متى تقود المرأة سيارتها في السعودية

• عبدالرحمن آل فرحان

[COLOR=blue] عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR]

عدم الترخيص للمرأة السعودية بقيادة السيارة ليس إجراء تمييزي ضد المرأة كما تصوره بعض وسائل الإعلام الأجنبية، إنما إجراء تنظيمي يهدف إلي غاية أمنية بحتة المعني بها في المقام الأول هي المرأة ذاتها ، والسعودية مثلها مثل بقية البلدان في العالم .. تضع أنظمتها وفق ما تمليه ثقافة المجتمع ومعتقداته ، ما يجعل بعض تلك التنظيمات تبدو في منظار البعيدين عن واقع السعودية وكأنها أنظمة باعثة على الغرابة ، ولو تعمقنا في قراءة كثير من الدول لوجدنا في قوانينهم ما يثير استغرابنا ودهشتنا ، فسنغافورة على سبيل المثال .. لا تسمح ببيع أو شراء أو مضغ علكة صغيرة مهما كانت المبررات .. وفي انجلترا .. لا يسمح بنشر الملابس المغسولة تحت الشمس سواء في ( البلكونة ) أو حتى في السطوح ، وفي سويسرا يمنع منعاً باتاً سحب السيفون بعد العاشرة مساءً ، وبعض البلدان لا تسمح بالسير في الشوارع ولو لبضع خطوات خلال اليوم المقدس لديهم ، إلي غيرها من الإجراءات والتنظيمات التي تبدوا لنا في ظاهرها الغرابة غير أنه من المؤكد أنها بالنسبة لهم محققة لشيء أمني مستهدف لا ندركه كما تدركه مجتمعاتهم ، وهنا لا اعتبار مطلقاً لعبارات التهكم والاستغراب التي تطلق هنا أو هناك طالما الحيثيات التي أفضت لاعتماد تلك القوانين غائبة وغير مدركة حتى وإن بدت مقيدة لبعض الحريات أو معطلة للاستفادة من بعض الخدمات .. كخدمة القيادة الذاتية للسيارة بالنسبة للمرأة السعودية.
فإن اتفقنا على أن هذا المنع الرسمي لقيادة المرأة للسيارة في السعودية ليس من باب التمييز ضد المرأة فإن علينا أن نتفق أيضاً على أن المطالبة بإنهاء هذا المنع ليس كله من باب استهداف أمن واستقرار المجتمع ، إنما من أجل تخفيف العبء على شريحة عريضة من النساء أصبحن يجدن صعوبة بالغة في التأقلم مع استنزاف السائقين وسيارات الأجرة لمدخراتهم المالية عند الذهاب لأعمالهن وحين العودة ، الأمر الذي يقود البعض للتعاطف مع مطالب السماح بقيادة النساء لسيارتهن ، غير أن هذا التعاطف يجب ألا يتقاطع مع ما كنا قد اتفقنا عليه أعلاه .. وهو حق الدولة في اتخاذ كافة التدابير اللازمة لسد منافذ القلق والريبة المتوقع حدوثها فيما لو تم ذلك.
هذان الموقفان المتجابهان بينهما فجوة .. والمنطق ودواعي التطوير والتحديث في مجتمعنا لم تعد تقبل أن يبقى الوضع على ما هو عليه .. رفض وكفى .. بل باتت تلح علينا بالسعي قدماً للتقريب بين الموقفين ، فكما أن للمرأة حاجة أمنية يجب ألا تمس ..فإن لها كذلك حاجات شخصية وإنسانية يجب أن تحترم ، ولا سبيل إلي ذلك بغير الاستغراق الشامل من قبل كافة الجهات الرسمية وغير الرسمية للبحث عن حلول ناجعة وعاجلة لردم تلك الفجوة .. تتيح للمرأة أن تنتقل من مكان إلي مكان بحرية وأريحية تامة في الوقت الذي يحسب فيه المعتدي ألف حساب قبل التفكير – مجرد التفكير – في اعتراضها أو معاكستها ، والأمر ليس بالسريالي أو المستحيل إن صدقت النوايا وتضافرت الجهود.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *