مقالات الزملاء

شركات العلاقات العامة .. والصحافة

يبدو ان الصحافة ايام زمان كان لها بريق خاص ودستور لا تحيد عنه في تعريف (الخبر والمقال والتحقيق الصحفي والتقرير) وانه كانت تتسابق فيما بينها لتقديم كل ما يهم القارئ وينمي وعيه الثقافي ويحيطه بالخبر وما يتضمنه من معلومة.
وكنا في هذا الزمن الجميل للصحافة الورقية نفرق بين (الخبر والاعلان) ومحظور علينا نحن الصحفيين ان ننشر اعلانات في الجريدة وكانت مهمتنا الاساسية البحث عن الخبر والتحقيق الصحفي الذي يهم اكبر عدد من القراء بل كنا نتسابق نحن الصحفيين في الحصول على اخبار سياسية للصفحة الاولى او اخبار جماهيرية تصلح للصفحة الاخيرة لنشرها.
وكان يساعدنا في اتمام مهمتنا فريق عمل من الاخوة العاملين في مجال (جلب الاعلان) الذين يحاولون تزويد الجريدة بأكبر قدر من الاعلانات لانها تشكل مصدر دخل حقيقي لموارد الجريدة المالية لسداد ما عليها من التزامات.
ولكن خلال العشر سنوات الاخيرة وفد الينا وافد جديد اطلق عليه (شركات العلاقات العامة دخل الى كل الدول العربية بما فيها المملكة) بالطبع او ما يطلق عليه ختصاراً الـ(B.R).
هذه الشركات العاملة في مجال العلاقات العامة تقوم بالاتصال بالشركات الكبرى والمؤسسات الوطنية الحكومية والاهلية والمصانع والبنوك وتقنعها انها قادرة على (تجميل صورتها في الصحافة المحلية) وتتفق معها على مقابل مادي مقابل هذا العمل ومن هنا تبدأ مهمة (شركات العلاقات العامة) في محاولة جذب اكبر عدد من الزملاء الصحفيين اليها والحرص على توفير بعض الخدمات لهذا بدءاً من دعوات الغذاء والعشاء وانتهاء بتنظيم رحلات الى الدول الخارجية للاطلاع على بعض انتاج المصانع الكبرى من السيارات او قطع الغيار او الاجهزة الالكترونية وهي بهذا تحاول بشتى الطرق النفاد الى (الصحافة المحلية) لنشر اخبار ترويجية عن هذه المؤسسات او الشركات او البنوك لتجميل الصورة لدى القارئ.. وهي بالقطع تنجح في هذه المهمة التي يقوم بها بعض المتخصصين في (فن العلاقات العامة) وفي الاونة الاخيرة ادخلت مع الشباب مجموعات من الشابات لتنظيم المؤتمرات واللقاءات.. وهي بذلك تخرج الصحفي عن دوره الحقيقي في نشر الخبر والمعلومة الى نوع من الترويج الاعلاني لمنتج ما تحت ظروف وضغوط قد يقبلها البعض ويرفضها الآخرون.. نقابة الصحفيين في مصر اتخذت قراراً في هذا المجال واكدت ان الصحفي الذي يعمل في الاعلانات يتم شطبه (من عضوية نقابة الصحفيين) وبذلك امتنع الصحفيون عن ممارسة العمل الاعلاني لابد له بعض المتخصصين الذين يقومون به).
اما شركات العلاقات العامة في المملكة فهي مستمرة في محاولات متتالية لاختراق (العمل الصحفي) لدرجة اننا قد نقرأ في بعض صحفنا المحلية اخبارا ممزوجة بشبه الاعلان وبالتالي نشر مثل هذه الاخبار يفوت على الجريدة التي نشرتها فرصة (الاعلان الحقيقي) المدفوع القيمة والذي يشكل دخلا مهما للالتزامات المقررة على الجريدة من رواتب واجور ان المطلوب من وزارة الثقافة والاعلام وعلى رأسها الآن صحفي قديم متمرس ان تحدد بدقة وظيفة (شركات العلاقات العامة) التي تستهدف صحف المملكة من شركات تعمل في المملكة او دبي او البحرين وكلها تهدف الى نشر (الخبر الترويجي) بطريقة او باخرى عبر صحفنا المحلية.. استطيع القول ان احدى صحفنا المحلية الناجحة نجحت في وضع آلية للتعامل مع هذه الاخبار وليت باقي الصحف المحلية في بلادنا العزيزة تحذو حذوها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *