[COLOR=blue]سمير الحجاوي[/COLOR]

تعاني ثلث البشرية من ظاهرة الاتجار بالبشر ، فهل يعقل هذا؟ وهل يمكن تصور أن 2.5 مليار إنسان في مختلف أنحاء العالم يمكن اعتبارهم ضحايا السخرة والعمل القسري والتسول والصور المذلة للضحايا وتهريب البشر والهجرة غير الشرعية وتجارة الأعضاء البشرية والمرضى ومجهولي النسب واللقطاء.
هذه المعطيات الصادمة يمكن تكثيفها لتسليط الضوء عليها لتبيان حجم المشكلة عالميا، حيث تشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن 27 مليون شخص يعتبرون ضحايا مباشرين لعمليات الاتجار بالبشر منهم 15 مليون طفل، وتقول الإحصائيات أن 127 دولة تعتبر من الدول المصدرة لتجارة البشر، في حين تعتبر 98 من دول المرور، أما دول المقصد فتشمل 137 دولة، وهذا يعني أن العالم كله تقريبا متورط في هذه التجارة ، ويبلغ حجم سوق تجارة البشر أكثر من 36 مليار دولار سنويا.
أما الوضع في العالم العربي فلا توجد أرقام موثوقة أو معلومات يمكن الاستناد إليها عند الحديث عن قضية الاتجار بالبشر..
هذا الواقع المرير كان على طاولة البحث في ورشة بعنوان:الاتجار بالبشر في وسائل الإعلام، والمقصود بالطبع وسائل الإعلام العربية، التي شارك فيها عدد من المختصين والإعلاميين المهتمين بقضايا حقوق الإنسان والاتجار بالبشر، وقدموا حولها أوراق علمية تسبر غور هذه الظاهرة ومدى انتشارها في الوطن العربي والتعامل الإعلامي معها.
الانطباع الأولي يقود إلى أن ظاهرة الاتجار بالبشر في العالم العربي غير متفشية كما هو الحال في أمريكا وأوروبا وآسيا وإفريقيا، وليست متأصلة في العقل العربي أو الثقافة العربية، ولم تكن سلوكا أو ممارسة دائمة.
ولا يمكن السكوت على هذه الظاهرة، رغم انشغال الإنسان العربي بهموم القتال من أجل الحرية والبحث عن لقمة العيش ومقاومة الاستبداد والطغيان ومواجهة الأنظمة الدكتاتورية، وهو ما انفجر على شكل ثورات في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، فتجارة البشر تتفشى في البيئات غير المستقرة، حيث يكون الأطفال والنساء الحلقة الأضعف فيها، وهذا يحتم على وسائل الإعلام أن تتعامل مع هذه ظاهرة تجارة البشر بجدية واهتمام وأولوية، فالشعوب العربية ثارت من اجل حريتها وكرامتها وليس من اجل استعباد أطفالها ونسائها وبيع أعضائهم في السوق الدولية.
لا بد من الإشارة إلى أن كثير من الدول العربية ومنها قطر سنت قوانين جيدة لمكافحة الاتجار بالبشر، لكن العبرة تبقى دائما بالتطبيق العملي وليس بكتابة النصوص.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *