[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ. د. حسيب شحادة [/COLOR][/ALIGN]

أهمية الترجمة وضرورتها‏ منذ القدم وحتى‏ يومنا هذا،‏ أمرٌ لا تنتطح فيه عنزتان‏. تُعتبر هذه العملية الفكرية المعقّدة،‏أو كما تُسمّى أيضا بالفن تارةً‏ ،وبالعلم تارةً‏ ،أخرى، من أهم الوسائل لنشر العلم والمعرفة والتلاقح لدى شعوب العالم حتى في‏ عصر العولمة هذا‏ ،كما وأنها تساهم مساهمة جوهرية في‏ ،بلورة الحضارة الإنسانية العالمية‏. كانت للترجمة اليد الطولى في‏ إثراء اللغة العربية والأدب العربي‏ في‏ الماضي‏ الغابر وفي‏ العصر الحاضر الراهن على حدٍّ‏ ،سواء‏. كانت الغالبية العظمى من الترجمات إلى اللغة العربية في العصر العباسي‏ من اللغة اليونانية‏. بالإضافة إلى ذلك،‏ فقد ترجم العرب أيضاً‏ من اللغة الفهلوية‏ ،والسنسكريتية‏. امتدت مراكز الترجمة إلى مدن كثيرة و،لم‏ يصلنا الكثيرُ‏ ،عن الترجمة في‏ العصر الأموي‏ في‏ ،دمشق حيث تمّت في‏ تلك الحقبة ترجمات من اللغة السريانية إلى اللغة العربية‏.نما الاهتمام بالعلوم الأجنبية وزاد بمرور الوقت حتى بلغ‏ أوجَه في‏ القرن التاسع للميلاد في‏ عهد الخليفة العباسي‏ ،المعروف المأمون‏ (813-833). ففي‏ ،تلك العصور اهتم الخلفاء بالعلم والمعرفة كثيراً،‏ ولا‏ يرى المرء ما‏ يشبه ذلك في‏ العالم العربي‏ اليوم‏ ،الذي‏ ،يعدّ‏ اثنتين وعشرين دولة‏. وكان مؤسس مدينة السلام‏ ،بغداد،‏ الخليفة المنصور‏ (754-775) مولعاً بجمع المخطوطات اليونانية‏. أما في‏ مضمار ازدهار الترجمة فيحتلّ‏ ،لخليفة المأمون ابن هارون الرشيد‏ (786-833) المرتبة الأولى دون أي‏ منازع،‏ فهذا الخليفة قد أقام‏ “،بيت الحكمة‏” حسن السمعة في‏ تاريخ الحضارة العربية‏. وفي‏ رحاب ذلك البيت الشهير بل قل أكاديمية أو جامعة،‏ ،عمل مكتب جادّ‏ وهام في‏ مجال الترجمة‏. وقد ترجمت مؤلفات عديدة في‏ الطب والفلسفة والجغرافيا والرياضيات والفلك إلى العربية . مراكز علمية مثيلة أقيمت في‏ القرن العاشر في‏ ،كل من الأزهر في‏ القاهرة وفي‏ قرطبة في‏ الأندلس واعتبررت جامعة قرطبة في‏ القرنين العاشر والحادي‏ عشر أهم مركز علمي‏ في‏ العالم‏. من البديهي‏ أن حركة الترجمة تلك قد واجهت مشاكلَ وصعوباتٍ عميقة وشائكة،‏ هناك لغتان مختلفتان كل الاختلاف‏ ،اليونانية والعربية،‏ حضارتان متباعدتان‏. لذلك فإن إيجاد العبارات والمصطلحات الملائمة كان دونه خرط القتاد في‏ ،المرحلة الأولى للترجمة‏. ومن الجلي‏ أن الترجمة الناجحة تقوم عادةً‏ على دعائمَ أساسية ثلاث وهي‏: معرفة لغة الأصل أي‏ ،اللغة المترجم منها معرفة شبه تامّة،‏ ،معرفة اللغة المترجم إليها معرفة شبه تامّة علما وعملاً‏ ،أي‏ ،من الناحيتين النظرية والعملية، والدعيمة الثالثة،‏ دراية كافية بموضوع المادّة المترجمة،‏ فعلى سبيل المثال،‏ لا‏ ،يُعقل أن‏ يترجم شخص لا‏،يعرف شيئا في‏ الفيزياء مؤلفاً في‏ هذه المادة العلمية‏. على كل حال،‏ إن ترجمة الشعر تبقى،‏ على ما‏ ،يبدو،‏ أعسر المهام حتى الآن رغم التقدم التقني‏ الحديث فيما‏ يُسمّى بالترجمة الآلية‏.‏ ومن نافلة القول أن الهوة تتّسع كلما كانت الترجمة‏ غير مباشرة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *