[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. أيمن أبو ناهية [/COLOR][/ALIGN]

في 15 (نوفمبر) من عام 1988م قبل خمسة وعشرين عاماً أعلن رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات من قصر الصنوبر في الجزائر وثيقة استقلال وقيام دولة فلسطين، بعد أن تراجعت منظمة التحرير عن كل مبادئها الوطنية السامية في الكفاح المسلح، واتباع الطرق السلمية خيارًا وحيدًا للتحرير، إذ أقر المجلس الوطني الفلسطيني في عام 1974م برنامج النقاط العشر التي صاغها قيادات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي دعت فيها إلى إنشاء سلطة وطنية على أي قطعة محررة من أرض فلسطين، والعمل الفاعل لإنشاء دولة علمانية ديمقراطية ثنائية القومية.
واليوم نسمع عن تقديم فريق المفاوضات الفلسطيني الاستقالة، بعد أن عرف أنه لا يستطيع إحراز تقدم في أي من القضايا الجزئية والكلية على حد سواء، لماذا؟؛ لأن ما بني على باطل هو باطل، فلا جدوى من مفاوضات لا يوجد لها أساسات وقواعد ترتكز عليها، حين قدمت القضايا الجزئية والثانوية على القضايا الرئيسة، وهي تمثل جوهر الصراع.
الآن يعترف صائب عريقات بفشل المفاوضات ويقدم استقالته، ولو كانت لدى حكومة نتنياهو الرغبة الحقيقية في تحقيق السلام؛ فإن هذه الرغبة كان من المفروض أن تتجسد خلال المفاوضات السابقة، غير أن كل الشواهد الآن تدل على أن العكس من ذلك هو الذي حدث، ووصل الأمر إلى حد استقالة المفاوضين الفلسطينيين في المحادثات؛ لأن اليأس من حدوث أي تقدم قد وصل بهم إلى مداه ومنتهاه.
فقد أصبحت مواقف سلطات الاحتلال واضحة للعيان من المفاوضات السلمية من مخططات استيطانية غير مسبوقة في حجمها، وتسامح مع اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومزروعاتهم، كاشفة تناقضًا حقيقيًّا بين رفضها قرارات الشرعية الدولية عمليًّا من ناحية، ورغبتها في التظاهر شكليًّا بأنها مع عملية التسوية ومع المفاوضات، ولكن على نحو صوري يرتكز على التصريحات والبيانات الفارغة من المضمون والجوهر، من الناحية الأخرى، فأفعالهم والحقائق التي يخلقونها على أرض الواقع كلها تنبع من سياسة محددة هدفها تكريس الاحتلال وتوسيع الاستيطان، ما يؤدي إلى تهويد الأراضي المحتلة، وتفريغها من أهلها الفلسطينيين بشكل تدريجي وممنهج.إعلان الدولة المستقلة يذكرنا بالمثل القائل: \”سمعنا جرشًا ولم نرَ طحينًا\”، والمفاوضات السلمية ليس لها هدف ولا غاية، فالغاية تبرر الوسيلة عندما يكون هناك هدف واضح ومحقق أو نصر مؤزر، أما الهدف منها فكان نابعًا من صميم الضعف وصولًا إلى الاعتراف بالكيان العبري دون الاعتراف بحقنا في قيام الدولة الفلسطينية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *