داعش وأخواتها .. إلى أين؟
لقد ظُلم الجهاد مرتين: مرة من أعدائه، ومرة من أبنائه! فلم يكن الجهاد يوماً قتلاً ولا تفجيراً ولا سفكاً للدماء، فالجهاد هو بذل كل ما فى الوسع لنصرة الحق ودفع الظلم وإعلاء كلمة الله. أما ما يسمى اليوم بالجهاد المزعوم من تلك التنظيمات والدويلات الجهادية، فما هو إلا كلمة حق يراد بها باطل، حيث يسعى هؤلاء الجهاديون إلى قتال الأخوة، وتقزيم وتهميش دور الدولة، وتكييف كل ذلك تكييفاً شرعياً يجعل منه طريقاً إلى الجنة.. ولكن هيهات هيهات!!!.
ونجد أن ما يسمى بـ«الدويلات الجهادية» قد اتخذت من الإسلام راية، ومن تأسيس دولة إسلامية هدفاً، ومن العنف والإرهاب وسيلة، وذلك لزعزعة الاستقرار والنظام وأمن وأمان الشعوب العربية. وبكل أسف وأكررها، بكل آسف، أصبحت تلك التنظيمات الإرهابية واقعاً يتمدد فى جسد وطننا العربى، وباتت تشكل خطراً يؤثر فى ملامحه، بل وعكست تحولاً جيوسياسياً كبيراً فى المنطقة، وقد كان أولها تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام، أو ما عرف بداعش، والذى تم الإعلان عنه رسمياً فى 2014م وتم اختيار «أبوبكر البغدادى»، زعيم التنظيم ليكون خليفة للمسلمين، ثم حذا حذوه العديد، فنجد إمارة «درنة» فى ليبيا، و«بوكوحرام» فى نيجيريا، وغيرهما فضلاً عن المحاولات المستمرة لتأسيس إمارة فى سيناء.
ولعلنا نعلم أن الدول تتكون من «إقليم وشعب وسلطة»، إضافة إلى عنصرى السيادة والاعتراف، وقد استطاعت تلك «الدويلات الإرهابية» أن تنتزع أراضى «إقليم» لتقيم عليه «سلطتها»، إلا أنها لم تملك «شعب» حقيقى، فبالرجوع للتاريخ نجد أنه بتوقيع معاهدة «وستفاليا» عام 1648م والتى أسست لفكرة الدولة بشكلها الحالى، وتعاملت مع الدول باعتبارها الفاعل الرئيسى فى العلاقات الدولية، إلا أن ظهور تلك الدويلات الجهادية داخل الدول، ومحاولتها فرض نفسها على مجريات الأحداث السياسية، يزعزع، بل ويهدد ثوابت العلاقات الدولية.
ولعلك، قارئى الكريم، تتساءل الآن: ترى ما مستقبل تلك «الدويلات الإرهابية»؟ ودعنى أتوقع معك ثلاثة سيناريوهات: أولها: سيناريو الفوضى: حيث نتوقع نجاحها فى البقاء والتوسع، واستنساخها فى أماكن أخرى، وهو ما يمكن وصفه بالوضع «الكارثى»، وسيترتب على ذلك انهيار النظام الإقليمى العربى، وظهور أشكال جديدة للاستعمار الخارجى.
ثانيها سيناريو الاستقرار: وهو عكس التصور السابق، حيث نفترض فشلها، ومن ثم تجميد توسعاتها، وذلك بناء على نجاح التحالف الدولى فى القضاء عليها، إضافة إلى انفجارها من الداخل، بفعل أزمات ذاتية من المتوقع أن تتفجر بين أعضائها.
ثالثها استقرار مؤجل: بمعنى مرورها بفترة صراع انتقالية غير معلومة المدة، «بين الدويلات والتنظيمات التى تتبنى نفس الفكر من جهة وبين قوات التحالف والقوى المضادة لهذا الفكر من الجهة الأخرى»، ونتوقع أن تستخدم هنا كافة الأسلحة المادية وغير المادية.
وهذا هو السيناريو الأقرب إلى الواقع، والذى نرجحه، وستحدده مجموعة من العوامل، التى لا تتسع المساحة هنا لسردها، ولربما نناقشه فى مقال آخر بإذن الله.
[email protected]
Twitter: @Heba_elmolla
التصنيف: