[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]جمعان الكرت[/COLOR][/ALIGN]

تظل مشكلة السكن والإسكان من أهم المشكلات التي تواجه الحكومات والشعوب في كثير من بلدان العالم , ذلك أن التزايد السكاني يتضاعف خلال عقود قليلة , يقابل ذلك نقص في فرص العمل وارتفاع في البطالة وانخفاض للمداخيل مما يفاقم المشكلة .حيث تضع أغلب الدول خططها الاستراتيجية لمعالجة أوضاع الإسكان يشترك في تنفيذها كلا القطاعين العام والخاص .. لتحقيق الأهداف المنشودة بتمكين الناس من الاستقرار الحياتي الذي يأتي في أولوياته إيجاد السكن المناسب للأسر , ليقيها لهيب الصيف وصقيع الشتاء ويخفف عنهم الكثير من الأعباء .
وقد حرصت حكومتنا على إقامة العديد من مشاريع الإسكان قبل أكثر من عقدين من الزمن في بعض المدن الرئيسية ., لكن غاب عنها وضع الآليات المدروسة لتوزيعها لمن يستحقها في ذلك الحين , فظلت لسنوات بلا سكان , لدرجة أن بعضها لا زالت خاوية خالية من السكان حتى الآن , رغم الحاجة القائمة كما هو الحال في إسكان مكة المكرمة .
وحرصا من خادم الحرمين الشريفين لمعالجة أزمة السكن والمساكن أمر – يحفظه الله – بإنشاء نصف مليون وحدة سكنية تباشرها وزارة الإسكان التي أعيد تشكيلها مرة أخرى . وذلك لخدمة أبناء شعبه وحل مشكلاتهم . ورغم مضي سنوات , إلا أن نسبة ما نفذ منها لا يتجاوز 3% حسب الإحصاءات المعلنة ! فهذا الكم الكبير من الوحدات المطلوب تنفيذها يحتاج معه إلى العديد من المرافق الأخرى كالمساجد والمدارس والحدائق والملاعب والميادين والأسواق وبقية الخدمات التي لم تغب عن أذهان المخططين دون شك . وخلال السنوات التي تسبق الإنجاز ستظهر حاجة أسر أخرى إلى السكن مع هذا التكاثر البشري الذي نتفوق فيه على الكثير من دول العالم ! مما يعني أن المشكلة متصلة الحلقات . ومع أن الدولة تسعى جاهدة لتشجيع القطاع الخاص لينهض بدوره الوطني في هذا الجانب إلا أن هناك من يتحرك لتحقيق مصالحه الخاصة فقط دون الاكتراث بالمصلحة العامة !فيقومون بإنشاء مبان كبيرة بها عدد من الشقق تنفذ بأي شكل كان , لأن همهم الوحيد جني المكاسب المالية الكبيرة فقط .
وكم من مواطن جذبته لوحات دعائية تنصب أمام عمارات ذات واجهات جميلة ( شقق للتمليك ) أو إعلانات تتصدر الصحف وبعض المنشورات تحمل حلمه الوردي الذي يسعى إليه منذ أن دخل معترك الحياة الزوجية وإنجابه الأطفال . فالشقة الصغيرة هي ما يتمناه ثم يدفع دم قلبه مما يملكه ويقترضه ليقوم بسداده طوال مشوار حياته . ويدخل مسكنه الجديد محمولا بالسعادة مكتسيا بالبهجة متناسيا هموم الدّين , كونه حقق هذا الحلم الجميل . ولكن سرعان ما تتبخر البهجة وتتلاشى السعادة بعد أيام قليلة من سكنه ليحلّ الهمّ والحزن والنّكد بدلا عنها , عندما يلاحظ التلفيات السريعة لرداءة الأدوات وسوء تنفيذ الأعمال . فكل ما في الشقة يحتاج إلى إصلاح وترميم وتبديل !! ويضطر مجددا للاقتراض ليصلح ما أفسده المالك والمقاول . وهو يتساءل بمرارة أين الرقابة وأين الإشراف وكيف حال الأساسات في ظل غياب المتابعة والمحاسبة وكم العمر الافتراضي للعمارة ؟ فمن قام بالغش في الشيء الظاهر يمكنه أن يقوم بالغش في الشيء الباطن . لأن أولئك المتربّحين على حساب راحة الناس , لم يستوعبوا حديث المصطفى عليه السلام القائل ( من غشنا فليس منا ) ولأن القضية تهم شريحة عريضة من المواطنين فمن المهم جدا أن تقوم الجهات المسؤولة بواجبها كاملا بوضع الحد الأدنى للمواصفات وتحديد الاشتراطات وتحميل الملاك والمقاولين المسؤولية لما يقع ولو بعد حين حرصا على سلامة أرواح الناس وممتلكاتهم وإبعاد المنغصات عنهم . وأرى أن من العدالة مطالبة من قام ببيع مثل تلك الشقق المغشوشة بتعويض من اكتوى بهذا الغش , والذي يمثل جريمة ليس في حق الأفراد فقط بل في حق الوطن والمواطنين .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *