وتمضي الأيام
قال أحد الحكماء “نحن في زمن لا نعشق فيه الوحدة ولكن أصبحنا نرتاح فيها” نعم أصبحنا نركن الى الوحدة لكن ليس جميعنا على اسباب واحدة ولا الوحدة على شكل واحد مثلما ان الناس ليسوا على طبع واحد ولا نفس ولا أهداف واحدة ولا اسلوب واحد في الحياة وهذا التنوع يجعل البشر ما بين وفاق وخلاف وحب وبغض، وهكذا الحياة التي قال عنها أحدهم انها مدرسة والناس اسئلة والايام اجابات ومن هنا كانت الحكمة القائلة “من يريد الراحة لا يتوقع الكثير من الناس” ومع ذلك هناك في الحياة الواسعة من يحرصون على الوداد والمحبة مهما كانت المشاغل، المهم ان نزرع الخير في نفوسنا اولا بسلامة الصدر ثم نشر الخير بالكلمة الطيبة.
البعض يتساءل ما الذي تغير، الدنيا أم الناس هم من تغيروا؟ والحقيقة أنه سؤال مهم يعكس شكوى الكثيرين من تبدل نفوس الناس والحقيقة ان الدنيا هي الدنيا والناس من يتبدلوا في طبائعهم واصبحت العلاقات الاجتماعية حتى بين الاقارب يشوبها التشوه، وكم من كلمات وتصرفات تسببت في قطيعة بين اقارب وجيران وكان أهل زمان اكثر حرصا على العلاقة الاجتماعية والتواصل والتزاور، لكن في عصرنا هذا تبدلت قيم وتلونت وكما قال الامام الشافعي:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
وللإمام علي كرم الله وجهه:
لا تشتكي من الايام فليس لها بديل
ولا تبكي على الدنيا ما دام آخرها الرحيل
وأجعل ثقتك بالله ليس لها مثيل
وتوكل على الله فانه على كل شيء وكيل
إن سلامة القلب ونقاء الصدر يعين على الدنيا والعيش في سلام داخلي وهذا يتطلب مجاهدة كبيرة للنفس وتزكية الفؤاد والصبر في الحياة ليلقى المسلم الله بقلب سليم.
لاشك أن أسلوب حياة العصر لم يعد كما كان في راحة البال وهدوء النفس وسكينتها وبات الانسان في صراع وانشغال في هموم الدنيا دون تأمل ولا تدبر وكأنه الخوف على الدنيا مع انها عرض زائل.
ان الكلمة الطيبة صدقة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..وللشاعر؛:
وجرح السيف تأسوه فيبرا
وجرح الدهر ما جرح اللسان
نعم تغيرت نفوس البعض والمتأمل لحال البشر يجد ان الزمن بريء من تغير انفسنا ولنتذكر اهل الحارة والحي زمان عندما كنا نجتمع بصحبة لنا، نجد الأنس والألفة بقربهم، نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم، فتفترق الاجساد وتبقى القلوب مجتمعة، اما اليوم في حياة العصر تغيرت نفوس كثير من البشر وانزلقت الى الشحناء، والعواطف شابتها ضغائن وغلبت عليها الإثرة ومنافع.
لا تستقيم الحياة الا بالاستقامة وبصلة الارحام والتواصل ولكن للاسف نعيش عصر طغت عيه التقنية الحديثة التي جعلت الناس حتى داخل الاسرة بعيدين عن بعضهم حتى اسرهم واقاربهم، وكان اهلنا يخصصون يوماً في الاسبوع يلتقي فيه افراد الاسر، حتى يتم التلاقي والتفاهم والمحافظة على الاحترام والترابط والمودة.
لقد اتصف الرسول الكريم بمكارم الاخلاق قال صلى الله عليه وسلم “أقربكم مني مجلساً يوم القيامة احسنكم اخلاقاً…” وهذا دليل واضح على اهمية التمسك بالاخلاق والمعاملة الحسنة تجعل الانسان على استقامة، كما يستطيع ان يصل الى قلوب من حوله، فالايام تمضي ومكارم الاخلاق تكسب الانسان الدارين.
التصنيف: