لم تتردد كثيرًا، وطلبت الطلاق سريعًا، فمثلها وكغيرها من النساء لا يتحملن البقاء طويلاً تحت جناح رجل أقرب وصف له هو أنه “دلوع أمه”، لا يأخذ قرارًا، ولا يتجرأ أن يتقدم خطوة إلا بعد استشارة “أمه”!، فإن رفضت، رفض الأمر، وإن قبلت به رحب هو الآخر بالأمر ونفذه!، شخصية ملغاة وتكاد لا يكون لها أي أثر لا بحضور ووجود “ست الحبايب” ولا حتى خلال غيابها، فهي الغائبة الحاضرة في المشهد دومًا، وهي صاحبة القرار الأخير في كل شاردة وواردة.
بر الوالدين، وخصوصًا الأم واجب، ويأثم من يدعو إلى عقوقهما، أو الخروج عن طاعتهما، ولكن لابد من التفريق بين أن يكون الابن بارًا، وبين أن يكون مهمشًا لا رأي له ولا شخصية، الاهتمام الزائد الذي توليه بعض الأمهات لأبنائهن، وخصوصًا الذكور منهم، يكون وبالاً عليهم في المستقبل، خصوصًا عندما يحين وقت بناء أسرهم الجديدة المستقلة، وتحمل مسؤوليتها، والتي يصبح حملها أثقل من الجبال بالنسبة لمن تعود التمرغ في حضن أمه، والتخفي وراء عباءتها، لتواجه هي كل مشاكله!.
هي تقوم بذلك حبًا، وخوفًا عليه، وحرصًا منها على عدم وقوعه في مشاكل الحياة التي هي أخْبر منه فيها – كما تعتقد دومًا – ولا تعلم أنها تعده ليكون لقمة سائغة لمشاكل الحياة وصعابها، عندما يكون رخوًا غير قادر على مواجهتها. حتى تتعود هي الأخرى ألا يتخذ ابنها قرارًا إلا بعد أن توافق عليه، والويل والثبور له إذا ما تجاوزها يومًا، وأراد ولو لمرة واحدة أن يشعر بلذة استقلال رأيه، فهي تعتقد أن ابنها طفل مهما كبر، وإنه بحاجة إليها أبد الدهر!.
أتفهم أن يستشير الابن أمه في قضايا قد يحتاج فيها إلى رأي آخر، ولكن ما لا أتفهمه أن يستشيرها مثلاً في اصطحاب زوجته إلى السينما؟ بل والأدهى أن يستشيرها في الفيلم الذي اقترحت زوجته مشاهدته معها؟، لا أبالغ، بل أقسم، فذلك أحد الأمور التي لم تتمكن تلك الزوجة الشابة من تحملها فطلبت الانفصال الذي لا رجعة فيه، والخافي أدهى وأمر!.
المرأة، أي امرأة لا تفضل الرجل الخنوع، ضعيف الشخصية، هي لم تقترن بأمه بل اقترنت بشخص كانت تأمل أن يكون السند الذي تتكئ عليه عندما تحتاجه، أن تستشيره إن ما حارت في أمرها، لا أن تستشير ولية أمره والدته!.
ياسمينة: بناء الشخصية المستقلة، ليست بالمهمة السهلة، ولا يمكن أن يتربى عليها المرء بين ليلة وضحاها، فهي عملية تراكمية تبدأ منذ السنة الأولى من حياة الطفل، والحب المبالغ فيه والدلال الزائد، معول يهدم حياة أبنائكم هدمًا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *