نواجه في الحياة الكثير من المصادفات التي تغير مجرى حياتنا، وتمر علينا مواقف صعبة نعتقد أننا لن نستطيع أن نتجاوزها أبدا، وندخل في تجارب تعلمنا أسرار الدنيا.. وخفايا النفوس، ومهما تقدم فينا العمر إلا أن المواقف والتجارب لا تنتهي.. بل تتعقد خاصة مع تعقد الدنيا.. ومع تغير النفوس البشرية للأسوأ، وحتى لا أكون متشائمة فأنا لا أنكر أن الدنيا ما زال فيها خير وهناك نفوس طيبة، ولكن ما نراه في واقعنا يجبرنا على التفكير السلبي أحياناً.
وفي ظل عواصف الدنيا نفقد الكثير من الوجوه الطيبة.. والتي كانت تملأ علينا حياتنا.. وتخفف عنا ضغوطاتنا اليومية.. ولأن الكرة الأرضية تدور فأعتقد أن البشر حولنا يدورون أيضا.. وتتغير أماكنهم.. وكأننا في لوحة شطرنج تغيرنا ظروف الحياة حسب أهواها، ومن كان قريبا منا فجأة يصبح في خبر كان.. وتختفي كل الأخبار رغم تطور وسائل الاتصال التكنولوجية.. ورغم أن الأرض نفسها تضمنا.. وقد لا تبعدنا إلا بضعة كيلو مترات عنهم إلا أن أخبارهم مقطوعة.. وتواصلهم معدوم.. فنتساءل كم هي غريبة ظروف الحياة.. التي تبعدنا عن أهلنا.. وأصدقائنا.. ومعارفنا.. بعد أن كنا نتشارك الظروف.. ونتقاسم الفرح والحزن.. ونرسم مستقبلنا المشرق معا، فنعيش في غربة بعدهم.. نظل نبحث في وجوه الناس..عن الحب.. عن العطاء..عن الثقة..عن الإخلاص.. والأهم الأمان..الذي سُرق منا.. وتدخل حياتنا وجوه جديدة.. نبدأ مراحل استكشافها من جديد.. وقد نجد الأمان.. ولكن غالبا لا نجد من يعوضنا وجوههم العالقة في ذاكرتنا.. والمحفورة في قلوبنا.. فيكثر الصخب في حياتنا.. وتزداد التجارب..ويتكرر الفراق !
إلا أن بارق أمل يصادفنا.. فتدب الحياة في زهورنا اليابسة.. ونشعر بتغريدة العصافير.. ونجد الميناء الذي طالما انتظرناه.. ونبدأ في رسم لوحة مشرقة.. نحاول بها التخلص من تشوهات اللوحات السابقة!
أما المفارقة الأجمل.. أن يعود بنا المركب بعد عناء إلى المرسى القديم.. فنجد أحدهم الذي غربتنا الدنيا عنه.. ورغم طول سني البعاد.. إلا أن المشاعر لم تمت.. فكل ما كانت بحاجة إليه صدفة.. لتعود المياه لمجاريها.. فنكتشف أن الأرض كانت تأخذ دورتها لتعيد إلينا تلك الأسماء التي طالما ناديناها في غربتنا.. وفي لحظات نختزل السنوات.. ونتناسى ألم الفراق.. ونغص بدموع الفرح.. ونحاول استغلال الدقائق لنعوض سنوات الحرمان!
إلا أن السؤال الأهم والذي نعجز عن إجابته، هل ستتركنا الحياة ننعم بمن نحبهم..أم أنها ستعود لتحرمنا لذة قربهم؟؟
•• نشكر الظروف التي أعادت لنا من نغليهم، وما زلنا على أمل أن تجمعنا بأشخاص ما زالوا يدورون في محور الكرة الأرضية!
••أجمل ما قد يحدث لنا أن نجد الشخص الوطن.. المرسى.. الأمان.. حينها نتشبث به كتمسك المريض بالحياة!
– كل الفراق نستطيع تحمله..لأننا نبقى على أمل اللقاء.. إلا فراق الموت..فهو الموت بعينه!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *