على الرغم من أن تويتر وأخواته من مواقع التواصل الاجتماعي تحدث تغييرات حادة في حياتنا وأفكارنا وأنماط معيشتنا ، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلي حالة الانقطاع التام عن واقعنا ، إلا أن ذلك لم يردع معظمنا عن الارتماء في أحضانها والسير وفق ما ترسمه لنا من متاهات ،

أعلم أن الكثيرين الآن قد يتساءلون بسخرية عما أتحدث عنه !! ولسان لحالهم ها نحن نرتاد تلك المواقع بالساعات دونما أن يترك ذلك أدنى أثر على حياتنا ، لكني أقول لهم أن ذلك جوهر الخطر ومكمنه ، لأن معظم من تجرع مرارة تلك المواقع كانوا بهذا الشعور وربما أفضل حتى قبيل الصدمة التي قلبت حياتهم رأساً على عقب.

إحدى الفتيات الأمريكيات المشهورات في تويتر بتغريداتها الإنسانية ونشاطها المحموم ضد العنصرية والتفرقة على أسس الأديان والألوان والثقافات كانت على أهبة السفر إلى أفريقيا من نيويورك ، وقبل أن تغلق هاتفها استعداداً لإقلاع الطائرة كتبت تغريدة سريعة قالت فيها ” أنا الآن متوجهة لأفريقيا ، اطمئنوا لن أصاب بالإيدز فأنا بيضاء ” ، طبعاً كانت تسخر ممن يرى أن مرض الإيدز لا يصيب إلا السود ،

بعد هذه التغريدة انقطعت الفتاة عن الإنترنت مدة سبع ساعات ، وهي مدة الرحلة ، وحينما هبطت وعادت الشبكة لجهازها إذ برسالة تأتيها من إحدى صديقاتها تقول فيها ” يؤسفني جداً ما حدث ” أسقط في يدي الفتاة ، ولم تكد تنتهي من دهشتها حتى وردها اتصال من أعز صديقاتها تصرخ بها وتقول أين أنتِ ؟ فأخبرتها أنها للتو وصلت للمطار ،

فقالت : هل دخلت تويتر ؟ لقد أصبحت ترند العالم !! وحينما رأت اسمها هاشتاقا يتداوله النشطاء في تويتر بالسب والتقريع واللوم انهارت ، وأصيبت بحالة هلع شديدة ، لقد حور الناس كلماتها على غير ما تقصده ،

وأصبحت في نظرهم عنصرية بغيضة ، وازداد الأمر سوءاً حينما تلقت بعد عودتها إشعاراً بالفصل من العمل ، حيث دخلت في نوبة مرضية حادة من الاكتئاب والخوف لمدة 3 سنوات ، كل ذلك بسبب تغريدة واحدة ، كتبتها وهي في غاية الأنس والسعادة.

هذا هو تويتر .. لا تدري متى يعصف بك وينقلب عليك ، لذا من أراد أن يشترى راحته النفسية ، وسلامه الداخلي قبل فوات الأوان ، فليحرر نفسه من قبضة تلك المواقع الآن ، أو على الأقل فليجعلها مجرد شرفة للمعرفة والاطلاع دونما الخوض في جدليات عقيمة تملأ القلوب بالأحقاد والصدور بالغل والتباغض ،

صدقوني تويتر هذا لديه قدرة عجيبة في انتزاع الناس من عدلهم وإنسانيتهم وإنصافهم وهم لا يشعرون ، ينقلبون فجأة زومبي بلا مشاعر أو ضمير ، لذا أنصحكم بتحرير أنفسكم وخصوصياتكم وشخوصكم قبل أن تمس بالأذى ..”هذي النصيحة أسوقها لنفسي ولكم ببلاش ولوجه الله تعالى” .

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *