هل سمعتم بقبيلة ( الكريك الهندية ) ؟ إنها فرع من قبائل الهنود الحمر يعيشون أقلية في الشمال الغربي لكندا ، هذه القبيلة لديها عادة غريبة في الاغتسال ، والسبب فرط قدسيته بالنسبة لهم للحد الذي ستجد فيه مندوب زعيم القبيلة بالقرب من بركة أو بحيرة القرية بسجلاته الخاصة يقوم بحصر أسماء من يتغيب عن الاغتسال ، ليس هذا وحسب ، ففي أيام الشتاء يستعيضون عن السباحة بالتدحرج على الثلج !! والأمر ليس اختيارياً ،

بل واجب على كل ذكر بالغ مهما كانت الظروف والمشاغل ، إذ لا طهارة ولا قيمة لمن لا يبدأ يومه الشتوي بالتدحرج من فوق تلة ثلجية حتى يبلغ أسفلها أربع مرات يومياً وهو عارٍ تماماً من ملابسه، لا تضحك .. فهي وأن كانت بالنسبة لي ولك ولكل شخص لا ينتمي لقبيلة الكريك عادة مضحكة فإنها بالنسبة لهم عادة قدسية موروثة لا يملك الفرد منهم سوى التقيد بها ، فعليها ولد ، وبها نشأ حتى غدت بالنسبة له نمط حياة ، ذلك هو شأن أكثر العادات ، من الخارج تبدو سخيفة بالنسبة لمن لم يتجرع ذات الثقافة ولم يتربى عليها ، ليس عند الكريكيين فقط ؛ بل عند كافة الشعوب .

لقد اقتنع الكريكي الذكر بأن تحديه للبرد القارس واستعداده للسعات ركام الثلج فضلاً عن صبره على ما قد يلحق جسده من ضرر فوق نتوءات الجليد الحادة ضرباً من ضروب الطهارة ، تماماً مثل من يرى أن سكب دهن العود على أيدي الضيوف من ضروب الكرم ، كلاهما ينظر للقيمة وفق تحيزه الذهني والفكري والثقافي ، لكن كما قلنا يصعب على المرء تقييم عاداته وفق قواعد الرؤية التي تعتمد عليها الثقافات الأخرى ،

لذلك لن يتصور أحد أن لبسه أو طريقته في الأكل أو نمط حياته قد تكون مثار سخرية أحد ، لكنه في نفس الوقت يندفع من دون شعور للسخرية مما لدى غيره من عادات ، يدافع عن عاداته بشراسة ويستسهل التجريح في غيره بسبب عاداتهم ، قلة من يحترم عادات غيره لأنه يعلم أنه لم يبتكرها ، أنما وجد نفسه يشب عليها ويتمثلها ويطبقها ، مثله تماماً حينما وجد نفسه يتمثل ويطبق عادات مجتمعه دونما حتى مجرد التفكير فيها وفي منطقيتها .

فلو قدر لأي منا أن يولد كريكياً لربما كان الآن فوق إحدى التلال الثلجية في كندا يتأهب للتدحرج ، ولكان أشد المدافعين عن هذه العادة وأكثرهم سخطاً على من ينتقدها أو يضحك منها ، والعكس كذلك للكريكي ؛ فلربما كان الآن يصور ناقته بعد أن لف حول عنقها عقداً من الذهب والمجوهرات .

@ad_alshihri
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *