[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فوزي عبد الوهاب خياط[/COLOR][/ALIGN]

جاءني أحد أبناء صديقي الذي بدأ يبحث عن \”بنت الحلال\” ليكمل نصف دينه وسألني بحماسة: لماذا يتداول الناس مقولة شائعة تؤكد بأن \”الحما .. عمى\” .. مما يجعل أهل العروس يخافون هذه الحماة ويحاولون أن يكسبوا ودها.. حتى تراعي ابنتهم فلا تؤذيها ولا تكدر خاطرها؟.وبادرت إلى سؤاله عن طرح هذه المسألة وبالذات في هذا الوقت الذي يهم فيه بالزواج ؟.. فسارع إلى القول بأنه لا يريد أن يأتي ببنت الناس فتكون والدته هي الخصم الأكبر لها رغم أنها تبدي الآن مشاعر كبيرة من الفرح لأن ابنها سيتزوج.
وعندما أكدت له بأن ليس كل الأمهات يفعلن ذلك .. قال: حتى ولو كانت أماً واحدة هي التي تجنح إلى هذا التعامل فإن هذا لا يليق أبداً والأوجب أن تكون أم العريس هي نفسها أم العروس وصديقتها وسندها في كل موقف لأنها تصبح مثل إبنتها تماماً.
صمت الشاب قليلاً ثم قال: لكنك لم تجبني عن سؤالي الذي طرحته عليك في بداية حوارنا.. فقلت: للأسف فإن بعض الحموات يفرحن قبل زواج أبنائهن.. حتى إذا ما تزوجوا شعرن بأن زوجاتهم سيأخذن أبناءهن !! ويبدأ الصراع.. الأم تريد أن تحتفظ بابنائها لها وحدها دون شريك .. والزوجات يردن الاحتفاظ بحقهن في التوحد مع أزواجهن.. ويشتد الصراع ويبدأ البيت السعيد في التصدع.
ويبدأ الرجل ليكون هو الخاسر الأكبر حيث يكون بين نارين فالحماة هي والدته التي يريد أن يكسب رضاها مهما كانت الظروف.. والعروسة هي زوجته التي يجب أن يقف معها .. ويؤازرها .. وينصفها .. فماذا سيفعل؟.
ولهذا فإن الحماة إذا لم تحب ابنها وزوجته أيضاً وتعمل على سعادتهما فإنها ستكون أداة تخريب وقلق وقد تهدم سعادة أبنائها وهي تدري.. أو لا تدري!!
أعرف أحد أصدقائي وقد كانت له أماً حرجة جداً لدرجة أنها حتى بعد زواج ابنها فهي \”تطربق\” البيت على الذي فيه ليظل محتفظاً بشرب براد الشاي معها ويترك زوجته وحدها.. وكان إذا أراد تجديد فرش شقته فإنها تلزمه بتجديد فرش شقتها أولاً.. وكان إذا أراد ابنها السفر مع زوجته وأطفالهما لقضاء إجازة مهما كانت طويلة أو قصيرة فإنها تملأ البيت ناراً من أجل أن تسافر معهم لتشرف بنفسها على كل كبيرة وصغيرة .. وكنت على قناعة بأن أم صديقي تفعل كل هذا من أجل حبها الكبير لابنها دون أن تدري بأنها تملأ عليه البيت نكداً.. وغماً .. وهماً.
ولهذا كنا دائماً نطالب بالأم المتعلمة.. والمثقفة.. والواثقة من أبنائها وأنهم لن يتخلوا عنها.. أو ينسوها.. كما ولن يفضلوا زوجاتهم عليها فالجنة تحت أقدام الأمهات.. وعلى الأمهات أن يساعدن أبناءهن ليستمتعوا بحياة حافلة بالسعادة.
وهنا ابتسم الشاب الجالس أمامي ليسألني عن الحموات وهمَّ بالرحيل وهو يتمتم : سأفكر .. سأفكر .. وقلت له: تفكر في إيه.. في كلامي الذي قلته .. فسارع إلى الرد: لا.. سأفكر في الزواج حتى لا تطيح السقيفة على رأس الضعيفة.
آخر المشوار
قال الشاعر:
أقسى الجراحات جرح لا يسيل دماً
وأعمق الحزن حزن ما له سبب

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *