أنت العيد يا «معيد»

Avatar

[COLOR=blue]لطيفة خالد[/COLOR]

\”لم يعد العيد كما كان \” و\”وين عيد أول\” هكذا نقول ونكرر كل عيد، وكأننا نحن من \”نعيد\” لم نتغير وكأننا لم نغير معنى العيد بأنفسنا، ربما نظن أنفسنا مختلفين عن أولئك الذين جعلوا العيد سباقا استهلاكيا مكرورا حد القرف، ولكننا لسنا مختلفين فحتى إن لم نشارك في السابق فقد اعتنقنا مبدأ أصحاب هذا السابق وهو أن العيد لمن يحظى بأعلى درجة في سباق المظاهرية والاستهلاكية. ثم جلسنا نندب حظنا الذي لم يسعفنا بحظٍ عظيم كحظوظ أولئك، ففقد العيد معناه وجوهره، ثم أقحمنا فيه اجترار كل مصائبنا وبلاوينا وكأنه الفرصة لنتذكرها وليس فرصة لتجاوزها.إظهار الفرح بالعيد هو أحد أهم غايات العيد بعد تعظيم شعائر الله، والتوسع في المباحات من مأكل وملبس وأنواع اللهو المباح، صورة لهذا الفرح وليس هدفا أو غاية العيد. فوجودها ثانوي بالنسبة للعيد، وامتلاكها والتمتع بها يهدف بالدرجة الأولى لإسعادنا، فإن أدت لتعاستنا فلا قيمة لها، فالجوهري هنا هو أنت يا \”معيّد\” .
وإظهار الفرح لا يعني أن نفرح بالإكراه ولكنه يعني بالمصطلح الحديث انتهاج الإيجابية في زمن الزيف والتفاؤل في المحن والتحديات الصعبة.
أديسون حين احترق معمله والذي كان ينفذ فيه تجاربه ماذا قال؛ كان بإمكانه أن يجلس يندب حظه ويقول لنفسه قمت بكل ما يتوجب عليّ ولكن القدر وقف ضدي والظروف ليست في صالحي إلى آخر تلك العبارات الفاسدة، ولن يلومه أحد لا أحد سيلوم شخصا قام بجهده وواجهته عقبات وخسائر إن اختار أن يستسلم ويحصر نفسه في صندوق واقعه المادي، بل سيترك وحده لمحنته يقرر مصيره بنفسه.
ولكن أديسون العالم الذي يؤمن بالحقائق المحسوسة والوقائع المادية، تخطى كل هذا وتجاوزه إلى ما وراء أفقه المنظور وواقعه المادي السيئ، وانطلق من عالم غير موجود في لحظته غير موجود سوى في حسه؛ قال \”إنها كارثة.. لكنها فرصة لكي أبدأ من جديد\” لقد أدرك ما حدث تماما، لم يكن مثاليا أو غارقا في الأحلام الوردية، بل كان إنسانا واقعيا إيجابيا يقوده إيمانه بالإنسان وقدرته على تجاوز واقعه ليصنع منه فرصة. \”فرصة\” وليس هناك ضمان في الفرصة أن تكون أفضل من سابقتها ولكنها فرصة لواقع مختلف عن الواقع المادي المعاش.
ولهذا شرع الله لنا العيد برغم أنه سبق في علمه ما يحدث وما سيحدث من وقائع وأحداث تثير الألم والحزن وتقضي على دافعية الإنسان للحياة فضلا عن الفرح بالحياة، ولكن المهم ليس العيد ولا ما جرى قبله أو أثناءه من محن وأحداث، مستمرة وجارية على كل إنسان ما دامت السموات والأرض، بل المهم هو أنت أيها الإنسان أن تتعرف على نفسك من جديد أن تتخطى حادثة \”احتراق معملك\” لتكتشف قدرتك على الفرح برغم الفقد، برغم الحزن، قدرتك على النهوض، قدرتك على إيجاد فرص جديدة من عمق \”الكارثة\” التي تعتقد أنك تعيشها.العيد هو أنت ومدى قدرتك على انتزاع فرصة للفرح الحقيقي في زمن كثر فيه الزيف والمحن.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *