تعدد الأدوار والأقنعة

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. موزة المالكي[/COLOR][/ALIGN]

طبيعي أن يكون للفرد عدة أدوار في حياته، ولكن حينما تتعدد هذه الأدوار تصبح هناك عدة قواسم مشتركة في حياته فهو لا يتبدل في أدائه لكل دور من هذه الأدوار ولكن لأن أهداف الإنسان المعاصر ومساحة طموحاته قد اتسعت وتفلطحت فإنه يتحول إلى التصنع وارتداء تلك الأقنعة في سبيل تحقيق أهدافه والتسلل على أطراف أصابعه إلى قناعات الآخرين.وارتداء الأقنعة عادة ما يعني أن هناك وجوهاً حقيقية يسدل عليها الستار وتختفي قسماتها ويتحول المرء إلى ممثل يفتعل الحزن من إنسان ويفتعل الفرح مع إنسان آخر ويفتعل الحب مع من يريد أن يوقعهم في شراكه ويتقمص شكل الحمل الوديع في عيون من يريد أن يخدعهم وأحياناً يفتعل دور الذئب ضد من يريد أن يهددهم وينتقم منهم، وهذه الوجوه التي يرتدي أقنعتها لتحقق أهدافه بطريقة غير مشروعة فيها كم هائل من المشاعر المزيفة والأحاسيس المرسومة بفرشاة كاذبة، وعادة الذين يرتدون الأقنعة يتسمون بشخصيات زئبقية ولا يعرفون معنى للأخلاق ولا يؤمنون بأن الإنسان يجب أن يكون هو نفسه في كل المواقف، فالمقنعون هم ممثلون على مسرح الحياة يلعبون أدوارهم الهزلية والسافرة والدرامية في آن واحد، وأحياناً يكذب مرتدو الأقنعة على أنفسهم حتى ينفعلوا بالدور الذي يقومون به حتى أنهم ينسون أنهم يمثلون على الآخرين، وأنهم يرتدون الأقنعة المزيفة تلك التي التصقت بوجوههم الحقيقية حتى أصبحت جزءاً منها.
وعادة ما يكون أصحاب الأقنعة أناساً قد مروا بتجارب قاسية في حياتهم وتعرضوا للخداع والتلون ولذلك فإن التصنع الذي يلجأون إليه ما هو إلا حيلة دفاعية يحققون من خلالها أهدافهم بطريقة مرفوضة.وعادة ما يضطر المرء في حياته العملية أن يفصل بين واقعه الشخصي ومقتضيات عمله، فإن كان في حالة نفسية سيئة في حياته الخاصة فإنه يضطر أن يستجيب لمقضيات عمله باللجوء إلى ارتداء قناع يعرض من خلاله وجهاً آخر غير وجهه الحقيقي، وتكون هذه من متطلبات العمل، حيث لا يمكن لمن يعمل في العلاقات العامة مثلاً أن يبدي الحزن على وجهه لأمر مر به في حياته الخاصة، فلابد من رسم الابتسامة وارتداء قناع الفرح لمواجهة الجمهور، وهذا عادة من أخف الأمور وقعاً على الإنسان.كثيراً ما نعبر عن مرتدي القناع بأن نقول \”إنه يظهر غير ما يبطن\”أو \”يعطيك من طرف اللسان حلاوة\”، ولكن غالباً ما يكشف المقنع عن نفسه إذا واجه موقفاً اضطره أن يعلن عن حقيقته وذلك لأن التقنع كما الكذب ليس له عمر طويل، فغالباً ما تهب رياح الحقيقة وتذر معها القناع وتسقطه لينكشف الوجه الحقيقي كما الشمس لا تحجبها أقنعة ولا تخفيها ستائر تُسدل عليها.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *