“براءة الأطفال” في كلامهم وتصرفاتهم من أجمل متع الحياة. بلا قصد يرسمون الإبتسامة على وجوهنا وينسوننا همومنا وأحزاننا بمجرد مراقبتهم. يا ترى ما مصدر هذه البراءة الجميلة التي تعكس جمالها على حياة من حولهم. هل لأن دنياهم بلا أسماء؟ كنت أفكر في جمال دنياهم وأنا أتأملهم ذات يوم ولم أستطع أن أمنع نفسي من الإسترسال وتخيٌل.. ماذا لو كانت دنيانا بلا أسماء!

في خيالي زار إنسان من دنيا بلا أسماء دنيانا، اصطدم حال وصوله بشخص يحمل أسفارا وتسبب الإصطدام بكسر في ذراع ذلك الشخص. أخذه إنسان الى أقرب مستشفى وانتظر حتى اطمأن عليه وقام بدفع قيمة العلاج. أعجب الشخص بشهامة إنسان وقبل أن يفصح له عن نيته أن يستقبله لوجبة العشاء في بيته سأله: “والنعم فيك والله.. من انت؟” فرد إنسان: “ممم أنا انسان؟” فاستطرد الشخص: “وش يقالكم؟” فرد إنسان: “ماذا؟!” فابتسم الشخص ابتسامة صفراء وأخذ أسفاره على عجل وقال: “مشكور مع السلامة” وانصرف عنه.

فكَر إنسان أنه قد يحتاج الى وظيفة مؤقتة يجني منها قوت أيام زيارته، فحمل مؤهلاته وذهب يبحث في مجال تخصصه. دخل المبنى واستقبله مدير مكتب المسؤول وسلَم عليه بحرارة قائلا: “أجل أخوي من جماعة فلان.. المدير ينتظرك”. في ذهول رد عليه إنسان: “ولكني لست فلان أنا مجرَد إنسان” فاعتذر منه مدير المكتب المحترم ورفض استلام ملفه الأزرق!

أكمل إنسان استكشافه لهذه الدنيا سائرا على أقدامه وفي طريقه وقعت عيناه على قطعة أرض نالت إعجابه وذهب ليسأل عنها. قيل له: “يابويا هدي الأرض لها صكَين بإسمين واحد غير التَاني وانت شكلك بتصير التَالت!” تعجَب إنسان وقال: “كيف ذلك؟ أليس للأرض رقم يتم إدخاله في نظام فيتبيَن حالها؟ فضحك الجميع!

مضى إنسان في طريقه وهو في حيرة من أمره وقرَر أن يتوقَف بمكان ليروي عطشه فسأله البائع ماذا يريد أن يشرب. نفذ صبر البائع فيما كان إنسان ينظر إلى المشروبات في الثلاَجة مستعرضا إياها لينتقي واحدا وقاطعه قائلا: “وشبك؟ وش اسم العصير اللي تدوره؟”

فرد عليه: “لا أعلم” ضحك البائع وقال ممازحا: “أنا أعلمك،، لو تشرب لبن فانت سلفي ولو تشرب مشروب طاقه فانت ليبرالي ولو تعزمني على واحد فانت على مذهبي ولو عاد ما عزمتني فانت والعياذ بالله على مذهبهم الآثم!”
وقبل أن يصيب عقله المصيبة التي أصابت أقواما آخرين، قرر إنسان أن يعود ليشرب الماء في دنيا بلا أسماء!
نعم.. في دنيا بلا أسماء لا يوجد تنابز بالألقاب.. لا يوجد واسطة.. لا يوجد فساد.. لا يوجد أحزاب.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *