[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بابكر عيسى [/COLOR][/ALIGN]

الأحداث في مصر تتسارع بصورة كبيرة بين الشرعية الدستورية التي يُمثلها الرئيس مرسي والشرعية الثورية التي يُعبّر عنها الشارع المصري.. وكان أن انحازت القوات المسلحة إلى مطالب الجماهير التي خرجت إلى الميادين في مختلف المحافظات مطالبة برحيل الرئيس مرسي ووضع نهاية لحكم الإخوان المسلمين.. وانتصرت الشرعية الثورية على الشرعية الدستورية وتم عزل الرئيس واختيار خلف له مؤقت وتعطيل العمل بالدستور وإجراء ترتيبات لتنظيم انتخابات رئاسية بعد 6 إلى 8 أشهر والتوافق على دستور جديد يحظى بقبول كافة أطياف الشعب المصري.
كانت ملحمة شديدة الروعة وعظيمة الإصرار بأن يتم إزاحة النظام الذي عجز عجزًا كبيرًا عن إدارة شؤون الحياة في مصر، وخلال عام تدهورت الأوضاع في كل القطاعات، وحتى القطاعات المتوسطة والفقيرة من الشعب والتي ليست محسوبة على الليبراليين أو العلمانيين انحازت إلى القوى الرافضة لاستمرار حكم مرسي، وباتت الحقيقة ناصعة وجليّة، الشعب انقسم على نفسه والأغلبية مع الدستورية الثورية، وجاء انحياز الجيش ليرجح كفة الجماهير الغاضبة والمطالبة بنظام جديد.
سيناريوهات متعدّدة يتحدث عنها البعض، لعلّ أبرزها أن ما يسمى بالتيار الاسلامي لن يسكتوا ، وسيثبتوا أنهم لن يكونوا لقمة سائغة ولا عُرضة للملاحقات ، وعليه فإن مواجهات ساخنة ستقع في أكثر من مكان وسيسقط ضحايا كثر أغلبهم من الأبرياء، كما أن حرائق عديدة سوف تشتعل.. وتلك لعبة خطيرة، أسأل الله أن يبعد مصر عن شرورها وتداعياتها، فالعنف لن يقود إلا إلى عنف مضاد، وستتسع مساحة الأرض الحارقة تحت أرجل الجميع، ولن يكون هناك رابح في تلك اللعبة المجنونة، وستكون مصر هي الخاسر.
حفظ الله مصر.. هذا هو الدعاء الذي يتردّد على كل الأفواه، وعلى أبناء مصر ألا يخيبوا أمل الأمة، وعلى جماعة الإخوان المسلمين أن تعيد قراءة كل أوراق المرحلة السابقة لتعرف أين كان الإخفاق، ولماذا فشلت تجربتهم وهذا التيار في الحكم؟ وما الذي يحتاجه التنظيم بعد أن يتخلص من العديد من الأفكار النمطيّة الكارثية التي يعتمدها التيار في كل مكان، وهي عدم القبول بالآخر وإقصاؤه وشطبه إن أمكن، والاستئثار بكل شيء واحتكار كافة المناصب القيادية، والاعتماد على أهل الثقة عوضًا عن أهل الخبرة.. يجب أن تُعاد قراءة كل الأوراق القديمة وأن ينظر إلى حقائق الواقع برؤية عصرية، وأن يعلموا أن الأوطان للجميع، وأن محاولة إقامة كانتونات أو استخدام الدين لدغدغة مشاعر العامة والغوغاء لن تقود إلا إلى كوارث محققة.نجاح التجربة الديمقراطية يحتاج إلى وعي ما زلنا نفتقر له حتى الآن،

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *