جدة – البلاد
في ختام المذكرات التي صدرت في أحد عشر حلقة نشرتها “البلاد” ومن ثم على ضفاف المذكرات ثلاث حلقات تحدث فيها الشيخ عن مشوار حياته العملية وقد كانت محل اعجاب الكثيرين:اليوم الشيخ عبدالرحمن يتحدث عن بعض الاصدقاء حيث قال :
وهؤلاء الأصدقاء الذين تعرفت عليهم منذ أكثر من خمسين عاماً ولكن تمضي دورة الزمن وتمر الأيام عاماً بعد عام ، وقد رزقني الله ( ولله الحمد ) عمراً مديداً يتجاوز التسعين عاماً وفي خلال هذه الفترة تعرفت بأصدقاء آخرين بعد الفترة المذكورة سابقاً ربما كان بعضهم أصدق مودة وأوثق اتصالاً ومنهم :
محمد عمر العامودي ( أبو علاء ).
أخي المحامي المستشار محمد عمر العامودي تعرفت عليه عن طريق أخي صالح فقيه ( رحمه الله ) فهو أديب وكاتب رائع الأسلوب لا أدري كيف يستنبط في كل أسبوع كلمة رائعة يتحف بها قراءه في كثير من القضايا الإجتماعية والسياسية منذ أكثر من خمسة وأربعين عاماً ولم يساءل قط عن ما كتبه من أية جهة رسمية بينما الغير يساءلون ، وذلك يرجع إلى الدماثة في كتاباته وفي أسلوبه الرائع الذي ينهل من كل شيء ولا يؤخذ عليه شيء ذو شخصية جذابة وموهوبة ، محله عامر بأصدقائه ليس لمنصب يتصدره أو مال زائد ينفقه ولكن كل ما يجلب إليه أصدقاءه هو شخصيته ، محامٍ بارع يميل كثيراً إلى الصلح بين الأطراف المتخاصمة وهو بارعٌ في هذا المجال ، يستأنس كل الأطراف بحلوله سواءً لهم أو عليهم عالي الثقافة لا يتكلم كثيراً ولكن حَسُن الإستماع إلى من حوله كما يلقي بتعليقاته وكأن فيها كل الحلول لما يقولون .
لا يقبل أية قضية يكون فيها اعتداء على الطرف الآخر مشهورٌ بنظافة اليد واللسان ولذلك يختاره الكثيرون في لجان التحكيم ، وله مواقف نبيلة معي في ترشيحي لعضوية مجلس إدارة بعض المرافق في الدولة وما جلبه ذلك لي من منافع مشروعة ، ثم دفاعه المخلص عندما تعرضت هذه المنافع لمواقف سلبية ، فهو صديق صدوق بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، محاسنه لا تحصى ولكن عيبه الوحيد الذي أتخيله هو أنه عصبي المزاج ولكن المحاسن المذكورة ترجح بآلاف المرات من العيب الذي تخيلته وربما كان خيالاً وغير حقيقة .
أحمد الحمدان ( أبو خالد )
كان ممثلاً مالياً ، وكان معروفاً بالنزاهة و النظافة ، ولا زال على ذلك ، زرته في داره وكان داراً متواضعاً من حيث المبنى والأثاث ولا تستطيع أن تتصوره دار ممثل مالي على أموال الدولة التي تقدر بآلاف المليارات ، ومن هذا المنطلق إحترمته كثيراً ونظرت إليه بكل إحترام وتقدير ، وهو خفيف الظل حاضر النكتة لا تعرف جده من هزله ، ساعي في أعمال الخير والبر ، يمثل لجان البر كثيراً في شتى المجالات مقرب كثيراً من أولياء الأمور يقضى حاجات الناس دون أن يطالبهم بأي ثمن مادي أو معنوي رغم ما يصرح به من مطالبه عن طريق المزاح ، محبوب من الجميع ، أنيسٌ في مجلسه ، بخيلٌ في زيارته لأصدقائه لا تحظى بزيارته إلاّ لماماً .
عبد الغني صباغ ( أبو محمود )
صديق محب لأصدقائه ، خدوم في قضاء حوائجهم ينتهز أية فرصة لخدمتهم كريمٌ في الإلحاح عليهم بأية خدمة ترضيهم .
الشيخ عبد الله بن سعيد ( أبو منصور )
رجلٌ وقور يكبرني سناً بما لا يقل عن عشرين عاماً له صلات جيدة بأولياء الأمور وطالما خدم الفقراء والمساكين من حيث لا يعرفون وكلما مر بمنطقة يسكن فيها هؤلاء المعدمون وكان بجانب ولي الأمر فإنه يشير إليهم بأن هذه المنطقة الشاسعة يسكنها فقراء معدمون لا يملكون سوى الصندقة أو العُشة التي يسكنونها وهم مهددون بمشاريع حكومية تقضي بإزالة ما عليها من أنقاض ، فيقول له وأين يذهب هؤلاء المعدمين إنهم في ذمتك يا طويل العمر ، فيأمر لهم بمنح كل على قدر مسكنه وبذلك يخدم آلاف الفقراء دون أن يعلموا من السبب في الإحسان إليهم وهو منصي كل من تحل عليه مشكلة لا يستطيع إيصالها إلى الحاكم بالأسلوب والوجاهة التي يملكها الشيخ عبد الله بن سعيد ، سعى معي في مشروع شركة مكة للإنشاء والتعمير بكل جهد ومثابرة وكان يقف موقف المحبة لكل من حب المشروع وموقف الخصومة لكل من وقف خصماً للمشروع ، ليست صداقتي معه صداقة مصلحة ولكن كان حبيباً لكل أصدقائه يدعوهم في دعواته الكثيرة ، ويستجيب لدعواتهم بكل محبة وإخلاص وتواضع واستئناس فهو شخصية لا تنسى ( رحمه الله ) وأكرمه بما يستحق من أعماله خيرة .
الفريق هاشم عبد الرحمن ( أبو طلال )
يعمر المجالس بأحاديثه الطيبة في الشأن العام ، ومن منطلق تقلده في وظائف عامة يتحدث عما كان وما ينبغي أن يكون في أدب جم ، دون تجريح أو تصغير لما يقوم به المسئولون في الوقت الحاضر ، سريع التنقل في رحلات مفاجئة بين المدن داخل السعودية وخارجها ولكنه لا يحكي بكثير أو قليل عن انطباعاته لهذه الرحلات ، عالي الثقافة لا يجارى في ذلك بين أقرانه ، مع إعجابه الشديد برئيس من رؤسائه الذي يحمل له كل إكبار وتقدير ويحث الغير على مشاركته في هذا الإعجاب بحيث حملني ذلك على الاتصال بهذا الرئيس ودعوته في بيتي فتقبل مشكوراً بقبول دعوتي وكانت شخصية جذابة لا تريد أن يسكت إذا تحدث وتتمنى أن تطول جلسته ومناقشاته للأمور بما تحمل من معاني مبدعة ومتفوقة عرفته من هذا الجانب ووجدت أن الفريق هاشم كان محقاً فيما يقول .