مع المملكة سياسيا واستراتيجياً والمساهمة معا في حل النزاعات والخروج من الأزمات وتعزيز السلام، وبناء عالم متوازن يفتح الآفاق خاصة للشباب، موضحا أن الشراكة الاستراتيجية الفرنسية السعودية قائمة وهي قوية وسط عالم محفوف بالتقلبات ومتغير وتيارات سياسية، ومن المهم أن يكون هناك أقطاب مستقرة ، والمملكة العربية السعودية هي قطب من أقطاب الاستقرار ، والتعاون الاستراتيجي الفرنسي السعودي هو ايضاً عامل من عوامل هذا الاستقرار، فأجهزة الاستخبارات تتعاون بين البلدين.
وقال :” من جانب المملكة العربية السعودية وربما في فرنسا ناس يعرفون ذلك كثيراً كانت هناك مبادرات وخاصة تحالف جديد تم تشكيله من 40 دولة بمبادرة سعودية ، والمملكة العربية السعودية تشارك ايضاً في التحالف الدولي وتتدخل بتوجيه ضربات مثل فرنسا ضد الارهابيين ، ومؤخراً السلطات السياسية السعودية العليا وخاصة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قد أدان الإرهاب والتطرف ، وكذلك مفتي المملكة العربية السعودية وصف داعش والقاعدة بأنهما العدو الأول للإسلام، وذكر بأن المسلمين هم أول ضحايا هذا التطرف ويجب نذكر دوماً بذلك”.
وحول سياسة الرئيس ترامب قال الوزير الفرنسي :”هناك رئيس جديد في الولايات المتحدة بدأ بالعمل ومع الوقت ريثما تستكمل الإدارة الأمريكية الجديدة سوف نكتشف الجوانب العملية في سياسته وخاصة السياسة الدولية للولايات المتحدة وبطبيعة الحال لدينا اسئلة وتساءولات , لقد تطرقنا إلى الاتفاق الإيراني ولكن هناك أسئلة أخرى أولها مدى التزام الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب على الإرهاب, وأيضاً حول مواضيع أخرى مثل الملفات الإقليمية الأخرى التي تكلمنا عنها في الملاحظات بما في ذلك الملف الإسرائيلي الفلسطيني , وماذا سيكون موقف الولايات المتحدة بالنسبة لمستقبل الاتفاقية حول المناخ, وعملية التحول في مجال الطاقة, وماذا ستكون معالم السياسة التجارية للولايات المتحدة في المستقبل والمبادلات التجارية, والعلاقات مع روسيا والملف الأوكراني , الولايات المتحدة دولة عظمى وقوة عظمى وعليها مسؤولية تجاه العالم حتى لو أنها تدافع عن مصالح شعبها” .
وكان معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير قد استقبل بمكتب معاليه بوزارة الخارجية أمس ،معالي وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية الفرنسي جان مارك آيرولت.
وجرى خلال الاستقبال بحث العلاقات الثنائية بين البلدين والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.