[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR][/ALIGN]

قبل عام من الآن توفي صاحب أكبر لكمة فكرية تلقتها الصهيونية على مدى تاريخها المبني على التضليل وتسويق الخديعة ، والتي كانت ( أي تلك اللكمة )سبباً لتعرية كل دعايات حماية الحرية الفكرية التي كانت تدعيها أوروبا ولاسيما فرنسا !! الدولة التي احتضنت وربت وأنبتت وعي ذلك المفكر الكبير.. فقد رضع الحنان من ثدي أمه المسيحية ، وفي أحضان والده الملحد تلقى كل الرعاية والاهتمام علاوة على العلم والأدب ، ورغم هذا ، لم يكن لحليب أمه الكاثوليكي الذي بنى أنسجة عقله الغض خلية خلية أن يثني ذلك العقل عن التفكير والتحليق بمنأى عن قيود القداس وأجراسه نحو آفاق المنطق والفلسفة ، وأيضاً لم يكن لمساحات الفراغ الروحي والديني في ذهن ووجدان والده أن تلقي قلبه في متاهات إنكار الدين وحقيقة البعث والوجود ، إنه المفكر والفيلسوف الفرنسي « روجيه جارودي « صاحب كتاب « الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل « والذي بسببه حوكم وأدين بالسجن لمدة عام بتهمة « التشكيك في الهولوكوست « داخل فرنسا التي لطالما انتقدت كافة أشكال التقييد على الحريات الشخصية في الدول العربية وغيرها من البلدان والتي منها بالطبع حرية الفكر والتعبير والمعتقد ، لقد أسقط جارودي بكتابه هذا تلك الواجهة البراقة الهشة لأسطورة تبني وحماية الحرية الفكرية في دولته فرنسا وفي معظم البلدان الأوروبية التي لم تحرك ساكناً سواء منظمات المجتمع المدني أو المؤسسات الدولية والحكومية لإيقاف مهزلة محاكمة رجل لم يكن له ذنب سوى أنه أصدر كتاباً فقط ، ورغم هذا .. فقد انتصر جارودي وأظهر الوجه المشوه التي كانت تسعى تلك الحكومات والمنظمات جاهدة لمواراته وإخفائه .
أنا على ثقة أن جميع الصحف الأوروبية بما فيها فرنسا ستتجاهل ذكرى وفاة هذا المفكر ولن تلقي لها ذرة من اهتمام تماماً كما فعلت في العام الماضي حينما تجاهلته جميع الوسائل الإعلامية حينما توفي إلا صحيفة واحدة نشرت نعياً مدفوع الثمن لأحد أقاربه لم تتجاوز كلماته العشرين كلمة بحسب ما قرأت عنه في الملف الذي نشرته عنه مجلة العربي ، وبعد غدٍ الخميس 13 يونيو هي الذكرى الأولى لوفاة هذا المفكر الشجاع والفيلسوف المنصف وكل أملي أن تتعامل وسائل الإعلام في الدول الإسلامية مع هذه المناسبة بما يليق بهذا الرجل ، إن لم يكن تكريماً لأدواره المحورية في خدمة الإسلام فعلى الأقل لأنه لم يرحل إلا وقد نطق بالشهادتين أمام الملأ في المكتب الإسلامي بجنيف .
[email protected]
twitter:@adalshihri

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *