لنجدد حياتنا في شهر الصوم

• مصطفى محمد كتوعة

أقبل شهر الصيام شهر المغفرة والرحمات، وكان نبي الرحمة المهداة صلوات الله عليه وسلم يبشر اصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: “جاءكم شهر رمضان، شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم..” وكان سلفنا الصالح يفرحون بقدوم موسم الخيرات واستقباله بالعمل الصالح.
رمضان محطة سنوية ومنحة إلهية عظيمة الأثر في النفس حيث ينعش الصوم بدواخلنا الدوافع الروحية، ويقوي العزائم لزجر الشهوات والتحكم في الرغبات. فالصائم يكون أكثر قرباً من الله تعالى بالقيام والدعاء والتضرع والخشية والاستكانة وإطعام الطعام والصدقات واعمال البر والخير.
لنستقبل رمضان بفتح صفحة ناصعة عامرة بالصالحات ونتذكر بالدعاء بالرحمة والمغفرة لمن سبقونا في الرحيل، ونعقد العزم الصادق على الأعمال الصالحة وليس خسارة الوقت في بضاعة دنيوية مزجاة، وطوبى للسعداء فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير والرضا والقبول والفوز بالجائزة العظيمة، فلنستقبل شهر الخير بصدق العزيمة والنية الخالصة والإنابة إلى الله تعالى بترك الآثام والسيئات، والإقلاع عنها، أليس هو شهر التوبة فمن لم يتب فيه فمتى يتوب؟ قال تعالى “إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين”.
وليفتح الصائم صفحة بيضاء مع الوالدين والأهل والأقارب والأرحام والجيران بالبر وصلة المحبة والمعروف والتسامح مع الجميع وصفاء النفس من أدران الضغائن والشحناء، وأن نؤدي دورا إيجابياً يسهم في صلاح وإصلاح المجتمع، وما احوج مجتمعنا في ظل تحديات التقلبات الأخلاقية إلى جهد كل منا لصلاح الفرد والأسرة.قال صلى الله عليه وسلم “خير الناس أنفعهم للناس” ولذلك يعد شهر الصوم شهراً تربوياً يقوي التراحم والتكافل وسائر وجوه البر الذي يصهر الجميع في بوتقة المحبة والترابط.
إنه الإيمان العملي بتطبيق مقاصد الصوم ومعانيه ظاهرة وباطنة قولاً وعملاً، فلا يألم فقير ولا ظلم لضعيف، ولا يضيع بيننا يتيم ولا أرملة ولا مسكين، وهذا عين رضا رب العالمين، قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم “من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفر له ما تقدم من ذنبه” ايضاً مما ينبغي الاهتمام به في شهر الخير هو صدق العبادات وتزيين النفس والجوارح بها، استشعاراً بأنها ستهدى لله عز وجل فلا بد أن تكون على أحسن حال وأجمله وأطيبه، وهذا لا يتأتى إلا بالإخلاص والبعد عن شوائب الرياء، فالإخلاص روح الطاعات، ومفتاح قبول الباقيات الصالحات، وسبب للتوفيق الإلهي.
وشهر رمضان فرصة عظيمة لمحاسبة النفس على تقصيرها، فيصوب العبد سلوكه ليكون في الشهر الكريم على درجة عالية من الإيمان، وكلنا يعلم أن الإيمان يزيد بالطاعات حتى يكون كالجبل، وينقص بالمعاصي والعياذ بالله حتى لا يبقى منه شيء.
نسأل الله تعالى أن يتم علينا الشهر الفضيل وقبول الصيام والقيام وصالح الأعمال.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *