•• ذهبت ذات يوم الى مركز ايواء مجهولي الابوين في جدة كانوا اطفالا وبعضهم قد شب عن الطوق قليلا، كنت أقرأ في تفاصيل وجوههم سؤالاً قلقاً وحائراً من هم ابواي وكيف أتيت الى هذا المكان؟
صحيح ان الرعاية والاهتمام بهم كان كبيراً لكنه بالقطع لن يلغي ذلك السؤال الدقيق في اعماقهم وقد ذكروني بذلك الشاب الذي كان في المدينة المنورة قبل اكثر من خمسين عاما كان شاباً وكان معروفاً ولكن كان يطارده السؤال الصعب والمر “من هما أبواي؟” وكان هناك من “يغمزه” من أقرانه اذا ما اختلف معهم فعاش حياة “مكربة” انساق في نهايتها الى استخدام كل ممنوع من الدواء الذي كان يأمل ان يخرجه من حالته تلك حتى دخل مغارة المخدرات فأنهى بذلك حياته لإدمانه لبعض تلك الأقراص.
ان صورته لم تفارق مخيلتي وأنا اشاهد هؤلاء الابرياء الذين كانوا ضحية “نزوة” من “مجرمين” دفعوا بهم الى هذه الحالة من الضنك النفسي الرهيب.
أعجبني ذات يوم لقاءً اذاعياً مع اثنين من هؤلاء وقد انتهيا من دراستهما الجامعية وقد تحدثا عن وضعهما بكل جرأة وقالا لا يهمنا كيف اتينا الى هذه الدنيا طالما نحن نمارس حياتنا بكل جدارة واقتدار فأصل الفتى ما قد حصل وليس من قال كان أبي بل من قال هاأنذا؟..انهما ادخلا السرور الى نفسي وهما يتحدثان بكل ثقة، لكن هل كل من هم في مثل ظروفهما تخلصوا من عقدة النقص هذه ولعل في التسمية مجهول الأبوين فيها بعض الراحة من لفظة لقيط البشعة؟ ..ان الالتفات لهم بمزيد من الرعاية التي لا تحسسهم بانهم حالة خاصة فيها الكثير من العلاج لهم فهم ضحية لخطأ ارتكب في حقهم دون علمهم.. فكيف يعاقبون على جرم كانوا هم ضحيته.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *