[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]منصور الهجلة [/COLOR][/ALIGN]

هذه ثلاثة مفاهيم كل واحد منها يشكل مصطلحا بحد ذاته له أحكامه وآثاره الأخلاقية والتقويمية، وهي محل اللبس والخلط بين تيارات الصراع الحضاري الأهلي منه والأجنبي، ولكل مفهوم من هذه المفاهيم قوم قد تترسوا وراء هذا المفهوم أو ذاك بدون نقد علمي كاف، فالفريق الأول: الغرب نفسه يحتاج إلى مناقشة عميقة في ثنائيتهم حول الغرب والآخر أعني مقابل غيرهم من الأمم وأصول وجذور هذا المفهوم الكوني، والفريق الثاني: الليبراليون الذين يحتاجون مناقشة في تلك القيم وأصولها الفلسفية التي أنتجها الغرب بأنها قيم مطلقة، ونقف معهم عند مفهوم التغريب لنضعه في مكانه الملائم، والفريق الثالث: الإسلاميون أو بعض منهم ممن يمارس وصف التغريب على كل من أو ما خالف اجتهاده من تجديدات في مجالات العلوم والقيم، لذا سنعالج مع هؤلاء مفهوم التغريبوفوبيا ، لذا محور المقال ستدور حول هذه المفاهيم الثلاثة حيث أصبحت مختلطة في خطابنا المحلي اختلاطا يصعب تمييز بعضه عن بعضه، خصوصا مع خطابات تزعم لنفسها البحث والأصالة والعلمية، وهذا الاختلاط قد يكون مقصودا ومتعمدا فيكون دافعه الهوى وهو منشأ الظلم، وقد يكون غير متعمد وغير مقصود ويكون دافعه الجهل، وكلا الأمرين (الظلم والجهل) منبع البغي في الخصومة المضادة للتعارف الحضاري (إنا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا).
والتعارف أساسه علمي وشروط وجوده عملية أخلاقية تقوم على التسامح والانفتاخ بالرغبة في التعلم.
فأولا: مفهوم (الغرب) كمفهوم ذي هوية مشكلة من قبل الغرب نفسه ويحرص دائما على تأكيدها، فهو إذن لم يتشكل في كنف الفكر الإسلامي أو الشرقي فالعرب قبل الإسلام لم يعرفوا هذا المصطلح ولا المسلمين في عصور الخلافة، بل يشير بعض الباحثين مثل ديفيد بلانكس ومايكل فراستو في مقدمة كتابهما “وجهة النظر الغربية من الإسلام في القرون الوسطى وبداية العصر الأوربي الحديث” أن أصول نظرة الغرب الحالية للإسلام ترجع إلى القرن الحادي عشر الميلادي (بداية الحروب الصليبية) حيث شكلت المراحل الأولى لنشأة الهوية الغربية الحديثة، وقد تتابع الغرب على التأكيد على هذه الهوية الغربية في أبجديات النهضة الأوربية ممن يطلق عليهم فلاسفة التنوير، الذين سحبوا تفوقهم بأثر رجعي واستنكاري، حيث رجعوا للحضارة اليونانية ووسموا تلك الحضارة بالعبقرية ومعجزة الروح اليونانية، مع محاولات الإنكار والجحد للأثر المصري والبابلي في الحضارة اليونانية ليعود الموضوع في النهاية عرقيا في تأكيد العقلانية الغربية وتفوق الروح الغربية. ففكرة (مفهوم الغرب) أساسها غربي يقوم على نظرية تفاوت أرواح الشعوب، وهي نظرية تختفى تأويلاتها تحت همسات تلك الثقافة، وعلى الرغم من ذلك، فلا يجرمنا شنئان هذه النظرية أن نعترف بما للغرب من فضل كبير على الإنسانية لكن مع الاعتراف بأن الحضارة عندما تتميز يجب عليها أن لا تنكر جهود مواصلتها لحضارات أخرى شاركت في تقدم الإنسان، وأما الحضارة العربية الإسلامية لا تقوم أساسا على فكرة عرقية فالأمة العربية تعلن دائما أنها عربية لا بالعنصر بل باللغة والتراث والدين والجغرافيا، وبهذا نكون كسرنا حواجز البعد القومي والعنصري المتخفي تحت مفهوم الغرب، بنفينا للتعامل الحضاري وفق مميزات عرقية، فليست هناك عقل غربي يقابل عقل شرقي أو عقل إسلامي يقابل عقل مسيحي أو غربي، أو عقل عربي يقابل عقل آري أو جرماني وهكذا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *