يا صاحبي الخوف..ما يطمن الخوف

• عبدالرحمن آل فرحان

الخوف ليس عيباً .. وليس شراً .. الخوف حاجة إنسانية مثلها مثل الجوع والحب .. إشارة وجدانية تحثك على التحرك .. على التغيير .. على التفكير .. فهو كما يقول أرسطو ” ألــم نابع من توقـع الشر ” ، ولولا توقع الشر ما بنى الإنسان البيت الأول ، ولا حرص على إشعال النار الأولى ، ولا خاط ثوبه الأول ، ولا عاش في جماعات ثم مجتمعات ثم دول وحضارات ، الخوف هو حافزنا العظيم على ديمومة الخير ، وهو الباعث الخفي لتشكل كل شيء من حولنا ،والمحرك الأساسي لكل أفكارنا.

الخوف ليس ما يجب أن نخجل منه ، الشيء الوحيد المخجل هو مما نخاف ؟ وماذا صنعنا حيال خوفنا ؟ فالمخاوف تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والثقافات ، لكن يظل الجهل أفظعها وأشدها نزعاً للقلوب ، فقد تهرب من العدو .. وقد تختبئ من الوحوش .. وقد تتملق للقوي .. وقد تكذب للنجاة .. لكنك حتماً لن تستطيع مراوغة الجهل .. فأين تهرب وأنت جاهل ؟ وأين تختبئ وأنت جاهل ؟ وكيف تتملق للجهل ؟ وأي كذبة يمكنها أن تنجيك منه ؟

لسنا الوحيدين الذين يتملكهم الخوف في هذا العالم ؟ فكل شعوب الدنيا تخاف .. الفرق أنهم يستثمرون ذلك الخوف إلى تعلم .. إلى إنتاج .. إلى عمل .. إلى إثبات وجود ، يصنعون لأن ذلك يبدد مخاوفهم ، يبتكرون لأن ذلك يحقق لهم الطمأنينة ، ينتجون لأن ذلك يضمن لهم استمرار الحياة ،

يقول أحد الفلاسفة ” إذا تملكك الخوف فلابد أن تفعل شيئاً حياله ” ، لذا هم يفعلون .. ولا زالوا يفعلون ، المصيبة فيمن يخاف ولا يفعل شيئاً حيال خوفه ، يخاف من فقدان الأمن ولا يفعل ما يضمن ديمومته ، يخاف من غزو الدول ولا يفعل ما يضمن له ردعهم ، يخاف من التبعية .. ومن حمأة الاستهلاك ..ومن غول الفقر .. ومن ظلام الجهل ورغم ذلك لا يفعل ما يحقق له النجاة من أي منها ، فقط يخاف ليخاف .. ثم يتخذ من خوفه ذريعة للتواري والانعزال ولسان حاله ” يا صحبي الخوف .. ما يطمن الخوف “.

[email protected]
twitter: @ad_alshihri

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *