الربيع العربي..اختلاط المفاهيم واضطراب الرؤى
[COLOR=blue]نايف عبوش[/COLOR]
في التعامل مع الوضع العربي،كان التحليل الغربي بشكل عام، والأمريكي منه على نحو خاص،ينطلق من ضرورة العمل على احداث اصلاح عربي طوعي من الداخل، أو قسري من الخارج، في البنى والمؤسسات العربية،بما يفسح المجال للحريات ، ويخرج الوطن العربي من الاستبداد الى الديمقراطية، وخاصة بعد احداث سبتمبر،بقصد ابعاد شبح التطرف والإرهاب ،وتجفيف منابعه التي اصبحت تطال عقر دارهم،. لذلك شاع في الاعلام،وفي كواليس السياسة،ومراكز القرار، الحديث عن الاصلاح التدريجي في الوطن العربي،لأنه كان البديل المقترح عن الاحتقان والثورة القادمة ،وما يترتب على تداعيات ذلك الحال من مس بالمصالح القومية للغرب،وتهديد محتمل لأمن الكيان الصهيوني.
ولا شك ان الزلزال العربي الكبير، الذي حصل في أكثر من قطر عربي في السنوات الثلاثة الأخيرة،كان ولا يزال مادة دسمة للبحث والدراسة، وبالتالي فهو يستوجب قراءة معمقة تستقصي كل عوامل التأثير،وتفاعلاتها التي ادت الى هذا الزلزال المدوي،وما استجد على اثره من تداعيات، جعلت منه أفقا مفتوحا للمراجعة المستمرة، والاستشراف الهادف. ولعل اختلاط الرؤى في تحديد مدلولات ما اصطلح عى نعته بالربيع العربي،وهل يصح ان يسمى ثورة أو انتفاضة، ام تمرد،جاءت نتيجة التحليل العربي القاصر للحدث،والتوصيف السطحي له ابتداء،بل وانسياقه وراء التحليلات الغربية المغرضة.
ان المطلوب تقويض هذا النهج في التحليل، والتركيز على منهج القراءة التاريخية للفعل الشعبي،باعتبار الجماهير ذاتا تاريخية حية، يمكن أن تصنع تاريخها،وترسم قدرها بنفسها ذاتيا،وليست رعاعا فوضويا قاصرا يحتاج الى وصاية من أحد، ليصوغ لها مستقبلها، ويحدد لها طريق الوصول اليه.
وبغض النظرعن كل التداعيات التي رافقت ربيع التغيير العربي،فانه قد جاء زلزالا معبرا عن رفض جمعي لأطروحة الغرب المتهافتة حول الاصلاح الشكلي من جهة،ورفضا للاستبداد والديكتاتورية التي يتعذر اصلاحها بوسائل الترقيع المهلهلة.
التصنيف: