الرياض – واس ..
أعلن معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف عن قيام الوزارة أمس بتحويل المبالغ المالية الخاصة بالأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود إلى الجهات المستفيدة .
جاء ذلك خلال كلمة معاليه أمس في افتتاح الملتقى الاقتصادي السعودي الذي تنظمه وزارة المالية بالتعاون مع مجموعة الاقتصاد والأعمال على مدى يومين وذلك في فندق الفور سيزون بالرياض .
وقال معالي الدكتور إبراهيم العساف: إن وزارة المالية أضافت المبالغ التي صدرت بها الأوامر الملكية لميزانيات الجهات المعنية ومنها صندوق التنمية العقاري والبنك السعودي للتسليف والادخار ووزارة الشؤون الاجتماعية والرئاسة العامة لرعاية الشباب ولوزارة الثقافة والإعلام، وهناك اهتمام كبير ومتابعة من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني – حفظهم الله – للتأكد من تنفيذ بقية الأوامر بالسرعة اللازمة.
ونوه معاليه بالأوامر الملكية التي صدرت لدى عودة خادم الحرمين الشريفين سالما معافى إلى أرض الوطن ووصفها أنها تجسيد لاهتمامه الدائم -حفظه الله- بالمجالات التي تمس الفئات الأكثر حاجة في المجتمع من إسكان وإقراض ميسر.
وتطرق إلى إدخال – لأول مرة – إعانة مؤقتة للمواطنين العاطلين عن العمل بمثابة خطوة أولى لوضع تنظيم متكامل ليكون حلقة مهمة من شبكة الضمان الاجتماعي بمفهومه الشامل.
وأكد معالي وزير المالية البدء التنفيذ الفعلي اليوم لهذه الأوامر الملكية وقال: سمعتم بشائر هذا التنفيذ في إعلان صندوق التنمية العقاري بإصداره قائمة لعشرين ألف قرض تمويل بناء 24 ألف وحدة سكنية ،مبشرا جميع المواطنين بكل ما يسر في قروض البنك السعودي للتسليف والادخار.
وعبر معاليه عن ثقته بأن الإنفاق المرتبط بهذه القرارات الايجابية سيكون له أثر إيجابي على النشاط الاقتصادي المحلي ومن ثم نموه هذا العام والأعوام التالية ، موضحا أن ما يبعث على التفاؤل هو تصميم الحكومة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – على تنفيذ برامج الإصلاح والتنمية ودعم القطاع الخاص لتعزيز دوره كشريك إستراتيجي في التنمية خاصة وأن ما أعلنته المملكة في خطتها التنموية الخمسية التاسعة من برنامج استثماري ضخم يبلغ حوالي 1444 مليار ريال حتى عام 2014م.
وقال معالي الدكتور العساف : في الوقت الذي نفخر بما تحقق من إنجازات اقتصادية ملموسة مثل مواصلة نمو الناتج المحلي وانخفاض نسبة الدين العام إلى الناتج الإجمالي والتصنيف العالمي الممتاز لبيئة الأعمال ومناخ الاستثمار في المملكة الذي عكسته العديد من المؤشرات العالمية إلا أن الطموحات كبيرة وما تحقق من إنجازات يدفع للمزيد وسبب لتفاؤل أكبر في المستقبل.
وأبرز معاليه ما حققته المملكة من إنجازات على المستوى الاقتصادي حيث تبوأت مرتبة متقدمة جدا في التصنيف العالمي من حيث سهولة ممارسة أنشطة الأعمال ، كما أن النظام الضريبي في المملكة يصنف في المرتبة السابعة عالميا في حفز الاستثمار ، مؤكدا أنه رغم الأزمة الاقتصادية العالمية إلا أن الاقتصاد السعودي تمكن من عبور مرحلة الأزمة بآثار قليلة بفضل السياسات الاقتصادية التي تبنتها المملكة وللإنفاق المحرك للنمو والمحفز للتنمية من خلال التركيز على البنيتين المادية والاجتماعية مع اهتمام خاص بالمشاريع التي تمس القطاع العريض من المواطنين.
ولفت الدكتور إبراهيم العساف النظر إلى صدور دراسة حديثة عن صندوق النقد الدولي عن فعالية السياسات المالية العامة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي خلصت إلى أن زيادة الإنفاق المالي في المملكة بنسبة 15% تؤدي إلى زيادة في معدل نمو الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 2% على المدى القصير وبنسبة 5% على المدى الطويل إذا استمر الإنفاق على نفس المستوى.
وبين معاليه إنه عندما تكون معظم الزيادة في الإنفاق فهو إنفاق استثماري كما هو الحال في المملكة ولذلك يكون تأثيره ايجابي على النمو بشكل أكبر ، مبينا أن الدراسة اتفقت مع سياسة المملكة الاقتصادية المتمثلة في دعم النشاط الاقتصادي في القطاع غير النفطي التي تبنتها بعد الأزمة المالية الأخيرة.
وطمأن معالي وزير المالية الجميع على وضع الاقتصاد في المملكة خاصة في الوقت إلي تشهد فيه المنطقة العربية أحداث تلقي بظلالها على نظرة المستثمرين وتوقعاتهم ، مؤكدا \"انه لم يلحظ أي تحركات مالية غير طبيعية وأن المملكة مستمرة في برنامجها الاستثماري الضخم ومن ذلك إقرار إنفاق استثماري في ميزانية هذا العام 2011م بلغ 256 مليار ريال ،وتوقع أن يتجاوز الرقم الفعلي ما قدر في الميزانية نتيجة القرارات التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – بمناسبة عودته سالما إلى أرض الوطن\".
وتطرق إلى أهمية الملتقى الاقتصادي السعودي والجلسات والنقاشات التي سيتضمنها على مدى يومين ، معبرا عن أمله في أن يصل الملتقى في ختامه إلى توصيات مهمة.
من جانبه استعرض معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر في كلمته خلال افتتاح الملتقى الاقتصادي السعودي اليوم بالرياض نتائج السياسة النقدية للمملكة ، مؤكدا أنها حققت نجاحاً واضحاً فيما يتعلق باستقرار الأسعار المحلية واستقرار سعر صرف الريال ونمو القطاع المصرفي والمالي.
وقال : إن متوسط معدل النمو السنوي للرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة في العقود الثلاثة الماضية بلغ 1.1 % فيما حافظ سعر صرف الريال على استقرار يندر حدوثه منذ النصف الثاني من عام 1986م حتى وقتنا الحاضر عند 3.75 ريالاً للدولار ، مشيرا إلى نمو القطاع المصرفي بشكل واضح حيث نما إجمالي موجودات المصارف التجارية من نحو 150 مليار ريال في منتصف الثمانينيات الميلادية إلى أكثر من 1415 مليار ريال في نهاية عام 2010م وبذلك فان السياسة النقدية للمملكة ساهمت بشكل ايجابي واضح في استقرار النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية ونمو القطاع المصرفي والمالي وتخفيف الآثار السلبية لتقلبات الدورات الاقتصادية والأزمات المالية الدولية.
وأضاف : إن معدلات التضخم السنوية شهدت ارتفاعات إلى مستويات عالية نسبياً بلغت ذروتها في شهر يوليو من عام 2008م لتصل إلى 11.1 % ثم تراجعت إلى نحو 3.5 %في شهر أكتوبر من عام 2009م لتعاود الارتفاع في نهاية عام 2010م لتبلغ 5.3 % ، مبينا أنها كانت \" ظاهرة غير مألوفة حديثاً لمجتمعنا المحلي الذي شهد عقوداً من الاستقرار لم يتجاوز فيه نمو التضخم نسبة 1 %منذ نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي ونتيجة لذلك كثر الحديث مؤخراً عن قدرة السياسة النقدية للمملكة على كبح جماح الأسعار\".
وأكد محافظ مؤسسة النقد أن التضخم غالباً ما يكون من متلازمات النمو الاقتصادي القوي وعند زيادة مستويات الإنفاق العام وتوجه القطاع الخاص نحو استغلال الطاقات المتوفرة في الاقتصاد فإن ذلك يؤدي إلى زيادة الطلب إلى مستويات قد تفوق في بعض القطاعات الطاقة الإنتاجية المحلية لها ، مشيرا إلى أن النمو الاقتصادي المحلي الكبير صاحبه موجة نمو وتضخم عالمية خاصة في السلع الأولية ومنها المواد الغذائية.
وزاد الدكتور محمد الجاسر يقول: إن من أبرز مؤشرات النمو الاقتصادي المحلي ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في خمس السنوات الماضية بنسبة 39 %ونمو القطاع الخاص بنسبة 38.7 %، والقطاع الحكومي بنسبة 49.8 % فيما بلغ المنصرف الفعلي في الميزانية العامة للدولة خلال النصف الثاني من العقد الماضي نحو 2603 مليار ريال مقارنة بنحو 2000م مليار ريال لكامل العقدين السابقين ليبلغ معدل نمو عرض النقود بتعريفه الشامل (ن3) في النصف الأخير من العقد الماضي نحو 95 % مقارنة بنحو 76 % للنصف الأول منه في حين أنه سجل لكامل العقد نمواً نسبته 238 % مقارنة مع نمو نسبته 69% للعقد السابق. وتحدث معاليه عن كيفية مواجهة مؤسسة النقد للضغوط التضخمية على الأسعار واتخاذها التدابير اللازمة بإتباع سياسة نقدية انكماشية للحد من فائض السيولة خاصة في عام 2007 والنصف الأول من عام 2008م للمحافظة على استقرار الأسعار المحلية وتعزيز الاستقرار المالي مشددا على أن تلك التدابير \"آتت ثمارها وبدأت الضغوط التضخمية في الانحسار في نهاية عام 2008م إلا أن الأزمة المالية العالمية وظهور احتمال تداعياتها على الاقتصاد الوطني تطلب اتخاذ تدابير استثنائية معاكسة وتوسعية في السياسة النقدية بهدف تعزيز الثقة بالقطاع المالي وتوفير السيولة اللازمة لتلبية احتياجات الاقتصاد من التمويل\". وأفاد الدكتور الجاسر أن من تلك الإجراءات التي اتخذت خفض نسب الاحتياطي النظام، وخفض معدل اتفاقيات إعادة الشراء، وإنشاء ودائع مع المصارف التجارية بالريال والدولار والتي نجحت في التخفيف من تأثر الاقتصاد الوطني بتداعيات الأزمة المالية العالمية . وأوضح محافظ مؤسسة النقد أنه حينما لاحظت المؤسسة وجود سيولة عالية اتخذت الإجراءات المناسبة لإعادة التوازن بما يتلاءم مع الأوضاع النقدية المحلية ويعزز الاستقرار المالي ونتيجة لذلك بلغ معدل نمو عرض النقود بتعريفه الواسع (ن3) نحو 5.0 %في عام 2010م مقارنة بنمو نسبته 10.7 % في عام 2009م أي أنه زاد بمعدل أقل من نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للقطاع غير النفطي البالغ 9.1 % في عام 2010م متوقعا أن ينعكس ذلك في التخفيف من حدة الزيادة في الرقم القياسي العام للأسعار على الرغم من أن جزءاً منها بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية الذي يُعد ظاهرة عالمية حيث تشير البيانات الصادرة عن صندوق النقد الدولي ارتفاع أسعار الغذاء العالمية في شهر يناير 2011م بنسبة 32.1 % مقارنة بالشهر المقابل من العام السابق. وحول السياسات المصرفية في المملكة تحدث الدكتور الجاسر عن الجهود التي قامت بها مؤسسة النقد بالتعاون مع المصارف المحلية على بناء قطاع مصرفي متين وحديث قادر على تلبية الاحتياجات المحلية من التمويل وتقديم الخدمات المصرفية والمالية الحديثة وفقاً لأحدث وسائل التقنية المتطورة وحرص المؤسسة على ضرورة أن يتوفر لاقتصادنا وحدات مصرفية عملاقة ذات ملاءة مالية وإدارة مهنية وفنية عالية قادرة على تقديم أفضل الخدمات المصرفية الشاملة لمختلف مناطق المملكة، وقادرة على المنافسة على المستويين الإقليمي والدولي ، مشيرا إلى أن المؤسسة حرصت كذلك على أن تؤدي المصارف أعمالها على أساس مبادئ العمل المصرفي السليم وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير الدولية والتركيز على تعزيز الهياكل المالية للمصارف، وتطوير أنظمتها الداخلية الإدارية والمحاسبية والرقابية وتكثيف الاستثمار في استخدام أحدث ما توصلت إليه مبتكرات التقنية والاتصالات الحديثة.
وأكد محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي في كلمته بالملتقى أن تطبيق المملكة العربية السعودية للممارسات الحصيفة كان لها أثر واضح في مجال الاستقرار ومن بينها الاهتمام باحتياطيات رأس المال والمخصصات الاحتياطية للقروض لمواجهة التقلبات الدورية حيث حثت المؤسسة المصارف السعودية على الاستفادة من الاقتصاد المتنامي للحصول على رأسمال جديد وتوطين احتياطياتها محلياً على شكل رأسمال ليرتفع رأسمال النظام المصرفي لعدة أضعاف مما ساعد على مواجهة تداعيات الأحداث المحلية والإقليمية الأخيرة.
وأشار الدكتور محمد الجاسر إلى توجيه المؤسسة المصارف السعودية بالعمل على تعزيز مخصصات احتياطيات القروض لمواجهة التقلبات الدورية من خلال رفع نسبة احتياطياتها المخصصة للقروض المتعثرة ، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي سجل أداءً مميزاً خلال الأزمة المالية العالمية وخرج منها بأقل التكاليف الممكنة بشهادة العديد من المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الدولية المعروفة الأمر الذي انعكس على حصول البنوك السعودية على تقييمات مالية مرتفعة.
وأفاد أن معدل كفاية رأس المال \"معيار لجنة بازل\" بلغ في نهاية عام 2010م بلغ نحو 17 % فيما بلغ معدل السيولة حوالي 35.7 % وبذلك تكون المصارف المحلية مهيأة لتطبيق معايير ومتطلبات بازل 3 وتجاوزت تلك المتطلبات.
وحول تطور نشاط سوق التأمين في المملكة الذي يُعد من أكبر أسواق منطقة الشرق الأوسط لفت معالي محافظ مؤسسة النقد إلى أن القطاع شهد نمواً وتطوراً كبيراً بعد صدور نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني في عام 2003م لافتا النظر إلى أن التأمين في المملكة يغطي عدة أنواع من المخاطر أهمها التأمين على السيارات والتأمين الطبي والتأمين ضد الحريق والتأمين البحري والتأمين الهندسي وتأمين الطيران وغيرها.
وأكد معالي الدكتور محمد الجاسر حرص مؤسسة النقد على تنظيم قطاع التأمين وفق أفضل المعايير والممارسات المهنية وتطبيقها سواءً الصادرة من الجهات الدولية ذات العلاقة أو الصادرة من المؤسسة وقيامها بشكلٍ دائمٍ بالتأكد من التزام جميع الشركات العاملة في قطاع التأمين بتطبيق هذه الممارسات والعمل وفق أنظمةٍ واضحةٍ آخذةً في الاعتبار التطلعات المستقبلية الايجابية للقطاع.
وتوقع المحافظ أن يصل إجمالي أقساط التأمين المكتتبة في نهاية عام 2010م حوالي 16.41 مليار ريال، أي بارتفاع نسبته 12.4 %عن العام السابق فيما بلغ عدد شركات التأمين المرخص لها حتى نهاية عام 2010م حوالي 30 شركة وشركات المهن الحرة المتعلقة بالتأمين وإعادة التأمين حوالي 100 شركة فيما من المتوقع أن يواصل القطاع نموه القوي في السنوات القادمة. وكان الملتقى قد افتتح بكلمة لنائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال فيصل أبوزكي عبر فيها عن سروره بافتتاح الملتقى بعد مبادرة خادم الحرمين الشريفين التنموية الأخيرة والتي تضاعف من الوقع التَوسّعي لخطة التنمية الخمسية ولبرنامج الإنفاق الذي تَضمّنته الموازنة في العام الجاري ،مبينا أن هذه السلسلة المتكاملة من خطَط الإنفاقِ التنموي تعكس الرؤية بعيدةَ المدى للحكومة السعودية التي وضعت في أَولَوياتها توسيع وتحديث البنية التحتية الأساسية والاجتماعية وتطوير القطاعات الإنتاجية وخلق فرص العمل الكافية لاستيعاب شباب المملكة، وتوفير متطلبات الحياة الآمنة والعصرية، وجعلِ الاقتصاد السعودي على مصاف الاقتصادات العالمية\".
وتم بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية تكريم الجهات الراعية للملتقى فيما كرمت اللجنة المنظمة كلا من معالي وزير المالية ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي.
وعقب ذلك بدأت جلسات عمل الملتقى بحضور قيادات الأعمال في المملكة وكبرى البنوك والشركات والمؤسسات الاستثمارية الأجنبية وقادة مؤسسات القطاع العام والخاص.