من يسد ثقوب التربية ؟
روى أحد المعلمين النابهين موقفا تربويا جرى داخل أحد الفصول الدراسية الأولية , حيث يقول كنت بين أبنائي الطلاب الصغار أعطيهم درسا في كتابة بعض العبارات , وبينما كنت أتابعهم لاحظت توقف أحدهم عن الكتابة لاحتياجه بري مرسمه من جديد ليعاود الكتابة مع بقية زملائه . ولأنه ليس لديه مبرأة فقد طلب من زميله المجاور أن يبري قلمه ولم يسمح له بذلك .. وهنا تدخلت بتوجيه ذلك الطفل أن يسمح لزميله باستخدام المبرأة , وفعلا تم ذك ثم استمر الطلاب في القراءة والكتابة التي نعدها مفتاح العلم والمعرفة والرقي الإنساني . لكن كانت دهشتي كبيرة في اليوم التالي – والحديث للمعلم – عندما حضر قائد المدرسة إلى الفصل ومعه أحد الآباء تبدو على ملامحه علامات الغضب والاستياء ! فأخذ القائد التربوي يعرفه على اسمي قائلا هذا مربي الفصل الأستاذ فلان . لينفجر في وجهي بكل انفعال وبدون مقدمات ( ليش تعطي ولد فلان براية ولدي ؟ وهو ماله نية ؟ ) فتذكرت موقف الأمس وأن هذا الرجل يعرف الطفل الآخر وأباه ! فقلت بكل هدوء الأمر بسيط ولا يستدعي الانفعال فكل طالب قد يحتاج إلى زملائه داخل المدرسة وخارجها . وإذا به يواصل الصراخ بأسلوب عير لائق أمام الطلاب الذي أرعبهم أسلوبه وصوته المرتفع!
من جانبه تدخل قائدنا التربوي مرددا عبارة ( مالك حق يا أستاذ تسمح لأي طالب باستخدام أي شيء من أدوات غيره ) مرددها أكثر من مرة !! وهنا أسقط في يدي وعرفت أن التربية مشوارها بعيد بمثل هذه النماذج من الآباء والقادة التربويين ..وقلت أولا لم يكن من المناسب أن تحضرا إلى الفصل لمناقشة هذا الموضوع أمام الطلاب بهذه الصورة المؤسفة , ووصولي إلى الإدارة أولى من وصولكما المزعج . اذهبا وسألحق بكما . وفعلا عادا إلى الإدارة وعندما وصلت إليهما محمولا بالدهشة زاد ذهولي أيضا وأنا أرى هذا الأب محتقنا وكأن كارثة قد حلت بابنه . ولم استغرب فربما طريقة حياته ودرجة ثقافته جعلته يتصرف بهذا الشكل . لكنني استغربت فعلا من تعامل قائد المدرسة بإحضاره إلى الفصل وقناعته بما أبداه وتأييده لتخطئتي . ولما وجدتهما بنفس القناعة أخبرتهما بأنني المسؤول الأول عن الطلاب داخل حجرة الدراسة والموقف يعلمهم معنى التعاون والمساعدة وحب الآخرين . ومن أهم الأمور تحويل ما يتعلمه الطلاب إلى سلوك عملي ممارس في حياتهم العامة كما أوصى بها الدين الحنيف . ليأتي الرد السريع من أحدهم كالقذيفة بقوله ( خلنا من التعاون اللي ينسى أدواته يستاهل ) فقلت في نفسي دوري كغيري من المربين أن نعالج عيوب التربية الأسرية الخاطئة المبنية على الأنانية وحب الذات والدور الأكبر أن نسد ثقوب التربية النظرية المجردة التي عرفها بعض التربويين في الكتب فقط دون تطبيقها في الحياة ،فما رأيكم ؟! ليختم بهذا السؤال المفتوح الذي ينتظر إجابة الواعين ومن يعنيهم الأمر.
التصنيف: