العالم الإسلامي ولهيب الصراعات
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد خليفة[/COLOR][/ALIGN]
يمثل العالم الإسلامي نظاماً دولياً عابراً للقارات، وهو إطار جيوسياسي لمجموعة من الدول تتجاوز روابطها المعايير الجغرافية والقومية وتنتمي إلى دين واحد هو الإسلام . ورغم ذلك، فالمسلمون ممتحنون في كل مكان، ومستضعفون في كل أرض، فوسط الركام الهائل المعتم الذي يلف العالم الثالث، ويمتد إلى المسلمين في العالم الأول، حسب تقسيماتهم، نجد أن المسلمين هم الهدف والإسلام هو المستهدف .وتبلغ المساحة الإجمالية للعالم الإسلامي 32 مليون كيلومتر مربع تمتد من إندونيسيا شرقاً إلى حدود جمهورية غويانا الأمريكية الجنوبية . وتعادل مساحة العالم الإسلامي أكثر من سبعة أضعاف مساحة دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة . وتعدّ كازاخستان أكبر دولة من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها مليونين وسبعمئة ألف كيلومتر مربع، وهو ما يعادل مساحة دول أوروبا الغربية مجتمعة . وتمتلك كازاخستان أكبر حدود إسلامية مع الصين (1533 كم) أما على صعيد خصائصه البحرية، فيتحكم العالم الإسلامي بأهم الممرات الملاحية والاستراتيجية في العالم، مثل قناة السويس، وعدد من المضايق الحيوية على مستوى العالم كمضيق جبل طارق، والبوسفور، والدردنيل ومضايق حيوية أخرى.
وتسيطر دول العالم الإسلامي على معظم مقاطع المحيط الهندي الذي يشغل حيزاً استراتيجياً، فهو شريان نقل الطاقة الذي يربط المحيط الهادئ بالمحيط الأطلسي، كما يصل آسيا وإفريقيا وأستراليا بعضها ببعض . ويحوي إقليم المحيط الهندي عدداً مهماً من المضايق الاستراتيجية أ
وبالرغم من أن الكتلة الديموغرافية للعالم الإسلامي تصل إلى نحو مليار وخمسمئة مليون نسمة، فإنه يعيش أزمات معقدة أقلها وأخطرها في الوقت نفسه قوته اليومي وسعادته الأسرية، وذلك يعود إلى ما اجتاح العالم من قبل التيار المادي الذي زعزع القيم والعادات والتقاليد، وأصبحت عملية التنشئة الاجتماعية تائهة بين المترادفات الثقافية والسياسية، ووسط ذلك يقف الجيل الجديد حائراً لا يعرف أين يضع قدميه، وينظر إلى المستقبل نظرة الحائر الخائف، لا المغامر الجسور، خاصة أنه لاحت في الأفق إشكالات تكاد تعصف بالمستقبل القريب والبعيد معاً، مثل التفرقة العنصرية، والظلم الاجتماعي، والحروب، والثورات، والجرائم، والتفكك الأسري، والانهيار النفسي بسبب الانقلابات العسكرية التي وقعت من خلال الجيش في العقود الماضية وبدل أن تأتي بالديمقراطية وتعلي حرية الفرد، وترسي حقوق الإنسان، إذا بها تأتي بقصد الحكم والتسلط وبسط نفوذها الحزبي.
وهذا ما حصل في بعض الدول العربية والإسلامية، فطفحت بالأخطاء، وحملت من الأوهام غير ما تحتمل الحقائق، وتلوثت بالشطط والانحرافات . كما سادت في بعض الدول – والواقع خير دليل على ذلك – النزعات الطائفية التي تنذر بتصدع تلك البلاد – والعراق خير دليل – إلى مناطق عرقية تتمزق معها الشعوب – وحتى العشائر – إلى فرق ومذاهب شتى، وقسمت حتى أبناء الدين الواحد إلى مذاهب مختلفة، وإذا كان الدين في جوهره هو حثّ الناس على التراحم والمحبة فيما بينهم، فإن الطائفية في جوهرها هي خنجر يطعن ديمومة الأخوة، لأنها حثّ على البغضاء والكراهية والتعصب . ما ذنبي إذا اختلفتُ معك ؟ أليست الأخوة في الوطن والإنسانية والانتماء لأب واحد أجدر بأن تجمعنا؟
إن الأمة الإسلامية هي أمة التعدد والتنوع، والاختلاف سُنّة الحياة، لذا على الأمم الإسلامية أن تنبذ بذور التعصب والطائفية، حتى تتبوأ مكانتها اللائقة بين الأمم، يعيش فيها الجميع في أمن وسلام في ظل الفطرة التي لا تتصور إلا الحق والخير المطلق، وإن الله سبحانه هو الحق ، وفي تناغم إنساني بديع» لكم دينكم ولي دين».
التصنيف: