حوار

قينان الغامدي .. المعلم الصحفي الكاتب .. لـ (البلاد) : قادتنا حكماء قادرون على حماية الوطن

( الشللية ) داء عضال .. تقدم غير الكفء .. وتفضي الى شحن نفسي هائل
معرض الكتاب بجدة تظاهرة عظيمة .. ونتمنى السماح للكتاب السعودي بالطباعة في الداخل
ليس هناك مشكلة أن تطول مدة رئيس التحرير .. وهيئة الصحفيين لم تقدم شيئاً
اسعار الخدمات يجب أن تباع بـ(البطاقة) حسب دخل كل مواطن

الصالونات الأدبية ليست علامة عافية.. وإذا قامت (مؤسسات مدنية) فستلغيها
اقرأ للكل .. وتستهويني كتب الفلسفة والتاريخ والمذكرات وأدب الرحلات

 

حوار : بخيت آل طالع الزهراني
الاستاذ قينان الغامدي اعلامي سعودي معروف، بدأ حياته العملية في محراب التربية والتعليم وايضا من ميدان الصحافة، فكان في الطائف ثم في جدة لمدة زادت عن 10 اعوام وبدأ حياته الصحفية من مكتب (عكاظ) بالطائف مراسلاً، ثم انتقل الى جدة للعمل في المركز الرئيسي، لـ (عكاظ) وتدرج في مراتب العمل الصحفي حتى صار نائباً لرئيس التحرير بعد ذلك انتقل الى (البلاد) رئيساً لتحريرها لمدة عامين، ثم الى (الوطن) ليكون أول رئيس تحرير لها ولمدة اربع سنوات منها عاما في السنة التحضيرية للصحيفة ثم انشأ بالتعاون مع رجال اعمال صحيفة (الشرق) من الدمام ليكون ايضا اول رئيس تحرير لها.. وكتب ولازال مقالاً مقروءاً في صحف الوطن ومكة والشرق.
(البلاد) التقت الاستاذ قينان الغامدي في مكتبه الحالي – ككاتب – الكائن غرب ميدان الفلك في جدة ، وحاورناه في عدة قضايا آنية، واخرى عامة، فكانت اجابته كما عرف عنه شفافة وجريئة وتحمل الهم الوطني الذي قال انه يقلبه من رأسه الى اخمص قدميه، ولم اجده كما اسمع عنه (الولد الشقي) بل وجدته منطقياً منظم الفكر، ومقنعاً، بتلك الرؤى التي تنم عن خبرة حياتية متراكمة وتجربة واسعة بين ميدان التعليم بكل قيمه الجميلة، وبين مشوار الصحافة والفكر بكل مهنيتها ورسالتها الحقيقية، في ان تكون صوتاً “واضحاً” على طريقة “قل كلمتك.. وامشي”.
هنا تحدث الاستاذ قينان عن التجربة الإصلاحية التي شهدتها المملكة وما يمكن أن يضاف لها، وتحدث عن موقفه من الشللية وهيئة الامر بالمعروف واسعار الطاقة والخدمات، ومعارض الكتاب وجمعية الصحفيين، ورؤساء التحرير.. الى ما هنالك من محاور اخرى استهلكها لقائي به والذي زاد عن ساعة وكان (ابو عبدالله) خلالها اريحياً معي، متدفقاً، واظن لولا محدودية مساحة الجوار، لكان ضيفنا قد افاض في حديثه الممتع ليشمل عدة قضايا اخرى ربما لم يشملها هذا الحوار .. وعلى اية حال هنا مجمل ما قاله لنا رئيس التحرير السابق لثلاث صحف سعودية.

•• وانت خارج مقعد رئيس التحرير، نراك تكتب مقالاً يومياً.. كيف تجد نفسك في هذه المرحلة؟
– أولاً انا ليس لدي ما يعرف بطقوس الكتابة، هذه الطقوس ربما يحتاجها الذي يقدم ابداعاً (شعراً، نثراً.. الخ) اما الذي يكتب مقالات سواء كانت اجتماعية او فكرية، فأنا لا اعتقد انه يحتاج طقس، وأنا المهم عندي الفكرة، متى جاءت فانا أكتب.. أما حياتي العامة فهي والحمد لله طبيعية، فعندما خرجت من الوطن ظللت اكتب عدة سنوات، ثم عندما خرجت من (الشرق) كتبت في صحيفة مكة لمدة سنة، والآن عدت للكتابة في (الوطن) والحمد الله ليس لدي اي مشكلة في هذه المواضيع أبداً.
•• الخطاب الاصلاحي عندنا، هل ترى ان من ضمن محاوره ان ينطلق من المؤسسة الدينية؟
– عندنا هنا في المملكة نوعان من الاصلاح، النوع الاول هو الاصلاح السياسي ، والاصلاح السياسي هو أبو وأم الاصلاحات كلها، وهذا الاصلاح السياسي أنا اعتقد ان الدولة شرعت فيه منذ عهد الملك عبدالله رحمه الله، والآن في عهد الملك سلمان، ونأمل أن يتم الاستمرار واستكماله على مر السنين.
ويبقى الاصلاح الفكري، وفي الاصلاح الفكري لدينا ازمة فكر الحقيقة في المملكة العربية السعودية، وهذه الازمة – انا في نظري – ان سببها ما سمي بـ”الصحوة” التي استمرت تضخ هذا الفكر على مدى أكثر من (30) سنة، هذا الاصلاح الفكري أنا اعتقد انه يبدأ من هيئة كبار العلماء.. لماذا؟.. لانه بالنسبة لهيئة كبار العلماء لا احد يشك لا في نواياهم نحو الدولة.. ولا في نواياهم نحو الناس في البلد، ولكنهم يعمدون الى اشد الآراء الفكرية المتوارثة من الفقهاء ومن علماء سابقين يتخذ منها قاعدة لهم في فتاواهم، وهم يقولون ذلك ببراءة متناهية.
لكن التنظيم الحركي الذي افرزته الصحوة، او هو افرز الصحوة في الحقيقة، هو تنظيم السرورية المنشق عن الاخوان المسلمين، يستغلون هذه الفتاوى اسوأ استغلال، ويروجون لها، عبر الدعاة، ومن يسمون انفسهم طلبة علم، وعبر وسائل النشر المختلفة، بل ويستخدمونها ضد قرارات الدولة وتتذكرون ماذا عملوا عندما سُمح للمرأة بالعمل في الاسواق وفي المحلات النسائية، وايضا عندما اختار الملك عبدالله 30 امرأة لمجلس الشورى.
وهناك المنهج الخفي، الذي من خلاله يتم تجنيد الشباب، خاصة بعد أن تطورت وسائل التواصل الاجتماعي، اصبحت مسألة تجنيدهم أسهل، وسرعة التواصل اسهل، ونحن نرى كل يوم من هو ذاهب لداعش، ومن هو ذاهب للجهاد في سوريا.
ولولا الله سبحانه وتعالى، ثم وزارة الداخلية والامن، لكان حدث الأسوأ لانه كل يوم كما نسمع من وزارة الداخلية القبض على خلية في المكان الفلاني، القبض على متعاطفين، القبض على داعمين، هؤلاء ما جاءونا من السماء، ثم تجد من يتساءل، يا اخي انظر لداعش فهم من كل الجنسيات في العالم، وأنت تقول انهم كلهم من عندنا.. طيب يا سيدي، الصحوة تلك دعمت حتى وصلت الى افريقيا، والى أمريكا وروسيا والى كل مكان، دعاة الصحوة انتشروا في الارض، وهذا انتاجهم.. والآن بعد ذلك جاءت استخبارات عالمية واستغلت داعش، واستغلت القاعدة، لكن هذا موضوع يناقش كموضوع آخر.
لكن الفكر من هنا، والملك عبدالعزيز رحمه الله عندما جاء حسن البناء وقال له: نعمل فرع للجماعة هنا، قال له الملك عبدالعزيز (لماذا.. كلنا اخوان) وكان الملك عبدالعزيز برده ذاك رجلاً عظيماً.. والملك فيصل رحمه الله عندما جاء بهم في موقف نبيل وحماهم من القتل والقهر سواء في سوريا او غيرها، واحتواهم هنا في المملكة، أولئك الاخوان لم يستطيعوا ان يكونوا لهمن جماعة حتى الآن هنا، لكن جاء محمد سرور، وهو منشق عنهم، جاء في الشمال أولاً في حائل ثم القصيم، ثم انتقل الى المدينة المنورة.. هذا الرجل كان ذكياً، فأخذ من الاخوان المسلمين التنظيم الحركي السري (المنهج الخفي) الذي اشار له الامير خالد الفيصل في احدى ندواته، واخذ الفقه الذي يسمونه هم الآن الوهابي او الحنبلي او الذي هو.. ثم غطى المنهج الخفي بهذا الغطاء الفقهي، ثم انتشر في البلد، لأننا نحن هنا في المملكة العربية السعودية مسلمون بالفطرة، وقامت الصحوة على هذا الفكر السروري والأمير نايف رحمه الله عام 2006 قال واعلن: (نحن مصيبتنا كلها من الاخوان) وكلامه صحيح والأمير نايف كان يقصد ذلك التنظيم السري الحركي العسكري.
أما الفقه الفكري الوهابي كما يسمون فما كان عندنا مشكلة منه لانه فتاوى متجددة.. ولذلك اقول ان الحل هو بين هيئة كبار العلماء امام أولئك الذين استغلوا فكرهم وروجوا له، واصبح طعنة في خاصرة الوطن، هنا اصبح هذا الفكر مشكلة.
لذلك انا اقول ان علاجه فكري من لدن هيئة كبار العلماء، وأنا آمل أنهم ان شاء الله قادرون على هذا، بل ان هذا واجبهم أمام الله انقاذ الوطن، نحن لا نطالب بما يخل بأساسيات الدين، ولا بالحدود الفقهية، وتلك أمور لا نناقش فيهان لكننا نناقش فيما يمكن الاختلاف حوله.
•• بدأت في الفترة الاخيرة الطرح بشكل جريء.. ألا تخشى الايقاف؟
– اخشى الايقاف كيف.. أنا الآن جالس في بيتي!!.. فلي الآن ثلاث سنوات منذ خروجي من الشرق، والآن يا أخ بخيت الايقاف اعتقد انه لم يعد عقوبة، لسبب بسيط لان وسائل النشر كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي، وتويتر، والفيس بوك، والدكتور سعيد فالح يكتب مقال يومي في الفيس بوك، وقراءه بعشرات الالوف، فانا ما عندي مشكلة ومعظم قرائي يقرؤونني في الموقع الاليكتروني في الصحيفة التي اكتب فيها، وليس في الصحيفة الورقية.
وبالأمس كانوا يتحدثون عن معرض الكتاب وقلت ان القارئ السعودي متعطش للكتاب السعودي الذي لا يجده الا في معرض الكتاب، فهذه عملية متناقضة عقلياً، فما دام تسمح له يأتي – الكتاب – في معرض الكتاب، لماذا اذن تحرم البلد من الاستثمار.. لماذا تسمح لفلان وفلانة يطبع كتابه في البلد ويوزع له ناشر سعودي، فيستفيدون كلهم من ذلك، فبدلاً من أن يذهب لطباعة كتابه في بيروت أو القاهرة أو لندن وفي ذلك حرمان للبلد من استثمار اقتصادي، اما الكتب فالناس متعطشون للكتاب كنسخة ورقية، والا فهو موجود في الانترنت، ولم يعد هناك قدرة على الرقابة عليه، ولا احد يستطيع منع الكلمة من النفاذ الى الناس.
•• معرض الكتاب في جدة، وأنت احد زائريه، هل كانت تظاهرة ثقافية، ام كان مجرد عملاً استعراضياً؟
– أنا في نظري ان معرض الكتاب الدولي بجدة كان تظاهرة ثقافية كبرى، وانا قلت للتلفزيون السعودي ان هذا المعرض في جدة سيجعل كل القائمين على معرض الكتاب ليس في المملكة بل في الوطن العربي كله في الامكانيات والقدرة على التنظيم عند الزوار.
نحن دائماً نردد أننا شعب يقرأ، وهذا بخلاف ما اعتقده، فنحن نقرأ لأنه يستحيل أن يأتي الناس لشراء الكتب بهذا الحجم والكميات ليزينوا بها بيوتهم، بقدر ان يزين بيته بنصف هذه القيمة أن يزين بيته لو أراد بالديكور الكتب لتكون كأنها مكتبة حمد الجاسر رحمه الله، لكن لماذا يذهب يزيد بالكتب، والكتب اصلاً لا تصلح للزينة، لكن الناس متعطشون للقراءة وبالذات الكتاب السعودي، الذي يتم انتاجه داخل البلد يكتبه الكاتب ثم تكون طباعته ونشره خارج البلد.
ولا يتاح للقارئ السعودي او القارئة ان يحصل على هذا الكتاب الا عبر معرض الكتاب.. وهذا حرمان اقتصادي كبير.. وانا اعتقد معرض جدة للكتاب قد حقق نجاحاً انا شخصياً لم اكن اتوقعه، والشكر والتقدير لمن؟ هو للجنة المنظمة ووزارة الثقافة والاعلام والامير مشعل بن ماجد، والاخ سعود كاتب وللشباب والبنات الذين معه، والذين يداومون من عشرة صباحاً الى عشرة مساء يومياً.
ولقد سمعت الامير خالد الفيصل في مجلسه بعد صلاة الجمعة وهو يقول انسبوا الفضل لأهله، اشكروا الامير مشعل، اشكروا وزارة الثقافة والاعلام. فانا اقول ان الامير مشعل بن ماجد والدكتور سعود كاتب يستحقون الشكر والتقدير والثناء، والمهم الآن هم قالوا عامان تجربة، والآن لسنا بحاجة للتجربة، ارجو ان يتم من وزارة الثقافة والاعلام ومن صاحب القرار اعتماد اقامة المعرض في جدة سنوياً، وان ينشأ له، ليس لوحده ولكن لكل الفعاليات التي تحتاجها جدة، ينشأ لها مكانا يكون أكبر قليلاً من المكان الحالي، ويستفاد منه، فجدة مليئة بالفعاليات، لان الفعاليات التي تقام في جدة، لا تقل عن الفعاليات التي تقام في الرياض العاصمة . ويصبح معرضا سنويا دائما يقام فيه معرض الكتاب.
•• لماذا أنت لست كرؤساء التحرير الآخرين تعرف كيف تحافظ على كرسيك، أم أنك ترفض السير (بجوار الحيط)؟
– أنا لا اعرف كيف هي الطريقة التي يحافظون بها على كراسيهم لكنني عندي همّ معين، سواء كنت رئيس تحرير او كاتب أو مواطن عادي، أنا عندي مشروع وهمّ معين، وهو الوطن، وانا يهمني ان ارى وطني أجمل الأوطان، أن اراه كاملاً، الا يمسه اي سوء. وهذه قضية محسومة عندي، وانا اقول هذا دائماً لكل الزملاء والزميلات عندما كنت عندكم في (البلاد) وعندما انتقلت لـ(الوطن) أن عندنا مصالح وطنية عليا، فلا احد يفكر أن يمسها نهائياً، القيادة الوحدة الوطنية، وقبلها الدين السمح بأساسياته وقواعده.. أما ما عدا ذلك فيجب ان نناقشه داخل بيتنا، ويبدو انني خرجت او فصلت من (الوطن) ومن (الشرق) لأنه فيه احد ما يقبل هذا، لأنه يقول لك خلينا داخل بيتنا نناقش مشاكلنا، أما بقية الزملاء رؤساء التحرير فأنا لا أعرف كيف يحافظون على كراسيهم، لكنهم جديرون بالتأكيد، وان يبقوا كل هذه المدد الطويلة.
وأنا أقول لك شيئاً يمكن ما احد يعرفها عني، والله انني عندما اسافر الى اجمل بلدان الدنيا، ومرتاح ومبسوط، لكن اسبوع فقط، واظل بحاجة ان اعود لبلادي، وعندما اعود وتنزل الطائرة في جدة أو الرياض، والله انني احس انني كمن يدخل الجنة، تخيل هذا.. حتى ان عندي أصدقاء في احدى المرات في باريس، يقولون : يا أخي اجلس يومين أو ثلاثة.. قلت لهم أبداً – كمبرر للعودة – عندي مشكلة ويجب أن اعود وأغادر، وانا والله ما عندي مشاكل، لكن أريد العودة، وعندما جلست في بريطانيا وهي اطول مدة غبتها عن البلد سبعة اشهر متصلة، لم اكن سعيداً أبداً، فبعد مرور اسبوعين او ثلاثة والله انني كنت ابحث عن اي ذريعة حتى أعود، لكن انشغلت في اللغة الانجليزية، ورأيت نفسي افضل فيها، والآن عبدالله الناصر الملحق الثقافي سابقاً هناك الله يذكره بالخير شجعني على البقاء، وما صدقت يأتي فصل الصيف ثم عدت للمملكة.
وفي النهاية يا اخي بلدنا بلد عظيم، صح كان يمكن يكون افضل، لكن فيه انجازات عظيمة، وحب الوطن فينا جميعاً، والغيرة عليه عندنا، وبالمناسبة رأيت قبل أيام رجلاً في شارع التحلية يريد تخطي الرصيف بسيارته فقلت له: لماذا تفعل ذلك، قال ومن تكون أنت هل أنت مسؤول، قلت نعم أنا مواطن، وهذا الرصيف لك أنت، قال وما دخلت، قلت لأنه لي ولك أنا شريكك في الرصيف، قال والزحمة، قلت كلنا في الزحمة معاً.
•• كيف تنظر “للشللية” عموماً.. وفي ميدان الصحافة بشكل خاص؟
– الشللية داء عضال وسبب الفشل في اي منظومة عمل، وليس في الصحافة فقط، واذا راينا اي مؤسسة او صحيفة تعاني من الشللية، لكنها تحقق نجاحاً او بعض النجاح، فهو نجاح مؤقت مهما طال.
لان الشللية تفضي الى أمرين ليس هناك اخطر منهما، أولاً تقديم غير الكفء، وهذا يدمر الباقين الذين بعده، والامر الثاني انها تفضي الى شحن نفسي هائل عند الناس، ويظل الناس مشغولون ببعضهم، بحيث كيف اصطاد علي بخيت وبخيت كيف يصطاد عليّ، وأنا أبلّغ الرئيس الأعلى، وبالتالي ينشغل الناس بالمكائد ويتركون العمل، وانا كنت اقول للزملاء في (الوطن) وغيرها هذا بيتنا وكلنا رؤساء تحرير، وكلنا محررون في الميدان، وكلنا اداريون، وبذلك اسحب القياس على الوطن وطننا كلنا، فالشللية مرض، ومرض قاتل.
•• ثمة من يرى بقاء رؤساء التحرير في مناصبهم فترات طويلة أمر غير مناسب.. أنت كيف تنظر لذلك؟

– أنني لا أرى في ذلك بأسا، صحيح انا مع تجديد الدماء، لكن المؤسسات الصحفية اذا رأت ان رئيس التحرير هذا، يحقق لها نجاحات – وهي مؤسسات استثمارية – أنا ارى انه لا مشكلة في ذلك.
•• هيئة الصحفيين السعوديين، هناك من يراها لم تقدم شيئاً لابناء المهنة.. ما تعليقك؟
– نعم، الهيئة لم تقدم شيئاً، وانا تقدمت باستقالتي منها، لان هناك مشاريع كبيرة قُدّمت لكن الهيئة لا تتحرك، والسبب هو وجود الزملاء – آنذاك – اعضاء في مجلس ادارتها، ورؤساء التحرير ليسوا “فاضيين”.. والهيئة تحتاج اعضاء – على الاقل نصف تفرغ – في مجلس ادارتها.
ثم هي تحتاج الى دعم لأمينها العام الدكتور عبدالله الجحلان وهو رجل نشيط ومخلص، وكان يوجد مبلغ ولكن بني منه المقر في الرياض، ولدى الامين العام ثلاثة أو اربعة موظفين فقط طيلة هذه الفترة.
والهيئة تحتاج الى شباب يتفرغون للعمل الاداري والعمل التنظيمي تحت اشراف الامين، وان يكون هناك اجتماع على الاقل في الشهر مرة، لكن ان يجتمع مجلس الادارة كل سنة او سنتين مرة، ولذلك لم يحقق النتائج المطلوبة، ولذلك انا انسحبت.
•• أنت ككاتب ومثقف، لمن تقرأ، من من الاسماء تشدك من غيرها؟
– انا اقرأ للكل، انا اقرأ في المجال الادبي بحكم التخصص، الروايات، ودواوين الشعر، والقصص، ومن عدة سنوات مضت استهوتني كتب الفلسفة والتاريخ، وكتب الرحلات والمذكرات، ولا استطيع ان احدد لك لأنني اقرأ للكل، لمؤلفين من الجابري وعبدالله العروي وعدد كبير من اخواننا المغاربة، الى مصر نجيب محفوظ والرموز المصرية العقاد من قبله والمنفلوطي الذي تربينا على كتبه، الى بيروت، الى اخواننا هنا في المملكة العربية السعودية، وفي الكويت كذلك رموز كبيرة، تركي الحمد، عبدالله الغذامي، والآن الجيل الجديد من الشباب الذين يكتبون الروايات.. وبالطبع ما قبل هؤلاء هناك العواد في الحجاز المنطقة الغربية، وحمزة شحاته، وحسين سرحان، ومحمد حسن فقي، وعزيز ضياء، وعبدالله مناع الآن. وهي رموز كبيرة يستحقون الاحتفاء بهم أحياءً وأمواتاً.
اضافة الى رموز الفكر العالمي (كانت، هيجل) والواحد يتمنى لو كان منذ الصغر قد بدأ في القراءة الجدية، يعني نحن كنا نقرأ اشياء صغيرة ونحن صغار للمنفلوطي، وما كانت تنشره مجلة العربي، من الكتب المحلقة بها، والمجلة نفسها، لكن عموماً ما لا يؤخذ كله لا يترك جّله.
•• لك موقف سبق وان قرأته لك حول رؤيتك لاهمية رفع تعرفة سعر الطاقة كالبنزين، وكذلك فواتير الماء وغيرها.. كيف ذاك؟
– دعني هنا اضرب مثالاً.. فأنا وانت ولنضرب مثلاً بثالث معنا هو سمو الامير الوليد بن طلال.. نحن الثلاثة نأخذ اسعار البنزين والكهرباء والماء بذات السعر لنا نحن الثلاثة، فانا مثلاً اعتبر من الطبقة الوسطى وليس العليا، هل انا مثل سمو الامير الوليد، لا انا لست مثله.. انا ما عندي مسبح في البيت وانت ليس لديك ايضا، لكن الذين لديهم مسبحين وثلاثة في بيته وحدائق وغير ذلك، هل من المعقول اننا جميعاً نشتري بسعر واحد.
لماذا – أنا أقول – والدولة تدفع سنوياً من 300 – 400 مليار اعانة في مجال الطاقة، والآن سعر برميل البترول يباع من المملكة للخارج بـ37 دولار، ثم تبيعه لك هنا في الداخل بسعر الانتاج يمكن بـ10 دولار او 20.. ولو باعته في الداخل بثلاثين دولار فهناك 20 دولار سوف تكسبه، طيب خسرت الـ20 دولار هذه التي كانت يمكن ان تحصل عليها لو باعته للخارج في السوق العالمي.
ما عدا انا لا ابيع البترول بنفس السعر العالمي حتى للداخل، وابيع الماء بالسعر التجاري، وكل شيء بالسعر التجاري، مثل الاتصالات عندما اصبحت شركة stc.. وانا اتصرف بالفائض هذا الذي كنت اخسره او كنت ادفعه دعما، ومن خلال نظام (أبشر) مثلاً يمكن التعرف على دخول المواطنين وذلك بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والإحصاءات الوطنية، فالذي دخله 15 الف نضعه الشريحة رقم واحد، واللي دخله 10 الاف الشريحة رقم اثنان، ثم يعطون الناس بطاقات، فالذي مثلاً يشتري البنزين يشتريه بموجب بطاقة شريحته وهكذا حتى نصل الى الطبقة الذين هم تحت خط الفقر، فأولئك يأخذون مجاناً محروقات وماء وكهرباء وكل شيء بدون مقابل.
إنني اعتقد أن تنظيماً كهذا فيه عدل، اما انت او انا ويكون دخلي 20 الف ريال فانا استطيع اشتري بنزين وكل حاجة، مثلي مثل الفقير الذي راتبه 1500 ريال فهذا غير مناسب وغير معمول به في اي دولة.. واذا زاد دخل الدول من مثل هذا التنظيم عما سوف تدفق دعماً للطبقات المحتاجة فانه يضاف لخزينة الدول (الاحتياطي) الذي نجد انه كان رافداً مهماً لنا خصوصاً بعد هبوط سعر النفط مؤخرا كما رأينا.
•• الصالونات الثقافية او الادبية في بلادنا.. اين الفكر منها، وأين الاستعراضات فيها؟
– انا اعتقد ان الصالونات الادبية في المملكة العربية السعودية لها ايجابيات ضخمة، سواء كانت للثقافة والادب، او كانت لاجتماع الناس بحيث يتعارفون ويتحاورون ويتناقشون، فهي لها ايجابيات، لكن مع ذلك أنا اتفق مع الاستاذ محمد سعيد طيب، انها عنوان كبير للتخلف، لماذا؟.. لو كان لدينا مؤسسات مجتمع مدني تجمع أولئك الناس، لكننا في غنى عن تلك الصالونات، فلا نذهب لا للثلوثية ولا للربوعية ولا الى.. الخ انما اذهب الى تلك المؤسسات فالتقي بالناس كلهم، لكن لانه ليس لدينا ذلك كانت الصالونات.
وآمل الآن بعد ان وافق مجلس الوزراء على مؤسسات المجتمع المدني، فمعظم الصالونات سوف تتوقف لانه لن يذهب لها احد.
•• ما هو موقفك، من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
– أنا موقفي من هيئة الامر بالمعروف واضح وثابت وطرحته أكثر من مرة، فالهيئة مؤسسة في الدولة، لان هناك أناسا يقولون والله يا اخي أنت لك راي في الهيئة ولو الدولة الغتها فالدولة سوف تتأثر.. يا سلام!!
الهيئة جهاز من اجهزة الدولة أصلاً، فقد ألغت الدولة وزارة الاسكان ثم اعادتها ومن حقها، وضمت الصناعة والتجارة مع بعض، وضمت التعليم العام والجامعات معاً، فالمسألة ليست بذلك التصور.. والهيئة لا عمل بها، ولا شغل لها فكل الأنشطة التي تمارسها الهيئة لها اجهزة قائمة، فالمخدرات لها جهاز، التحرش مسؤولية الشرطة.. وماذا بقي السحر والشعوذة فالرقاة لا يعدون ولا يحصون.. وبقي شيء واحد، وهو حث الناس على الصلاة، والناس ليسوا بحاجة لمن يحثهم على الصلاة، فالمسلمون يصلون في كل بقاع الارض وانا رأيت ذلك، وهنا انت وانا نرى الناس يغلقون المحلات وبعضهم لا يصلي جالس أمام محله.
•• البطالة.. الى اي مدى ترى انها تشكل هاجساً مقلقا لك ككاتب رأي؟
– أنا لست قلقاً من البطالة لسبب بسيط، وهو ان سبب البطالة في المملكة العربية السعودية، ليس لانه لا يوجد عمل لأولئك، لكن ذلك يعود لسببين.. الاول التأهيل فأنت عندما تدفع بشاب أو شابة الى سوق العمل وهو غير مؤهل، ومن ذلك اجادة اللغة الانجليزية، والذي يقول لماذا انت تشترط اللغة اقول، نعم العالم كله الآن يتعامل بهذه اللغة، وهي لغة مهيمنة، نتمنى لو كانت اللغة العربية هي لغة العالم.
النقطة الثانية المجتمع، فكلنا نريد ابناءنا اطباء ومهندسين وطيارين، بينما الناس الذين يشتغلون في السباكة والحلاقة، هؤلاء هم عندنا هنا من كل الدنيا، وبنوا بيوت في بلدانه وتزوجوا من عندك من هنا، حلقة الخضار هذه فيها فرص فهناك من لا يريد الا يكون موظفاً جالساً على المنكتب، يا اخي لماذا، هذا ليس شرطاً.
ثم الآن المشروع الذي اعلن عنه الامير محمد بن سلمان التحول الوطني وهيئة توليد الوظائف، وانا اعتقد ان بلدنا مقبل على نهضة ممتازة، واعتقد ان الأهم من هذا كله ان التعليم سيتغير وينتج من المتميزين، والآن آمل اقامة معارض تأهيل وتتبعه دورات واجبار بعض ان تدرب الشباب، وتخرج للبلد وليس لها فقط.
ِ•• كيف تنظر لقنوات التواصل الاجتماعي التي شاعت مؤخراً، وصار معظم الناس يتعاطاها.. ما اثرها على المجتمع؟
– عندما بدأ الانترنت وما عرف بـ”الساحات” انا كتبت مقالاً انه لا علاج للحرية الا بمزيد من الحرية، وانا اعتبر ان هذه قاعدة موجودة في كل الشرائع في الاسلام واليهودية، والمسيحية وفي كل التيارات التي ظهرت من ليبرالية وعلمانية.. الخ وانا كنت اقيس – انطباعاً – الساحات وتويتر تكاد تكون نضجت، وبذلك خف الشتم والسب، الآن واتساب وتويتر، اعتقد انها ايجابية، صحيح فيها شتائم واشياء لا ترضي، لكن المزيد من الحرية سوف ينهي ذلك، لسبب بسيط الناس سوف يفرغون الشحنات.. وخلاص.. اما ان الناس ينبذونه، او انه سوف يرشد.
والمطلوب شيء واحد ان يكون هناك قوانين تحكم هذه الحرية، وتكون هناك حرية مسؤولة، فان لم يرتدع هو من نفسه، يظل يخاف القانون، مثل اي بلد في العالم، والمزيد من الحرية يظل حلاً ايضا، وفي تويتر انت في مجلس كبير في 10 ملايين سعودي، واقرأ لهم ويقرأون لي، وانا اشتم فيه “بالهبل” وما عندي مشكلة في ذلك، لسبب بسيط، ان الذين كانوا يشتموني يعترفون وفي العلن.. يقولون لم تكن نعرفك او نقرأ لك، كنا فقط نسمع عنك، وكنا نشتمك والآن آسف وسامحني، فاقول له مسموع “و”رووح”!!
•• في ختام هذا اللقاء، ما هي كلمتك الاخيرة؟
– اشكرك على هذه الفرصة، و(البلاد) احس بحنين لها وحنان، ويمكن (البلاد) شكلت انطلاقتي في مجال رؤساء التحرير، ويمكن لانها اقدم صحيفة سعودية، وأنا زمان اول ما فتحت عيني على قراءة الصحف والمجلات كانت (البلاد).. كنا نشتريها ونقرأها وكانت من اجمل الصحف واقواها.
والصحافة صناعة، وانا ارجو من الاخوة اعضاء مجلس ادارة (البلاد) ان يعوا هذه الحقيقة، فهذه الصناعة تحتاج للدعم، من اجل ان تستعيد (البلاد) نفسها ووهجها، وليس شرطاً النسخة الورقية، لان القارئ يهمه المضمون في ورق او في الانترنت او حتى في منشور، فالمضمون هو الأهم، وبالتالي الوسيلة ليست مهمة، وتحتاج الصحافة الى دعم وضخ مالي وعقليات نظيفة تستطيع ان تستثمر هذا الدعم وتنهض، واتمنى لكم التوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *