[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]المهندس فضل كعوش[/COLOR][/ALIGN]
مناسبة يوم المياه العالمي ، ليست للأحتفال وتبادل التهاني ، بل هي مناسبة للتنبه والمزيد من الحذر، وتجديد الدعوة لتعزيز وتطوير أوجه التعاون والشراكة الفعلية ، بين دول وشعوب العالم ، وتبادل ألأفكار وألأراء والمعلومات والبحوث العلمية لمواجه المخاطر والتحديات الحقيقية ، التي باتت تشكل هاجسا كبيرا يتتهدد أهم ما يمتلكه ألأنسان على كوب ألأرض ، وهي مصادر المياه العذبة ، عنصر الحياة وأساس البقاء ، وقد تكون المياه ايضا سببا من اسباب الدمار والفناء في حالة هدر وإستنزاف وتلويث مصادرها ، ويبقى ألأمر دائما وأبدا لمشيئة الخالق وحده ، كما جاء في كتابه الكريم قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ?وَإِنَّا عَلَى? ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ}
لهذه الآية الكريمة معاني عظيمة ، تلخص كل ما كتب ونشرعن ترشيد أوجه إستخدامات المياه والحفاظ على مصادر المياه العذبة ، لأنها نعمة عظيمة مَنَّ الله تعالى بها على الانسان ، فالماء العذب أعظم صدقة ورحمة الله على خلقه ، فحيث وجد الماء وجدت الحياة ، فالبلاد التي لا ماء فيها لا حياة فيها .
ولهذه نزلت هذه الآية الكريمة ، لتحذر بني الإنسان من سوء إستخدام المياه ومن التبذير والهدر والتلويث ، لأن خالقها وباعثها قادرعلى ذهابها إن لم يحسن ألأنسان إستخدامها وإن لم يشكر العباد ربهم على هذه النعمة ، باالتقوى والعمل النافع ومخافة الله ، لا بالقول فحسب .كما ان الحديث الشريف لرسول الله ، صلوات الله عليه ، تناول أهم الجوانب المتعلقة بترشيد أوجه إستخدام المياه وتحريم الهدر والسرف :
رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ : مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ ) .
ولكن يبدو ان الأنسان قد ضل الطريق الى الأيمان بالله عز وجل فيما وهبه وإعطاه ربه من نعم ليحيا، فخرج عن طريق طاعته ، وأساء الحفاظ على تلك النعم العظيمة ، ومنها المياه والبيئة النظيفة ، فأفسد نظامها الذي خلقه خالق الكون ، ولهذا تقول الآية الكريمة \”وإنا على ذهاب به لقادرون\” ، وهو ما يكفي لتفسير طبيعة المخاطر والتحديات التي اصبحت تواجه مصادر المياه العذبة وتتهدد نضوبها وتلوثها ودمارها كاملة . ولهذا تناشد الأمم المتحدة في يوم المياه العالمي ، كافة دول العالم في تحمل المسؤولية والتعاون والعمل المشترك ، في التصدي للمخاطر الحقيقية التي تواجه مصادر المياه العذبة .
فالتحديات كبيرة وقد اصبحت تتسع وتتزايد ظواهرها وابعادها ، نتيجة للعديد من الأسباب ، وفي طليعتها التأثيرات السلبية المباشرة لظاهرة التغير المناخي المتفاقمة ، والأنحباس الحراري والأرتفاع العالي في المعدلات السنوية لدرجات الحرارة المصاحبة لتلك التغيرات ، الى جانب الضغط المتزايد على مصادر المياه العذبة ، وخاصة ما اصبحت تتعرض له الأحواض المائية الجوفية من حالات إستنزاف قصوي في العديد من دول العالم ، نتيجة للنمو الهائل في عدد السكان وتوسع المدن الكبرى والمناطق الحضرية وزيادة النشاطات الصناعية والزراعية ، وما يتوازى مع ذلك من زيادة في الطلب على المياه العذبة ، يضاف الى هذين البعدين مخاطر زيادة مصادر التلوث ، في كافة أشكالها وأنواعها ، العضوية وغير العضوية ، والتأثير السلبي الكبير على نوعية المياه ، وعلى مكونات البيئة المائية وأحواضها السطحية والجوفية على السواء ، كما ان النزاعات بين العديد من الدول ، حول أحواض المياه المشتركة ، اصبحت هي الأخرى ، تشكل جوانب ضغط اضافية لأزمات المياه والمشاكل الاجتماعية والصحية والاقتصادية المترتبة عن تلك لأوضاع ، وخاصة ظاهرة الفقر المائي ، الآخذة في لأتساع الكبير والسريع ، في أكثر من 65 % من دول العالم .
في ظل تزايد هذا القلق المصاحب للتحذيرات الشديدة لخبراء المياه والبيئة في العالم ، سارعت الجمعية العامة للأمم المتحدة ، للتحرك وتبني قرارا ، باعتماد يوم 22 أذار، مارس، من كل عام ليكون يوم المياه العالمي ولنقل يوما لقرع أجراس الخطر ، وتوجيه إنتباه دول وشعوب العالم الى اهمية هذا الأمر والى طبيعة وأبعاد المخاطر، التي أصبحت تتهدد مصادر المياه العذبة المتاحة التي لا تقدر قيمتها البالغة بأي ثمن ، وقد اصبح هذا اليوم يحمل في كل عام رسالة جديدة تتعلق بترشيد أوجه استخدامات المياه ، والحث على صون وحماية أحواض وأنظمة المياه ومصادرها الطبيعية من مخاطر الاستنزاف والنضوب والتلوث .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *