أمانى السيافى وإستمرار مسلسل نزيف دماء المعلمات
12 عام من عمر أمانى مروا عليها وكأنهم 120 عام فمرارة الإنتظار التى شعرت بها المعلمة أمانى السيافى أكبر من أى حديث وبعد معاناة مع كل هذا الإنتظار تذهب حياتها فى لحظة بسبب حادث طريق وأمانى ليست الحالة الأولى ولا الأخيرة التى ستلقى مصرعها على أحد الطرقات فى حادث سير فمعاناة المعلمات مستمرة وكأنها لا نهاية لها وكأننا أمام معضلة ليس لها أى حلول وحلها مستحيل مما جعل الأزمة فى إزدياد وإتساع
رحلت أمانى فى لحظة مُفجعة بعد إنتظارها 12 عام حتى يتم تعيينها فى التعليم من يشاهدها عندما عبرت عبر موقع التواصل الإجتماعى تويتر عن فرحتها الشديدة وسعادتها البالغة بتعيينها يعتصر قلبه الألم قبل أن تدمع عيناه فهى لا تدرى ماذا كان ينتظرها بعد هذه الفرحة، فهكذا هى الحياة عندما يفرح الإنسان يكون حجم الحزن والألم الذى ينتظره أضعاف الفرح وهذا ما حدث بالفعل مع أمانى
أزمة المعلمات التى يقطعن مئات المسافات للوصول إلى مدارسهن لن تنتهى فى ظل عدم الإستاجبة لمطالبهن أمانى حالة من الحالات الكثيرة التى لا صوت لها وللأسف لا يصل صوت المعلمات إلى بعد أن يصبحن مجرد إسم فى سجل الوفيات وظلت أحلام المعلمات التى يحلمن فى عمل بجوار ذويهم معلقة بين تشكيل اللجان والبحث والتشاور والوعود التى لا تتحقق
أمانى السيافى معلمة من الطائف تم تعيينها منذ أربع أيام فى محافظة صبيا والتى تبعد عن الطائف حوالى 700 كيلو متر ولا أدرى ما الداعى لتعيين معلمات تبعد المدارس عن منازلهن مئات الكيلوات ! أى منطق هذا الذى يعين شخص إنتظر طوال 12 عام من حياته فى منطقة تبعد عن محافظته 700 كيلو ومع ذلك سلمت أمانى والمئات غيرها بالأمر الواقع وذهبن فى رحلة العذاب على الطرقات التى لا رجعة منها
ما وقع لأمانى قضاء وقدر فلا أحد يدرى متى وكيف سيقابل ربه ولكن ملف المعلمات المغتربات لن يتوقف نزيف الدم به طالما هناك عدم مراعاة لظروف المعلمات الإجتماعية وما يحزن أنه بنفس اليوم الذى لقيت أمانى مصرعها به لقيت أيضاً معلمة أخرى مصرعها بمركز العطيف فى شمال الطائف بسبب إغترابها وسفرها للمدرسة التى تم تعيينها بها وسيستمر مسلسل نزيف دماء المعلمات على الطرق وسنجد المئات من نفس حالة أمانى
رحلة الرعب التى تعيشها المعلمات على الطرق ستهدم أى حلم فأمانى التى ظلت 12 عام تنتظر تحقيق الحلم فى لحظة تحول إلى كابوس بعد مرور 4 أيام فقط !! لذلك يجب إيجاد حلول جذرية وطارئة للحد من هذه المأساة المتجددة التى لا نهاية لها لأن حلها لن يكون إلا بوجود إرادة حقيقية وإصرار على حلها
كما يجب أن يتم تعيين المعلمات بالقرب من ذويهن حتى لا يتعرضن لما لاقته أمانى على الطريق فرحلة الإنطلاق التى تبدأ مع أذان الفجر لا نعلم هل هى الساعات الأخيرة فى حياة المعلمات أم لا فالمعلمات هن الشريحة الأكبر والأولى فى نسب وفيات الموظفات السعوديات وتأتى تلك النسبة بسبب سائق مستهتر أو طرقات بها مطبات وحفر فتلك الحفرة الصغيرة كفيلة بإنهاء حياة معلمات جلسوا يحلمن لسنوات طويلة بلحظة يصبحن فيها معلمات ويخرجن أجيال للمجتمع ولكن فى غمضة عين يخطفهن الموت من بيننا وتفارقهن إبتسامة الفرحة بالتعيين ويرحلون عن عالمنا ويتركون خلفهم دموع ذويهم وإبتسامات أطفالهن التى حُرمن منها للأبد
لا يوجد على وجه الأرض كلمة أقسى من التى عبرت بها المعلمة صالحة البشرى حينما قالت أنها تودع أطفالها كل يوم قبل ذهابها للعمل لأنها تعلم أنها ربما لن تعود مرة أخرى إليهم
وما أخشاه أن تتلاشى القضية وتذهب مع الريح دون إيجاد حل جذرى لحلها وتستمر التصريحات والوعود بالحل ويستمر مسلسل الفزع والرعب على الطرقات الذى تواجهه المعلمات يومياً وهن يتنظرن مصيراً مجهولاً ولا حول لهن ولا قوة وبإنتظار أن يواجهن إما الموت المتربص بهن على الطرقات أو سجدة لله يحمدونه فيها على سلامة الوصول
أخر ما كتبته الراحلة
التصنيف: