[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]مصطفى محمد كتوعة[/COLOR][/ALIGN]

إنه الفاروق عمر بن الخطاب أمير المؤمنين العادل، والزاهد في الدنيا .. أبكاه الأعرابي حتى ابتلت لحيته بدموعه الطاهرة من خشية الله فبعد أن وقف الأعرابي على عمر وقال له:\” يا عمر جُزيت الجنة ,, إكسي بُنياتي وأمهن,, وكن لنا في ذا الزمان جنه.\”.. يطلب من أمير المؤمنين أن يساعده ويكون له ولأسرته ستراً ووقاية وأن يزوده بملبس يستر بناته وأمهن.. واستحلفه بالله ان يفعل ذلك ويلبي له طلبه عندما قال للفاروق:\” اقسم بالله لتفعلنه.\”.. فسأله عمر بن الخطاب وقال للأعرابي :\” وإن لم أفعل يكون ماذا؟\”.. فرد عليه الأعرابي وقال لأمير المؤمنين :\” إذاً أبا حفص لأمضينه.. أي يا أمير المؤمنين إن لم تفعل وتلبي لي طلبي فسأذهب.\” .. فقال له الفاروق :\” فإن مضيت يكون ماذا؟\” أي لو ذهبت يا أعرابي دون أن ألبي لك طلبك ماذا بعد.. فرد الأعرابي وقال : \”والله عنهن لتسألنه .. يوم تكون الأعطيات منه\”.. أي أنك يا أمير المؤمنين سيسألك الله يوم القيامة.. يوم الحساب.. يوم العرض عليه عن رعيتك وعن سترهن.. وختم الأعرابي حواره مع الفاروق بقوله :\” موقف المسؤول بينهن.. إما إلى نار وإما إلى جنة.\” وعندها بكي الفاروق ونزلت دموعه حتى ابتلت لحيته ثم قال لغلامه :\” يا غلام إعطيه قميصي هذا.\”. فقد خشي عمر اليوم الذي سيحاسبه الله على ما فعل برعيته لأنه هو الراعي وهو المسؤول عن رعيته فاما إتقي الله في الرعية فدخل الجنة وإما لم يراع الله في رعيته فأدخله النار.. ثم ختم الفاروق كلامه وقال:\”والله لا أملك غيره\”.
هذه القصة وغيرها من القصص التي يذكرها التاريخ الإسلامي للفاروق عمر تجعلنا نأخذ منها العظة والعبرة ونتعلم منها دروساً في سماحة الإسلام وقوة الإيمان والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالعمل الصالح وأن نتقي الله في كل تصرفاتنا وسلوكياتنا وحياة الفاروق مليئة بالقصص والروايات التي لو أدركناها جيداً واستوعبنا دروسها وأخذنا منها العبر لعاش الناس في أمن وأمان وعدالة واطمئنان.
وبلغ من درجة شعوره بالمسؤولية عن رعيته أنه،رضي الله عنه، لم يكن ينام إلا قليلاً فكان ينعس وهو جالس فقيل له :\” يا أمير المؤمنين ألا تنام؟\” فقال : \”كيف أنام إن نمت بالنهار ضيعت أمور المسلمين وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله\”.
لقد علمنا الفاروق من قصة ذلك الأعرابي أن نحسن إلى الفقير وأن نتراحم فيما بيننا وأن نكون زهاداً في الدنيا، فقد كان الفاروق يحسن التعامل مع رعيته ويعدل بينهم فكانت المقولة الشهيرة التي قالها رسول من الفرس للفاروق :\”حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر\”.
لقد تعلمنا كثيراً من عظمة الإسلام ونبل الإيمان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتنا في مسيرة الحياة الدنيا ومن بعده الخلفاء الراشدون والصحابة الأكرمون نتعلم منهم الزهد والورع والتواضع والإحساس بالمسؤولية.
فقد كان الفاروق يخرج ليلاً يتفقد أحوال المسلمين ويلتمس حاجات رعيته التي استودعه الله أمانتها ويقول:\”والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسؤولاً عنها أمام الله، لماذا لم أعد لها الطريق\”.
ومن أشهر ما قاله الفاروق ليعلمنا الحكمة قوله: \”من اتقى الله وقاه, ومن توكل عليه كفاه.. وأصلحوا سرائركم .. تصلح علانيتكم\”.
للتواصل (6930973)

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *